تحقيقات وتقارير

انتشار سرقة الكوابل في السودان .. لصوص الكهرباء من هُم؟

كثرت في الآونة الأخيرة التعديات على المنشآت النفطية والكهربائية في السودان وبصورة أدق سرقة وقطع الكوابل والتي تقدر بأموال طائلة ..

 

فكيف تُسرق تلك الكوابل وبأي طريقة وأين تُباع خاصة وأن عمليات البيع تبقى مكشوفة كونها كوابل معروفة ومرصودة، وما هي الأسواق التي تُباع فيها ومن هم المشترون وكيف يشترونها.. ومن هم لصوص الكهرباء؟

(الصيحة) أجابت على كل تلك التساؤلات في تحقيقها التالي:

 

طريقة السرقة

كشف فني كهرباء ــ فضل حجب اسمه ــ طريقة سرقة الكوابل من المخازن، وقال إن السرقة دائماً تتم بوجود جهة فنية وجهة أمنية وجهة إدارية، إضافة إلى وجود السواقين، وأوضح في حديثه لـ (الصيحة)، أن العملية تتم بالتنسيق بين تلك الجهات بعمل شورت في الكهرباء وضرب المحول، ومن ثم يصل اللصوص لتصليح العطل لكنهم يقومون بالسرقة ..

 

وأضاف قائلاً: بعد خروجها يتم تسليمها إلى شبكة بالخارج تقوم بالتقطيع أو تقوم بتسليمها لمقاولين يستخدمونها في عملهم .

وذكر: بمرور الزمن وبعد المراجعات يتم اكتشاف السرقة ولكن في النهاية تحدث تسويات وتغلق القضية ..

 

3 ملايين دولار

من جهتها، كشفت وزارة الطاقة والنفط قبل أيام عن رصد 200 حالة تعدٍّ على المنشآت النفطية في الحقول المختلفة في العام 2020.

وقال وكيل قطاع النفط بوزارة الطاقة والنفط، حامد سليمان حامد، إنّ التحديّات الأمنية تعدّ أكبر التحديات التي تواجه القطاع. وأضاف” تمّ رصد 24 حالة تعدٍّ وسرقةٍ وقطعٍ للكوابل بمربع2A بقيمة ٣ ملايين دولار”.

 

إجراءات مشددة ولكن!

مصدر بإحدى إدارات الكهرباء قال، إن الكوابل التي تكون بالحظائر يخضع استلامها إلى إجراءات صارمة، ويتم تصديقها لجهة معينة، والطلب عادة يكون للكيبل ونوعه، ومن ثم الاستلام يكون في الحظائر التي تكون محروسة، ثم يتم استلامها بحراسة مشددة من أجهزة الأمن، وأضاف قائلاً: مثل تلك الكوابل لا يمكن سرقتها إلا بعون من بعض الجهات.

 

وقال أما الكوابل التي تكون بين المدن فتصعب حراستها وبالتالي تتعرض للسرقة باستمرار ..

 

وقال إن رفع الكوابل بعد سرقتها يحتاج إلى كرين وعربتين لنقلها، وتكون العملية واضحة ومكشوفة، وقال إن السرقة في المدن لا تتم إلا بمعاونة من جهات محمية، وأوضح أن السرقات تمت في بورتسودان والخرطوم وسنار وغرب السودان بطريقة واحدة ..

 

الموت بالكهرباء

في حين صرح لـ (الصيحة) مصدر أمني بقوله، إن سرقة الكوابل دائماً ما يصاحبها إزهاق لأرواح السارقين بسبب تيار الكهرباء العالي، وأكد أنهم وجدوا عدداً كبيراً من الميتين بالقرب من الحفريات التي تتم لأجل السرقة ..

 

وقال إن السلطات ألقت القبض على مجموعة تخصصت في سرقة الكوابل في بورتسودان ومدني ودارفور وسنار ..

 

وأوضح أن سرقة الكوابل القصد منها الحصول على النحاس لارتفاع ثمنه، حيث يبلغ الكيلو منه عالمياً نحو 7 دولارات ..

 

بيع الكوابل

وحول بيعها قال، إن بيع الكوابل بعد سرقتها يُباع لبعض المصانع المحتاجة، وهنالك من يعمل على صهرها ومن ثم بيع النحاس أو الحديد …

 

كوابل الفولة

وكان مجهولون في مدينة “الفولة” غرب السودان، قاموا بقطع وسرقة كوابل HV كوابل ضغط عالٍ- وتكسير RMUs – الإمداد الكهربائى رئيسي- ومواسير وبلف أربع آبار مما تسبب في تدفق خام النفط على الأرض لساعات.

 

وأوضح مصدر وزاري رفيع لـ”الراكوبة”، أن المجموعة المجهولة تعمّدت التخريب الممنهج, وقامت بكسر وسرقة كوابل ومواسير أربع آبار بمدينة الفولة في ولاية غرب كردفان.

 

في حين أكد المصدر, أن العمل “متكرر” ويحدث بطرق مختلفة من قطع للكوابل وكسر للمواسير وسرقتها.

 

وأضاف” تسبب هذا في إهدار خام النفط عبر تدفقه على الأرض لساعات”.

 

ومضى يقول” عناصر النظام البائد هي طرف أصيل في هذا العمليات التخريبية الممنهج في قطاع النفط”.

 

سرقة الكوابل تحتاج إلى مجموعة أشخاص

من جانبه قال المهندس عبد المنعم عبد الرحمن إن سرقة كوابل الضغط العالي للنفط و”البلوف” و”المواسير” عملية تؤثر مباشرة في التشغيل وتعيقه ويمكن أن تودي إلى إيقاف الضخ..

 

وذكر “البلف يعمل كنترول على تدفق النفط”. ونبه عبد المنعم, إلى أهمية حراسة هذه الخطوط المهمة من قبل الأمن الذي كان يقوم بحراستها في السابق.

 

وأفاد في نفس الوقت, بأن منهجية التخريب واردة جداً لأن عملية سرقة بلف يزن حوالي 5 إلى 6 أطنان تحتاج مجموعة من الأشخاص وسيارة شحن لنقل البلف وهي عملية صعبة ومكلفة.

وأضاف” يترتب على هذه السرقات خسارة كبيرة ومضرة بالبلاد”.

 

كوابل كبري شمبات

كانت شرطة مباحث قسم الأوسط أم درمان قد تمكنت من فك طلاسم بلاغ سرقة الكوابل من كبري شمبات، وذلك بعد ورود بلاغ من قبل أحد العاملين التابعين لإحدى الشركات المسؤولة عن الكيبلات بكبري شمبات يدعي فيه حدوث سرقة كوابل كانت محفوظة داخل الغرفة المتصلة بالكبري والتي تم كسرها وسرقة (26) مساراً تقدر قييمتها بمليار ومائة وسبعين ألف جنيه، وتم فتح البلاغ بالحادثة في فترة سابقة وباشرت الشرطة تحرياتها وقيد البلاغ ضد مجهول، وبيوم 22 يناير من العام الحالي ورد بلاغ آخر من مهندس يتبع لذات الشركة يفيد خلاله بسرقة كيبلات أخرى من أعمدة والتي لا يمكن أن تكون إلا بواسطة مهندس وأن فك الكوابل بهذه الطريقة لا يتم إلا بواسطة متخصص، وبالرجوع إلى البلاغ الأول وتكثيف التحريات وتجنيد المصادر، توصلت الشرطة للمتهم الذي هو نفسه المبلغ في البلاغ الأول ثم استدعاؤه وبالتحري معه أقر بالواقعة مرشداً عن مكان الكيبلات المسروقة مؤخراً التي تم تحريزها والتحفظ على العربة التي نقلت المسروقات وشيك بقيمة خمسة ألف جنيه ليصل عدد المتهمين في البلاغ (5) متهمين جاري التحقيق معهم ..

 

ظاهرة إقليمية

المهندس عمار سيد أحمد محمد علي قال، إن سرقة الكوابل منتشرة في الإقليم والوطن العربي في مصر ودول الخليج، وأوضح أن السلطات السعودية في العاصمة الرياض كانت قد ألقت القبض على تشكيل عصابي مكون من سبعة وافدين، تخصصت في سرقة الكابلات النحاسية وقواطع الكهرباء وارتكبوا 24 عملية سرقة.

 

وقال المُتحدث الإعلامي لشرطة منطقة الرياض، الرائد خالد الكريديس، بأن الأجهزة الأمنية تمكنت من القبض على تشكيلٍ عصابي مكون من سبعة وافدين من الجنسية السودانية، تورطوا بارتكاب «24» حادثة سرقة كيابل نحاسية وقواطع كهربائية من داخل مستودعات في أحياء «السلي – المشاعل – العزيزية”.

 

وأضاف أن التشكيل العصابي قام بتجميع المسروقات في منطقة خالية بحي السلي شرق مدينة الرياض لاستخلاص مادة النحاس منها، وتم ضبط كمية من المسروقات بحوزتهم تبلغ قيمتها «800.000» ريال.

 

تصدير الخردة

وأوضح عمار لـ (الصيحة)، أن سرقات الكوابل لا تتم إلا بمساعدات من جهات خاصة الكوابل التي تكون في الخدمة لأنها كوابل ضغط عالٍ وفيها تيار كهربائي ولا بد من فصل التيار الكهربائي بغرض السرقة.. مشيراً إلى أن السلطات نجحت في القبض على عدد من المتهمين في السابق، وأبان أن الكوابل التي تكون بين المدن تحتاج إلى حراسات لأن سرقتها تتم بسهولة ..

 

وأوضح أن معظم الكوابل تباع لجهات تستطيع تصديرها كخردة لمصر، ومصر بدورها تصدرها إلى إيران، منوهاً إلى أن السلطات السودانية كانت قد منعت تصدير الخردة وسمحت لجهات بالتصدير استثناء ..

 

أسواق للخردة

المحامي أحمد ساتي الحسين قال، إن انتشار سرقة الكوابل يعود إلى التساهل مع المتهمين وعدم وجود عقوبات رادعة، مبينًا أن سرقة كوابل الكهرباء والبترول تعد من الجرائم المهددة للاقتصاد وتؤدي إلى تدميره لارتفاع قيمة الكوابل من نحاس وحديد، وأوضح أن سعر كيلو النحاس عالمياً يصل إلى سبعة دولارات، وأشار في حديثه ل، (الصيحة) إلى انتشار بيع الخردة في السودان وبخاصة في الخرطوم، وكشف عن وجود أسواق كثيرة جدًا للخردة دون رقابة من الجهات المختصة مما يُشجّع على السرقات، وطالب بوجود نقاط رقابية على تلك الأسواق للحد من سرقات الحديد والنحاس ..

تحقيق: محيي الدين شجر

      صحيفة الصيحة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى