عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: الكابيتول بعيون سودانية

في عام 1992م وبدعوة من وكالة الاعلام الامريكية وفي برنامج يسمى (برنامج الزوار الدوليين ) International Visitors Program قمت بجولة طويلة في الولايات المتحدة ومن ضمن المعالم التي امضينا فيها وقتا طويلا مبنى الكابيتول وهو مقر الكونغرس ( دار البرلمان) وهو مبنى قام على اجراءات سلامة معقدة جدا وكأنه ثكنة حربية من حيث مخارج الطوارئ والسلالم والغرف التحتية والسرية والذي منه واطرف ما فيه غرفة الهمس (ويسبر-رووم) وهي غرفة ملحقة تعقد فيها الاجتماعات الجانبية والتي يفترض أن يكون الحديث فيها هامسا لزوم السرية وهي مصممة بأن لا يخرج الحديث منها . سألت دليلنا الذي كان يقوم بالشرح هل هذا التعقيد في المبنى لزوم الحماية من هجوم سوفيتي متوقع؟ فرد بالقول ليس هجوما سوفيتيا فحسب بل هجوم من اي جهة كانت وقد تكون جهة محلية . تذكرت تلك الاجابة وانا اشاهد مع بقية العالم يوم الاربعاء 6 يناير الهجوم المباغت الذي شنه مؤيدو الرئيس ترامب على الكابيتول فسرقوه وحطموا كل شيء قابل للتحطيم فيه ومات جراء ذلك الهجوم خمسة ضمنهم ضابط شرطة وامرأة وجرح فوق الخمسين.
(2 )
ترامب تنطبق عليه المقولة السودانية (خرب الموت بالرفسي) فهو رئيس غير عادي في كل مكونات وسكنات شخصيته لذلك يكون من الطبيعي الا يغادر البيت الابيض بصورة طبيعية اذ قدم على مؤسسة الرئاسة من اسواق المضاربات والمقامرة فقرر أن ينحرف بمؤسسة الرئاسة اذ انشأ جماعة يمينية متطرفة اسماها الاولاد الفخورون Proud Boys) ) وهي تريد الولايات المتحدة خالية من الاغراب خالصة لليانكي ولو بالسلاح وتحرم عضويتها على النساء وهي ذات الجماعة التي قامت بالهجوم على الكابيتول بتوجيه من ترامب لان الانتخابات التي انهزم فيها تم تزويرها على حسب زعمه . لقد منح ترامب وجماعته واشنطون يوما اسود شغل كل الدنيا واعاد للاذهان ذكرى 11 سبتمبر 2002م حيث كانت كل تلفزيونات الدنيا مركزة على الدخان المنبعث يومها من مركز التجارة الدولية والبنتاغون ولكن يوم الاربعاء كانت الكاميرات تنقل لنا العصي والهراوات والزجاج المحطم والناس المفلوقة . لقد كانت جلسة الكونغرس جلسة اجرائية لاجازة نتيجة الانتخابات المعروفة سلفا ولكنها استغرقت 14 ساعة بينما كان مقررا لها 14 دقيقة فعلق احد الاعضاء مستفظعا ماحدث قائلا
“ما شاهدناه اليوم لا يحدث حتى في موريتانيا او زيمبابوي” (الحمد لله ما جاب اسم السودان).
(3 )
عادت بي المناسبة الى مبنى البرلمان السوداني الكائن عند بداية تكوين مجرى نهر النيل سليل الفراديس وتطل منه على مقرن النيلين العظيمين والذي شيده الكوريون مشكورين في زمن النميري وقد شيد على اساس انه برلمان في نظام عسكري اي برلمان (مؤلف) انتخاباته باردة اللهم في الارياف حيث (الفانوس حرق القطية) وبالتالي لا يحتاج مثل هذا البرلمان الى اجراءات سلامة عالية وقد مرت على المبنى دورة ليبرالية (1986 – 1989) وقد شهد عدة احتشادات ولكنه لم يتعرض لهجوم شعبي مباغت. ايام الانقاذ ظل برلمانا مستأنسا بما في ذلك فترة نيفاشا حيث دخله عتاة معارضي الانقاذ ولكن في ثورة ديسمبر المجيدة كان هدفا لجماهير ام درمان عندما اغلق الكبري المؤدي للخرطوم امامها واستشهد على بوابته نفر كريم . اما الآن مافي زول جايب سيرة للانتخابات وربما تظل الفترة الانتقالية فترة مفتوحة فاقترح تحويل هذا المبنى الفخم الى فندق او مستشفى، ولا اقول لكم حاجة؟ خصصوه وهذه على وزن خللوه عند عادل امام حتى لا نشهد يوما مثل يوم الاربعاء في واشنطون.

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى