وزير التربية والتعليم محمد الأمين: لم أقدم استقالتي وهذا ما قلته (…)
بروفيسور محمد الأمين التوم وزير التربية والتعليم الذي يصفه البعض بالسابق، عرف عنه الهدوء والترتيب.. التقته مصادر موثوقة وطرحت عليه بعض الأسئلة عن فترة توليه المنصب فكان هذا الحوار.
هل كانت استقالتك رد فعل على تجميد المقرر الجديد؟
لكنني لم أقدم استقالتي.
لكنك كتبت استقالة ونشرت في وسائل الإعلام؟
أبداً لم أقدم استقالتي، كتبت توضيحاً لوجهة نظر في قضية تربوية، ربما فهمها البعض استقالة .
هل سببت المناهج أزمة بينك ورئيس الوزراء ؟
نعم.
وهل كان ضرورياً تفجير قضية تغيير المناهج؟
كان من الضروري تغييرها، نحن انتقلنا من نظام استبدادي إلى نظام ديمقراطي ونريد مجتمعاً منفتحاً على العالم ونظام التعليم الذي كان متبعاً في عهد النظام السابق لا يخدم أهداف الثورة، وكان لا بد من تغيير جذري لنظام التعليم، ليتواءم مع المجتمع المنشود، كما أن الوضع المعرفي المتفجر في العالم ومهارات القرن والنظام التعليمي يجب أن يزود بها الطالب، مما يتطلب مراجعة وتغيير المناهج.
هل استجاب رئيس الوزراء لمن أسميتهم الثورة المضادة ؟
لا أعرف، ذهبت مجموعة من بينهم طائفة شؤون الأنصار والختمية وأنصار السنة المحمدية والإخوان المسلمين إلى رئيس الوزراء وبعد ذلك أصدر حمدوك قراراً بتجميد المناهج الجديدة .
هل اتصل بك حمدوك قبل أو بعد إلغاء المنهج الجديد ؟
لا .
التقى بتلك المجموعة ولم يتصل بك بماذا تفسر هذا الأمر ؟
الوزير في أي وزارة هو المستشار الأول لحمدوك كنت أتوقع أن يتصل .
وهل ما تزال تنتظر مكالمة من حمدوك ؟
هو عملياً أصدر قراراً فلماذا انتظر مكالمة منه .
إذا تم ترشيحك لمنصب حكومي مرة أخرى هل ستوافق ؟
لكل حدث حديث، لكن بصفة عامة بالنسبة لي لن أتوانى عن خدمة الوطن.
هل أنت غاضب ؟
(من ماذا؟)
مما حدث ؟
أبداً.. سأكون شخصاً غير وطني، وهذا يتناقض مع الشخصية السودانية، معظم السودانيين تربوا تربية معينة ما في زول (بمشي بدهنس) ، أنا لم يحدث أن جريت وراء منصب سواء منصب غفير أو وزير، (ماربونا عشان كدا) .. ومن المعروف أنه سيكون هناك وضع سياسي جديد بعد اتفاق السلام أن الوزير يجب تغييره.
(عفواً) أقصد أنك غاضب من تصرف حمدوك تجاه قضية المناهج ولأنه لم يتصل بك ؟
لا أستطيع تسميته غضب .
وماذا تسميه إذاً؟
بيان التجميد غير موفق، هذا تصرف مؤسف وليس متوقعاً من رئيس الوزراء
قضية المناهج أخذت أكبر من حجمها ؟
أخذت حجمها، وحجمها في نظري أن الهدف هو وقف التغيير الجذري، وهو جزء من مخطط كبير لاجهاض الثورة ، لذا يجب النظر لهذه القضية من جميع الابعاد .
لجنة إعداد المنهج هل تضم اعضاءً بمجمع الفقة؟
ليس بالضرورة، اللجنة متخصصة .
كتاب التاريخ للصف السادس الابتدائي ولوحة الرسام العالمي مايكل انجلو؟
أصدرت قراراً بتكوين لجنة لتقييم الكتاب وقدمت تقريرها، هذا الكلام قبل أن تنتقل القضية إلى المنابر .
وماذا كان تقريرها؟
إن الكتاب غير مناسب .
بسبب لوحة مايكل انجلو؟
لم تذكر اللجنة لوحة خلق آدم أصلاً .
ولماذا لم يتم الإعلان عن هذه اللجنة.. إلا بعد أن أصبحت قضية المناهج رأياً عاماً؟
كنا بصدد إعداد كتاب آخر حسب قرار اللجنة .
المناهج تسببت في مشكلة كبيرة ؟
لا أرى أن ثمة مشكلة .
كيف لا توجد مشكلة وأنت تراها جزءا من مخطط لاجهاض الثورة؟
احد المسؤولين علق بأنه اذا كانت المشكلة في لوحة مايكل انجلو (يشرطوا الصفحة وتنتهي المشكلة .
اصبحت قضية رأي عام وتناولتها وسائل اعلام خارج السودان ؟
القضية لا علاقة لها بالمناهج .
هل ترى أنك مقصود شخصيا ؟
يستهدفون مشروع التغيير في الوزارة، هذه اللوحة لا علاقة لها بالعقيدة، اللوحة نموذج لعصر النهضة الاوربية، ومن ابرز ماحدث فيه هو التقدم في مجال الفن، ومايكل انجلو كان نموذجا في المقرر ، المقرر ليس عن مملكة هارون الرشيد، هذه نهضة اوربية هم مسيحيون وهذا فهمهم .. سمعت ان احدهم قال ان كتاب الجغرافيا للمرحلة الثانوية فيه صورة بالغلاف تجسيد للذات الالهية ، (30 سنة مافي زول فتح خشو).
لماذا ذهبوا الان لمنابر المساجد؟!
المشكلة لا تطلب الذهاب بها الى منابر المساجد، امام المسجد نفسه لا يمكن ان يحدد ما يحتاجه التلميذ ، معلمون اشاروا الى انهم درسوا مادة التاريخ وان الطلاب تعاملوا مع اللوحة عادي لانه لا علاقة لها بعقيدتهم .
تقصد لا ترقى ان تكون قضية المناهج قضية قومية ؟
عملوها الحاد وكفر، لكنها لا ترقي ان تكون قضية قومية ، يكفي تكوين لجنة من مختصين والوزارة شكلت لجنة واصدرت توصياتها.
اطلعت على الكتاب قبل طباعته ؟
لا.. فأنا لا دخل لي فأنا لست مختصا في التاريخ ، هذا عمل المركز القومي للمناهج، اطلعت عليه بعد الجدل الذي حدث ، ووجدت الجزء الخاص بعصر النهضة ضعيف ، ووجهت بمراجعة الكتاب .
اعتبر البعض انك لم تُوفق في اختيارك لمدير المناهج د.عمر القراي وهو شخصية مثيرة للجدل ؟
مثير للجدل لدى مجموعات دينية ، لا انظر الى فكره ، هذا المنصب يتطلب التعامل معه بتأهيل واختصاص معين ، لا يتطلب النظر الى انتمائه الحزبي، الوظيفة لا تتطلب شخصا يفكر تفكير ايديولوجي معين ، القراي لا يضع المنهج (الجماعة ديل عارفين المنهج) .
من هم هؤلاء الجماعة؟
الطوائف الدينية التي اثارت موضوع المناهج، القراي مهمته تكوين لجنة لاعداد المنهج شارك فيها 64 من المختصين ، القراي لم يضع المنهج حتى يدخل منهج محمود محمد طه في المنهج، القراي ليس بالسذاجة ليستغل الفرصة ويُشبع الاذهان الرخوة بالفكر الجمهوري.
تكلفة صناعة الكتب ؟
لا اذكر بالضبط .
ماهي المشاكل التي واجهتك خلال توليك رئاسة الوزارة ؟
المشكلة الواضحة للناس كلها هي مشكلة توقف الدراسة ، لكن توجد ظروف موضوعية لتوقفها مثل السيول والفيضانات ، الكورونا ، عدم توفر الكتاب المدرسي ، عدم اجازة قانون تنظيم التعليم العام
نتيجة الشهادة الثانوية الماضية اعلنتها وكيلة الوزارة ، لماذا لم تحضر ، هل كنت (حردان) كما ذكر البعض بعد الجدل الذي اثير حول المناهج ؟
لا (احرد لشنو) ، اظنني كنت مريضا .
لا تذكر رغم انها اول نتيجة وانت على كرسي الوزارة ؟
اظنني كنت مريضا.
كنت مريضا ؟
نعم ، مافي حاجة تدفعني للكذب .
من الذي رشحك للوزارة ؟
اولا تم ترشيحي من قبل تجمع المهنيين، وفيما بعد علمت بترشيحي من نداء السودان .
وافقت سريعا ؟
اتصلوا بي وذهبت اليهم وعرضوا علي المنصب، وقبلت ، لكن في البداية قلت لهم هذه الوزارة يجب ان تكون وزارة شباب ، لكنهم اصروا ، واشترطت عليهم بأن نبحث معا عن شخص مناسب .
راض عن تجربتك ؟
جدا ، والمفترض عمله عملناه
هل تشعر انك قدمت تجربة مفيدة رغم الهجوم الذي تعرضت له ؟
الناس يقيموا .
هناك مقترح بدمج التربية الاسلامية والقرآن في مرحلة الاساس؟
لكن اصحاب الغرض سيقولون ان الوزارة تريد ان تمس العقيدة والدين، في نهاية الامر مهمة المدرسة ان تُحفظ الطفل القرآن ام تعطيه المهارات والادوات والمعارف التي تجعله يفهم ويقرأ القرآن بسهولة ، واذا اراد أن يحفظ يذهب الى البيت.. المدرسة تعلمه الاساسيات في المواد ليطور نفسه، وهذا هو المقصود ، توجد مساجد وخلاوي ، ويمكن للراغب أن يحفظ فيها القرآن .
هذه مواضيع حساسة في المجتمع؟
الحديث عن انه محاربة للعقيدة كلام غير موضوعي، لا يوجد من يريد أن يتم الغاء التربية الاسلامية من المناهج.
تغيير المناهج بدأ بالتربية الاسلامية لماذا؟
الوزارة لم تعط التربية الاسلامية الاسبقية ، الاولوية كانت لمناهج الصفين الاول والسادس ، وتم تكوين اللجان ولجنة التربية الاسلامية من اوائل اللجان التي سلمت المنهج..
بالنسبة لنا تغيير المناهج بهدف وضع مناهج جيدة تساهم في جودة التعليم ، وتخدم مجتمع الثورة ، وكان لا بد من منهج قومي للتعليم قبل المدرسي ، واعداد منهج لبعض الفصول في المرحلة الابتدائية ، كما انه لا يوجد منهج للصفين الاول والسادس ، لكن اتخذنا قرار بمراجعة المناهج للصف الاول ، الثاني والثالث ، الرابع والخامس بهدف تخفيفها لانها كانت (مكدسة ومحشوة) ولا بد من تنقيحها ، ولم يتم وضع منهج جديد .
حاليا لا تغيير للمناهج؟
للصفين الاول والسادس فقط ، وكما ذكرت تم تنقيح لبعض المواد، حتى مقرر الثانوي كما هو ، لكن جاري العمل لتغييره .
التعليم الخاص فيه مشاكل كثيرة؟
نعم، قانون التعليم الخاص بوزارة العدل لاجازته وسيحل كل المشاكل .
اكثر ما يقلقك في التعليم الخاص ؟
في بعض الاحيان نظرة المؤسسة التعليمية نظرة تجارية، والتلميذ شيء ثانوي وليس اساسيا .
توجد هجرة من التعليم الخاص للحكومي ؟
بسبب الرسوم، ويهاجر بعض المعلمين بسبب ضعف المرتبات الى التعليم الخاص .
البيئة المدرسية ما تزال سيئة ؟
يوجد اكثر من 16 الف فصل في مرحلة الاساس، اما من القش او غير موجودة اصلا ، وبعض التلاميذ يدرسون تحت الاشجار ، لكن هذه المشكلة يمكن حلها .
لا وجود لمجانية التعليم ؟
موجودة ، واذا تم فرض رسوم على اي طالب على ولي امره ان يقدم شكوى رسمية .
التحديات التي تواجه الوزير الجديد ؟
زيادة الإنفاق على التعليم ليصل الى20% ، واجازة قانون التعليم ، وتدريب وتأهيل المعلم لتقديم تعليم جيد التعليم ، صحيح تمت زيادة مرتبات المعلمين ، لكن بعد زيادة نسبة التضخم تم بلع تعديلات المرتبات .
قبول الطلاب في كلية التربية يكون بنسب متدنية جدا ؟
صحيح.. خاطبنا وزارة التعليم العالي العام الماضي واقترحنا بأن القبول في كلية التربية لا يقل عن 70%، واذا أحرز طالب نسبة اعلى من 80% ويرغب في دخول كلية التربية وستوفر له الوزارة منحه ، لاننا نريد معلمين متميزين، اذا تخرج الطلاب بنسبة متميزة يتم منحهم فرصة لدراسة الماجستير مجانا .
هل تم فصل معلمين منتمين للنظام السابق من الوزارة ؟
لا.. لم يحدث ذلك، فليس مهما ما اذا كان المعلم من حزب المؤتمر الوطني المحلول ام لا ، ام حركة اسلامية او غيره..
المهم عندنا مشروع نريد تنفيذه، لكن اذا ظهر معلم معوَقا سيكون هناك رأي اخر ، رغم ان قانون 2001م لا يسمح للوزير بتعيين او فصل معلم .
حوار – وجدان طلحة
الخرطوم: (صحيفة السوداني)