عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: في هوى مصر

(1 )
في الاستديو التحليلي لمبارة المريخ مع الاهلي المصري والتي انتهت بفوز الاهلي 3\صفر مع الرأفة ارجع المعلق الرياضي المصري سبب هذة الهزيمة الكبيرة لانبهار اولاد المريخ باستاد القاهرة واضوائه الباهرة وشكله البديع ووصفهم بانهم كانوا وكأنهم غير مصدقين بأنهم في القاهرة ذات نفسها. في تقديري ان هذا المعلق اصاب (كبد الحقيقة) وغاص في نفسية لاعبي المريخ من خلال ملاحظته الدقيقة لحركاتهم وهم يدخلون الميدان فكان الاقرب أن يقول انهم كانوا مرهوبين بمواجهة فريق القرن صاحب البطولات الافريقية القياسية والذي كان قادما من منافسات كأس العالم للاندية التي اقيمت في دبي حيث احرز المركز الثالث .ماحدث للاعبي المريخ ليس جديدا على النفسية السودانية في مواجهة المصرية فالذين قرأوا عن الذين فاوضوا المصريين ووقعوا اتفاقية مياه النيل 1959 سوف يجدون نفس وصف المعلق الرياضي وتجلى هذا اكثر في اشعار محمد سعيد العباسى وغيره من الادباء وكافة النخبة السودانية عندما تحل بالقاهرة. سم هذا ما شئت؛ انبهارا عقدة، انبطاح، فقد اضحى من متلازمات العلاقة السودانية\ المصرية ففي هذا السياق يمكن فهم التصريحات الاخيرة للسيدة مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية التي اقامت الدنيا ولم تقعدها
(2 )
قبل ايام قرأت مقالة متفردة للدكتورة اماني الطويل الباحثة بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية اوردت فيها وثائق تاريخية توضح أن المخابرات البريطانية كان لها جهد كبير في شيطنة مصر في الذهنية السودانية اذ كانت تروج لشوارد المواقف والاقوال التي تدعم ذلك التوجه ولكن ما لم تقله الدكتورة المحترمة ان كثيرا من السياسات المصرية كانت كفيلة بفعل ذات الشيء دون الحاجة للفبركات المخابراتية ولكن مع كل ذلك يبقى التعلق السوداني والانبهار بمصر حقيقة فرضتها ظروف موضوعية فمصر ظلت هي الممول الاكبر للسودان في الادب والثقافة والفكر والفن ويكفي أن اكبر حركتين سياسيتين في السودان قدمتا من مصر وهما الحركة اليسارية والحركة الإسلامية بالإضافة للمنتجات المادية التي تملأ الاسواق السودانية من عمق التاريخ الي يومنا هذا. فالسوداني يتعلق بمصر دون أن يذهب اليها اما اذا ذهب إلى مصر وتذوق حلاوة اللسان المصري وفلهوته يحدث له الانبهار والانبراش وفي ذات الوقت يصف المصريين بانهم اولاد لذين وابالسة يمشون على الارض. بعبارة تجده يحب المصري ويبغضة في نفس الوقت كما يقول المثل السوداني (ما بريدك وما بحمل براك ) فهذا الشعور المزودج سيظل ملازما للسوداني تجاه المصري لزمن قد يطول، اللهم الا اذا تغيرت اشياء موضوعية كثيرة.
(3 )
عودة لحديث المنصورة فهو لا يخلو من (شتارة) لاتليق بوزير خارجية ولكن في نفس الوقت الحملة المنظمة التي قوبلت بها هذه التصريحات حملتها اكثر مما تستحمل فالقصد منها تصفية حسابات سياسية فمثلا كلمة استاذي التي وردت على لسانها وهي ترد على السائل ففي تقديري انها تدل علي رقي وتحضر ولكن الاخطر ان الحملة تعدت مريم الي العلاقة المصرية السودانية وهذا امتداد للشيطنة المخابراتية البريطانية فالظرف الحالي لايسمح ابدا بتعكير هذه العلاقة فالسودان ومصر الآن في مركب واحد في مواجهة سد النهضة هذا الخطر الداهم على البلدين والراجع في نفس الوقت لتفريطهما هذا بالاضافة الى أن السودان الآن في حالة مواجهة حقيقية وخطيرة مع اثيوبيا في الفشقة عليه يصبح التقارب لا بل التعاضد السوداني المصري امرا حتميا فعلى الإعلام السوداني الرسمي والشعبي أن لايسقط في هذا الفخ ونواصل ان شاء الله.،

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى