اقتصاد

قرار التعويم لتعزيز الاستثمارات الأجنبية والثقة بالسوق المحلية.”تحرير الصرف”

أعلن البنك المركزي السوداني، الأحد، عن سعر صرف مرن ومدار أو ما يعرف بـ “التعويم الجزئي” لعملته المحلية “الجنيه”، كما كان متوقعا منذ شهور، بعد عجز السلطات في البلاد عن تقويض السوق السوداء.

 

وخلال أزيد من عامين، اتسعت الفجوة بين أسعار صرف العملة المحلية مقابل الدولار، لصالح سوق السوق السوداء، وتوجه المتعاملون لتبنيها في عمليات شراء الدولار وبيعه بعيدا عن القنوات الرسمية.

 

التعويم

 

خطوة التعويم الجزئي التي تحتاج إدارة رسمية سودانية في تنفيذها، تسمح للبنك المركزي بالتحكم في أسعار الصرف بناء على العرض والطلب، على عكس التعويم الكامل.

 

ويقصد بالتعويم الجزئي أو الموجه، إعطاء مساحة للسوق بتحديد أسعار صرف العملة المحررة، عند سقف معين، عندها يمارس البنك المركزي صلاحياته لتحديد اتجاهات أسعار الصرف وفق العرض والطلب.

 

بينما التعويم أو التحرير الكامل، يعني تحديد سعر صرف العملة بناء على تحركات العرض والطلب في السوق المحلية، دون أي تدخل من البنك المركزي، وهو نموذج طبقته مصر في 2016.

 

في تعاملات السوق السوداء السودانية التي سبقت قرار التعويم الموجه، بلغ سعر صرف الدولار 380 جنيها، بينما يبلغ سعره لدى البنك المركزي والقنوات الرسمية التابعة له 55 جنيها.

 

 

ووجد السودانيون من أفراد ومؤسسات في السوق السوداء ملجأ للحصول على حاجتهم من الدولار الشحيح بسبب رفض البنك المركزي توفير ما يحتاجونه من العملة الصعبة.

 

كما تعد السوق التي يطلق عليها أيضا اسم “الموازية”، قبلة الأفراد والمؤسسات التي تملك الدولار وترغب ببيعه بأسعار أفضل من السعر الرسمي.

 

ومع قرار التعويم الموجه، من المتوقع أن تتراجع قيمة الجنيه داخل القنوات الرسمية لتقترب أكثر من أسعار السوق السوداء، وقد تتراجع كذلك لدى الأخيرة، بفعل ارتباك الأسواق في الأسابيع الأولى من التعويم.

 

وأعلن عدد من المصارف التجارية اليوم، السعر التأشيري للدولار بـ 375 جنيها للبيع فيما حددت أسعار الشراء بـ376 جنيها، مقارنة مع 55 جنيها، السعر التأشيري السابق.

 

وخلال التعاملات المسائية أمس في السوق الموازية، تراجع الجنيه إلى 400 مقابل الدولار الواحد.

 

** أهداف مشروعة

 

يريد البنك المركزي من قراره، تحقيق رزمة بنود كانت نجحت في أسواق مثل مصر والمغرب في تحقيقها على سبيل المثال، وفشلت في أسواق أخرى مثل الأرجنتين.

 

ويهدف القرار، بحسب اليوم التالي إلى القضاء تدريجيا على السوق السوداء ونقل النقد الأجنبي إلى القنوات الرسمية فقط، لتكون عنوان التعاملات في سوق الصرف.

 

وبينما لا تتوفر معلومات عن حجم النقد الأجنبي في السوق السوداء، إلا أن ارتفاع فجوة أسعار الصرف فيها، يشير لعدم توفر حاجة السوق المحلية من النقد الأجنبي داخل تلك الأسواق.

 

كذلك، يطمح البنك المركزي من خلال قرار التعويم الموجه، إلى خفض نسب التضخم التي وصلت لمستويات تاريخية غير مسبوقة فوق 300 بالمئة خلال يناير الماضي.

 

ومع رفع اسم السودان من قائمة رعاة الإرهاب، ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة منذ عدة سنوات، وأخيرا التوجه نحو التعويم، ستكون البلاد أمام فرصة “تعترضها مخاطر” للخروج من أزمتها النقدية والاقتصادية.

 

إذ ما تزال الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى السودان خجولة، ودون طموحات راسمي السياسات المالية والنقدية، على الرغم من وجود قطاعات بكر للاستثمار كالزراعة والتعدين والنسيج والطاقة.

 

كذلك، ما يزال قطاع الصادرات ضعيفا، بسبب غياب الاستثمارات المحلية أو الأجنبية، ما يقلل من مداخيل النقد الأجنبي.

 

وفي 2020، تراجع العجز في الميزان التجاري للبلاد بنسبة 8 بالمئة إلى 4.2 مليارات دولار مقابل 4.6 مليارات دولار في 2019، إذ يعود التراجع إلى هبوط قيمة الواردات بشكل أكبر من نمو الصادرات.

 

لكن الضربة القوية سيتلقاها المواطنون في السوق المحلية، الذين يتقاضون أجورهم بالعملة المحلية، إذ دفع التعويم تلقائيا إلى تآكل أجورهم، وودائعهم المقومة بالعملة المحلية.

 

فبينما كانت الـ 55 ألف جنيه تعادل 1000 دولار في السوق الرسمية قبيل التعويم، فإن الخطوة ستقوض أسعار الصرف، ليساوي المبلغ حاليا 146.6 دولارا فقط، بسعر صرف 375 جنيها للدولار.

 

ومع فرضية عدم تحسن أسعار الصرف وتعزيز قوة الجنيه، فإن البلاد ستكون أمام مرحلة أصعب، مرتبطة بزيادة أكبر في أسعار المستهلك، ورفضا شعبيا واسعا بعد فقدان المواطنين القيمة الحقيقية لأجورهم.

الخرطوم ( كوش نيوز)

 

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى