عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: حارسها البعوعي

(1 )
كل الدلائل تشير الى أن هناك هجمة استثمارية ضخمة متجهة نحو السودان فبعد خروجه من الحصار الامريكي الظالم القاسي وانفتاحه على العالم او بالاحرى انفتاح العالم نحوه اخذت الأعين تتجه نحو السودان تحديدا نحو امكانياته الزراعية المهولة، فالعالم يعاني نقصا في المنتجات الزراعية ولكن كما يقولون شقي الحال يلقى العضمة في الفشفاش فكل الذي نخشاه اليوم هو تفجر احوالنا الداخلية فبلادنا مجيشة وخطاب الكراهية في حالة تصاعد كما أن جارتنا اثيوبيا والتي اقامت سد نهضتها على ظهرنا بدأت تتنمر علينا وليس من المستبعد أن تصل معنا مرحلة تقلب عاليها واطيها، فالبلاد في كف القدر ولكن دعونا نسأل الله أن يجنبنا شرور انفسنا وجيراننا ويجعلنا ملتفين ومتوحدين لاستقبال القادم الينا من استثمار اجنبي
(2 )
في سودان اليوم (بعد انفصال الجنوب) مائتا مليون فدان صالحة للزراعة وهي كلها مطرية ولكنها تحتاج لبنيات اساسية مثل حصاد المياه وطرق وكهرباء والذي منه وبالمقابل هناك خمسة ملايين فدان مروية في خمسة مشاريع بالاضافة لملايين الافدنة النهرية ويأتي على رأس هذه المشاريع مشروع الجزيرة بمليونيْ فدان ومائتي الف فهو كبير السحرة دون منازع ثم هناك الرهد والسوكي وحلفا الجديدة ودلتا طوكر والقاش وهذه المشاريع الخمسة هي نسبيا الاكثر تطورا من حيث البنيات الاساسية ففيها مصادر المياه والقنوات الجاهزة والكهرباء والنظم الادارية بيد انها مازالت تفتقر للكثير من اوجه التحديث ولكن مع ذلك هي الأجهز نسبيا لاستقبال المستثمرين المتوقعين ولكن الخوف كل الخوف أن تكون خارج الخارطة الاستثمارية المقدمة للقادمين من المستثمرين.
(3 )
اولى العقبات في تلك المشاريع المروية هي أن الحيازات الصغيرة اذ تقوم على نظام الحواشات التي يقوم عليها مزارعون وتقوم على الدورات الزراعية حيث يخضع المزارع لنظام ادارة زراعية منضبط لدرجة التسلط وفيها كلها المزارع مغيب عن اتخاذ اي قرار مصيري فوجوده في الحواشة قائم على نظام الانتفاع فقط وليس الملكية الحرة بينما المستثمرون يريدون مساحات واسعة وملكية العين او على الاقل ملكية منفعة لمدة طويلة تصل الى قرن من الزمان لإقامة بنيات اساسية لذلك سيكون من الاستحالة بمكان اقناع هؤلاء المزارعين بالتنازل عن ملكية المنفعة التي يتمتعون وبالطبع لن يفكر عاقل في ذلك
( 4 )
شهدت هذه المشاريع المروية في السنوات الاخيرة ما يسمى بالزراعة التشاركية وهي عبارة عن قدوم شركات قطاع خاص في الدخول في شراكة في محصول معين مع المزراع لموسم واحد (ثلاثة او اربعة اشهر فقط) حيث تقدم الشركة مدخلات الانتاج ويقوم المزارع بالعمل الفلاحي وبقسمة متفق عليها في المحصول وتقوم الادارة بدور المنسق وتأخذ الدولة ضريبة المياه والارض وفيما بعد ضريبة الصادر واي ضريبة محلية اخرى (بسط جد) ورغم محدودية قدرات الشركات وانانية بعضها الا أن التجربة تعتبر مفيدة جدا وقابلة للتطوير ويمكن عرضها على هؤلاء المستثمرين . في تقديري أن المستثمرين يمكن أن يكيفوا انفسهم على اوضاع وثقافة وتجربة هذه المشاريع وسيجدون في تجربة الزراعة التشاركية ما يحفزهم ويقلل لهم المخاطر ولكن الدور والباقي على اهل هذه المشاريع فهذه . فجماعة المصلحة المتمثلة في الادارات وتجار المدخلات وبعض موظفي الدولة وبعض قادة المزارعين كانوا العقبة في وجه اي تغيير في السياسات وفي وجه اي قادم جديد . لقد كانوا بمثابة البعوعي . غدا إن شاء الله نشوف حكاية البعوعي هذه.

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى