تحقيقات وتقارير

الحكم الإقليمي.. تفاصيل أول نقاش

ما أن اصدرت الحكومة قرارها استجابةً لاستحقاقات اتفاق سلام جوبا القاضي بإعلان الحكم الاقليمي في السودان.. الا وحمل الكثيرون هم أن يكون القرار بلا قدمين، أو يكون تنظيرا لا تسنده ارادة التصورات الفاعلة لتجربة تحقق اختراقا لصالح ديمقراطية الحكم في السودان..
بيد أن أولى محاولات سبر اغوار الحكومة وتلمس تنظيرات المهتمين افرزت اسئلة واسعة النطاق تدفع في اتجاه اشعال مؤتمر الحكم القادم بحسب ما نصت عليه اتفاقية السلام، جاءت عبر مركز ارتكل للتدريب الاعلامي بالتنسيق مع مفوضية السلام عبر استضافة حلقة نقاش حول (الحكم الإقليمي .. الضرورة والأضرار).

ضربة البداية
ابتدر الحديث مدير مركز ارتكل الصحفي عثمان فضل الله معرفا الحضور بالضيوف، منوها الى اهمية انضباط المتحدثين بالزمن المقرر لاتاحة الفرصة للحضور عبر التفاعل بالاستفهامات والمداخلات.
واستهل مفوض مفوضية السلام ب. سليمان الدبيلو الحديث، منوها الى أن اتفاق جوبا أسس لنظام حكم ينطلق من القواعد ويتجه الى أعلى، وقال: بمعنى آخر اتفاق جوبا احال الحكم الى الاقاليم، بدلا عن المركزية التي كانت موجودة في السودان.
واشار سليمان الى أن هناك تجارب كثيرة جدا في تاريخ السودان سابقا لنقل السلطة من الخرطوم، واستدرك: لكنها حقيقة كانت كلها مزايدات سياسية، مشددا على أنها ادت في نهاية الامر الى تركيز السلطة نفسها في الخرطوم وفي اشخاص فقط.

وأكد مفوض السلام أن القرار الذي صدر بالعودة الى نظام الحكم الاقليمي الفدرالي هو قرار مؤسس دستوريا على المادة 10(2) التي نصت على العودة الى نظام الحكم الاقليمي الفدرالي، فضلا عن المادة 10(3) التي ربطت هذه العودة بمؤتمر الحكم المقرر له خلال ستة اشهر، وأضاف: حاليا نحن في نهاية الشهر الخامس ليكون الشهر القادم وحاليا العمل جاريا للتحضير لهذا المؤتمر، عبر عدة لجان، متوقعا أن يكون جزء من الحضور في حلقة النقاش اسماؤهم ضمن ذلك المؤتمر.

وكشف سليمان عن أن مهمة المؤتمر تتلخص في تحديد الحدود للاقاليم وسلطات هذه الاقاليم وكيفية ادارة الحكم فيها، منوها الى أن السودان منذ زمن الانجليز خاض ذات التجربة وكان ست مديريات وتطور الى نظام الحكم الاقليمي اللامركزي، واستدرك: لكن لم تكن النوايا صادقة تجاه الامر كما له أن ينبغي، بحكم أن ذلك النظام يصلح للسودان..
وشدد سليمان على أنهم حاليا يسعون بجدية الى استخراج محاسن هذا النظام لتطبيقه في الفترة القادمة..
واكد مفوض السلام، أن اتفاق جوبا نفسه الذي يتأسس عليه قرار العودة للحكم الاقليمي يحتاج نفسه إلى نشر وعي، واضاف: تم نشر الكثير من التصورات السلبية لذا نحن كمفوضية نسعى لنشر هذا الوعي، وشرح هذا الاتفاق من الذين وضعوه، وتابع: فهناك قضايا كثيرة جدا تم التشاور والتفاوض حولها ، لذا من المهم نشر الوعي بذلك ونبدأ في دارفور وجنوب كردفان وغرب كردفان..وهكذا.
تفويض السلطات

من جانبه قال رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي، إن مثل هذه النشاطات مهمة جدا خصوصا وان السودان في ظرف تحول ديمقراطي يحتاج الى كثير من الاشياء.
واكد مناوي أن الفيدرالية اضحت مطلبا لكل حركات التحرر في العالم كله، مشددا على أن المطلب في السودان ليس جديدا بل بدأ منذ 1949م ابان تأسيس مؤتمر البجا وفي الخمسينيات ابان تأسيس جبال النوبة أو مطالبة الجنوبيين بالفيدرالية في البرلمان قبيل الاستقلال، واضاف: الحكم الاقليمي أو الفيدرالية يمثل خلفية تاريخية لكل تنظيم أو معارضة وظل أمرا متكررا. وشدد مني على أن الاصل في الفيدرالية انزال السلطات من المركز الى الناس، واضاف: هذه الحالة يتسق معها الحكم الرشيد، وهو ما لا يحدث الا بتفويض السلطات المركزية الى ما دون المركز وحتى مستوى مجلس القرية خصوصا في هذه الفترة حيث المعلومات متاحة من أقصى الشرق الى اقصى الغرب مما جعل المدن اريافا والارياف أضحت مدنا، وهو ما يفرض تفويض السلطات .
ونوه رئيس حركة تحرير السودان والحاكم الاقليمي المتوقع لدارفور الى أن تفويض السلطات في الفيدرالية يتم بالقانون والتشريعات، واضاف: لذا الجانب الذي يخاطب فيه اتفاق جوبا الموضوع هو تفويض السلطات وتقاسم القرار من اقل مستوى الى أعلى مستوى.

التزام حكومي
عضو مجلس السيادة والرئيس المناوب للجنة ازالة التمكين محمد الفكي سليمان، نوه في بداية حديثه الى أنه مدعو للاستماع فقط، قاطعا في الوقت ذاته بالتزامه بما قالت به اتفاقية السلام والموقف الحكومي، مشيرا إلى أنه طالما تم تحديد مؤتمر للحكم فهذا يعني أن الحكومة لم تضع رؤية نهائية، وتابع: خصوصا واننا في انتظار حركات الكفاح المسلح كالحلو وعبد الواحد ما يعني أن الحديث ليس نهائيا..
واكد محمد الفكي أن هناك رؤى تغيرت عبر التجربة المباشرة حيث كانت النقاشات العامة ترى اهمية وجود ولاة ووزراء ولائيين فاكتشفنا حجم الضرر الذي اصاب سلك الضباط الاداريين، الامر الذي يفرض اهمية وجود سياسي في المحلية على الاقل اذا لم يكن مستقبلا فليكن حاليا، هذا نقاش ادرناه.

وشدد عضو مجلس السيادة على وجود كم هائل من الافكار والاطروحات وأن ذلك ما سيعالجه المؤتمر، واضاف: كما لا ننسى وجود المصالح المتباينة فهناك ولايات ستقاوم بشدة لعدم الرجوع لمظلة سلطة الاقليم خصوصا الولايات الغنية التي ترى أن لديها وضع مميز سواء في شرق او غرب السودان كل ذلك سيناقش في المؤتمر.
ونوه محمد الى أن اقرارهم بالاقاليم كجزء من اتفاقية السلام شيء توصلوا اليه بعد التفاوض، واستدرك: لكن نحن على استعداد لسماع الناس لتخرج التجربة بصورتها النهائية، لأن الغرض الاساسي هو تطوير التجربة.
وقطع محمد الفكي بعدم التخوف من تعدد الرؤى والافكار، واضاف: حاليا نحن نسمع بعضنا البعض بعدما قضينا 30 عاما نسمع عزفا منفردا.

تقرير – عمار حسين
الخرطوم: (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى