تحقيقات وتقارير

اليوم الدراسي الأول.. تفاصيل رحلة الدوامين

 

افتتحت بالأمس جميع المدارس بولاية الخرطوم (ثانوي ،أساس) أبوابها لجميع الطلاب بعد تذبذب وعدم استقرار للعام الدراسي بسبب الظروف التي مرت بها البلاد من فيضانات كورونا وانعدام الخبز .

في تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً تم قرع جرس الصباح الباكر توطئة وإعلاناً لبدء مراسم الطابور الصباحي لمدارس الأساس بمختلف مدن العاصمة القومية المثلثة الخرطوم..

ورصدت مصادر مطلعة ربكة وانزعاج كبيرين لعدم مواءمة الأوضاع لتسيير العملية التعليمية والتربوية بصورة طبيعية وذلك لحداثة تجربة الدوامين التي زادت الموقف تعقيداً وإضطراباً بحسب افادات عدد من أولياء الأمور..

 

القرار والانطلاقة

شهدت ولاية الخرطوم أمس بداية العام الدراسي، لمرحلتي الأساس والثانوي، وسط أزمات متزايدة في الخبز والمواصلات وشكاوى المواطنين من ارتفاع تكاليف المستلزمات المدرسية .

وكانت لجنة الطوارئ الصحية أوصت بإمكانية بداية العام الدراسي، ووجه المدير العام لوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم محمد إبراهيم على بضرورة التزام كل المدارس باتباع الاشتراطات الصحية بمرحلتي الأساس والثانوي .
وحدد القرار أن يكون اليوم الدراسي بمرحلة الأساس لتلاميذ الحلقة الأولى من الساعة 7:30 وحتى 10:45.. على أن تبدأ الحلقة الدراسية الثانية من الساعة 11 وحتى الساعة 2:25 .

فيما حدد القرار الدراسة بالتناوب بالمرحلة الثانوية للصفين الأول والثاني، على أن تستمر الدراسة للصف الثالث يومياً .

وأوصدت المدارس أبوابها منذ مارس الماضي بعد انتشار كوفيد 19 الذي أصاب البشرية وخلق حالة من الهلع أصابت الجميع لتعاود المدارس استقبال طلاب الصف الثالث ثانوي والثامن أساس بعد بداية العام الدراسي والسماح لهم بدخول أروقة المدارس كحالة استثنائية.

 

شروط واتفاق

إعلان فتح المدارس جاء وفق شروط صحية وضعتها وزارة الصحة بالاتفاق مع وزارة التربية والتعليم بتنفيذها للوقاية من الكورونا وذلك بالالتزام بارتداء الكمامة بالتباعد الاجتماعي وذلك بتناوب الفصول الدراسية في الحضور . وبحسب متابعات المصادر التزم عدد من المدارس بتلك الشروط فيما لم تلتزم مدارس اخرى بها.

وكشف المعلم بمدرسة الزهراء في ام درمان مضوي عن عدم التزام الغالبية العظمى من الطلاب بارتداء الكمامات في اليوم الأول بسبب عدم إمكانية الحصول عليها ، واضاف: (كنا نتمنى من وزارة الصحة توفيرها مراعاة للظروف المادية للكثير من الأسر خاصة أن استخدامها يومي بالنسبة للفصل الثالث)، مشيراً إلى أن المدرسة شهدت نسبة غياب اعداد كبيرة من الطلاب هذا العام بسبب الرسوم الدراسية المرتفعة، واصفا هذا الأمر بالمؤسف .

المنارة حماس

فيما أوضحت المعلمة بإدارة مدارس المنارة الثانوية قسم البنات غادة محمد حامد الناجي، أن البداية كانت موفقة والحضور كاملاً والعودة بحماس كبيرة من الطلاب وانتظام في الدراسة من الصباح الباكر بهمة ونشاط بداية لعام موفق، مضيفة: كل الاحتياطات الصحية موجودة ..التباعد في الفصل والالتزام بارتداء الكمامات والزي المدرسي، منوهة إلى تواصل وزارة التربية والتعليم معهم، وأضافت: بيننا تنسيق حيث تم توفير الكتاب المدرسي ومتابعين معنا الجدول وتنظيم الطلاب والمتابعة والزيارات الصحية وجدولة الدراسة حتى لا يكون هناك خلل.

وأختتمت غادة حديثها بالدعاء لرفع البلاء وأن تستقر الأحوال الصحية، متمنية أن تنال فتياتهن حظهن من التعليم وأن يكون العام الدراسي مستقراً بدون ضياع للوقت بالاستفادة منه .

من جانبه تحدث مدير مدرسة المنارة الثانوية الخاصة بنين وبنات بالكلاكلة محلية جبل اولياء الأستاذ يوسف عبدالرحيم يوسف وقال: أولاً نهنئ كل الأسر والطلاب باستهلال العام الدراسي لبقية الصفوف ونتمنى وافر الشفاء والصحة للامة السودانية، بالنسبة للاشتراطات الصحية وحسب التوجيهات الصادرة من الوزارة من المفترض تكون هناك اشتراطات صحية للوقاية من الكورونا الحمد لله نفذناها حرفياً بالزام الطلاب بارتداء الكمامة والتباعد وكنا حريصين على توجيه الطلاب في طابور الصباح بارتداء الكمامة وكل شخص يكون لديه كوب منفصل حتى يكون معافى من الإصابة،حسب القرار الصادر من الوزارة للدوام الدراسي يكون بالتناوب يوم للصف الأول ويوم للصف الثاني.مضيفا: استغلت هذه السانحة وانه بحمدلله وتوفيقه المدرسة تفوقت كثيرا بالرغم من الظروف المتعثرة التي مرت بالعام الدراسي من كورونا وفيضانات ،حيث احرزت الطالبة هند الامين المركز الأول علي مستوى المحلية بنسبة ٩٦،٩ وكان ترتيبها ال٤٧ على مستوى السودان وعلى مستوى البنين احرز الطالب عبدالرحمن عابدين نسبة ٩٦،٣ والمركز ٦٩ على مستوي السودان .

 

ماذا قال أولياء الامور؟

من أولياء الامور السيدة بثينة ام محمود اعتبرت أن العمل بدوامين في المدارس امر مزعج ومقلق لكثير من الاسر وذلك لانه يحدث ازدواجية لتجهيز الطلاب والتلاميذ بالنسبة للامهات فتصحو الام في الصباح الباكر لتجهيز احد ابنائها للذهاب الى المدرسة ثم تجد نفسها بعد الظهيرة مطالبة ايضا بتجهيز آخر ، والذهاب ايضا لذات المدرسة، مما يثقل كاهل الاسرة ماديا وذلك بضرورة توفير ترحيلين صباحي ومسائي في ظل تلك الظروف المالية الصعبة.

(كتمت فيني) بهذه العبارة استهلت السيدة مروة ام دلال حديثها كاشفة عن انها تأتي من الصحافة شرق (المغتربين) لتوصيل ابنها الاصغر حذيفة تلميذ الحلقة الاولى بالصف الثاني، وتنتظره حتى العاشرة والنصف صباحا لآخذه والعودة به للصحافة، واضافت: ثم اعود بأخته دلال مرة اخرى على ان انتظرها مرة اخرى حتى تخرج بعد الثانية ظهرا لنبدأ في رحلة العودة العكسية مرة اخرى، مشددة على أن ذلك تعب جسدي وارهاق لا يوصف بالاضافة للأعباء المالية والمادية لتكاليف تلك الرحلة المتعبة.

واكدت مروة أن الوضع اذا استمر بشكله الحالي فإنها لن تستطيع ان تصمد طويلا، واضافت: فأنا انسانة كبيرة وفقيرة ليس لدى القدرة المالية او البدنية لتحمل تلك الصعاب .

 

كيف يفكر هؤلاء الناس؟

( قد افقد وظيفتي) بهذه العبارة تحدث ولى الأمر التيجاني محمد فضيل، متسائلا بـ(كيف يفكر هؤلاء الناس؟) معتبراً أن الأمر يتطلب دراسة ورؤية اكثر، واضاف: امتلك سيارة لترحيل ابنائي الى المدرسة ومن ثم الى المنزل ولكن قد يعرضني ذلك لفقد وظيفتي وفصلي من العمل فأنا اعمل بأحد البنوك الاستثمارية بالخرطوم وإذا تحملني المدير في التأخير الفترة الصباحية لتوصيل ابنائي الى المدرسة لن يتحملني عندما اخرج بعد العاشرة والنصف صباحا لإرجاع ابني من المدرسة وترحيله الى المنزل ومن ثم اخذ اخته الكبرى مره اخرى وتوصيلها الى المدرسة فبذلك اجد ان يومي قد ضاع سدى ما بين المدرسة والمنزل في دوامة ترحيل الابناء. واضاف: لا يوجد صاحب عمل تجاري او مدير يريد المنافسة بمؤسسته ان يقبل موظف بتلك الظروف حتى لو كان ذلك المدير هو شخصي لن اتحمل موظف بتلك الظروف.

 

(ح نصبها صب في المدرسة)

من جانبها قالت تهاني عباس ام حنين، ان العمل بدوامين في المدرسة يعني هلاك الامهات فبدلا من ان نجهز سندوتشات الافطار لابنائنا سنقوم ايضا بعد منتصف النهار بتجهيز سندوتشات الغداء، واضافت: الوقت لن يقبل القسمة على ان نخصصه لصف الخبز وشراء الخضار ومن ثم التوجه الى المدارس لتجهيز الابناء لدوامين واذا استطعنا ان نفعل ذلك فسيكون على حساب الواجبات المنزلية الاساسية كالنظافة والطبخ والترتيب. كاشفة عن أنها لم تجد حلا عمليا غير ان تقوم بواجباتها المنزلية ليلا، واضافت: ثم آتي بأبنائي الثلاثة معا دفعة واحدة بمختلف دواماتهم في المدرسة (واصبها صب) امام المدرسة حتى نهاية اليوم الدراسي فأستلم ابنائي دفعة واحدة واخرج بهم.

 

نكوص وخذلان

المعلمة هدية محمد ابراهيم قالت: جئنا الى المدارس في الصباح الباكر لنتفاجأ بعدم توفير كل الاشياء التى وعدت بها لجنة الطوارئ الصحية، فكان من المزمع تطهير ايادي التلاميذ والطلاب اولا بأول عند دخولهم الباب الرئيسي للمدرسة، مع صرف كمامة لكل طالب قبل الدخول، وبما اننا نثمن الدور الكبير الذي تقوم به تلك اللجنة وفق الامكانات المتواضعة، إلا انه كان يفترض ان تُجهز كل الضروريات الصحية قبل فتح المدارس على الاقل بـ 48 ساعة، بالرغم من ان تلك المعينات الطبية وصلت لعدد من المدارس، اضف الى ذلك توفير الخبز الذي قيل انه سيتوفر بالمدارس ولم يحدث هذا، اما بالنسبة لمسائل التباعد ينبغي ان تطبق في المدارس الاكثر عدداً من الاقل فتوجد فصول بمدارس الاساس بها حوالى مائة طالبة او تسعون وربما سبعون وستون فتلك اولى بتطبيق مبدأ التباعد فيها ولكن بالمقابل توجد فصول لا يتجاوز عدد تلاميذها الست وعشرين تلميذا او ثلاثين واحيانا اربع وعشرين فمثل تلك الفصول يمكن ان يطبق فيها مبدأ التباعد في نفس الحجرة ودون الحاجة لدوامين.

 

تقرير –  محاسن أحمد عبدالله/ سعيد عباس

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى