تحقيقات وتقارير

فتح الجامعات.. مُهدِّدات أمام المسيرة التعليمية!!

 

سطّر تاريخ السودان، نضال الطالب السوداني وتضحياته بالروح فداءً للوطن ومُكتساباته، وتحقيقاً للمطالب المشروعة للمواطن عبر تضحيات الطلاب. وليس بعيداً عن الاذهان قصة أحمد القرشي طه أول شهيد في ثورة أكتوبر السودانية العام 1964م، التي قامت ضد حكم الفريق إبراهيم عبود العسكري، وأدت إلى سقوطه وقيام حكومة مدنية في مكانه. وإذا كان القرشى قد أرّخت إليه إحدى الأغاني السودانية (وكان القرشى شهيدنا الأول)، إلا أنه لم يكن الأخير وثورة ديسمبر خير دليل، غير أن فتح أبواب الجامعات التى يبدو أنها ستكون تباعاً بعد أن أعلنت الجامعة الأولى بالبلاد جامعة الخرطوم، بدء عامها الدراسي، وحددت تاريخه ـــ ربما ستقود إلى تاريخ نضالي جديد إذا تم فتح الجامعات في الظروف التي وصفها عدد من أساتذة الجامعات في حديثهم لـ(الصيحة) بأنها استثنائية تتفق في مجملها بأنها أزمات تقابل فتح الجامعات، ابتداءً من عدم وفرة الخبز ومروراً بأزمة المواصلات المستفحلة، وعدم وجود داخليات للطلاب، والظروف الصحية التي يمر بها العالم أجمع في مجابهة جائحة كورونا، وانتهاءً بالظروف السياسية الأخرى مثل حظر السفر إلى الولايات، والظروف الاقتصادية المرتبطة بوضع الطالب الجامعي وغيرها من تحديات تقف شامخة أمام فتح الجامعات.

ويرى الناظرون بعيون اليمامة بأن تلك الظروف لا محال سيتم استغلالها من قبل الثورة المضادة، وأن الطلاب سيكونون مطية للأحزاب المعارضة واستغلال الوضع لخلق فتنة وعنف طلابي ربما يؤدي إلى أزمات أخرى لا يُحمد عقباها.

 

بدائل غير واقعية

وإذا كانت ظروف فتح الجامعات محفوفاً بالمخاطر، فإنّ البدائل التي وضعتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، اعتبرها أساتذة جامعات بأن الوزارة تغرد خارج السرب، في إشارة إلى التعليم الإلكتروني الذي طرحته الوزارة، بل إن البرنامج المطروح وجد رفضاً من ام الجامعات السودانية وهي جامعة الخرطوم، إذ رفضت مدير الجامعة بروفيسور فدوى حسن برنامج الوزارة لعدم توافر الإمكانات، فكيف السبيل لبقية الجامعات الأقل مقدرة.

ووصف مديرو الجامعات ما ركنت إليه الوزارة في هذا الصدد بالشعارات بالنظر لعدم وجود أجهزة الكترونية تمكن الطلاب من التعليم عن بُعد، فضلاً عن التكلفة الباهظة للانترنت بالبلاد، هذا غير أن 90% من أساتذة الجامعات باعتراف رصفائهم غير مدربين على التعامل مع تلك الدراسة.

واستعرض عدد من أساتذة الجامعات في تصريحهم للصحيفة عجز شركات الاتصال من التغطية بالشبكة، ودعوا الدولة للاضطلاع بدورها بإبرام اتفاقية بين شركات الاتصال والجامعات حتى تقوم الأولى فى إطار مسؤوليتها الاجتماعية بالالتزام القانوني تجاه الطلاب والمواطن، سيما أن شركات الاتصالات لها أبراج تؤثر على صحة المواطن، الأمر الذي يكلفها حسب الالتزام القانوني مليارات الجنيهات بحيث يوظف ذلك الالتزام لمصلحة الطلاب.

 

رؤى مفقودة

ويقول أستاذ القانون بجامعة النلين د. فضل الله العطا، إن الجامعات لا تملك رؤى لفتح الجامعات، إذ أنه لا يوجد تنسيق بين الجامعات واللجنة العليا للطوارئ، مشيراً إلى قرارات متناقضة بين الجهات المختلفة، منها إصدار وزارة التعليم العالى قبل عيد الأضحى قراراً بتعليم طلاب الجامعات عبر التعليم الالكترونى، بعدها مُباشرةً قامت اللجنة العليا للطوارئ بتمديد فترة الحظر لمدة ثلاثة أسابيع بنفس التحوطات الصحية المطلوبة، مما يعكس عدم التنسيق، وأكد العطا أنه نظراً للتحوطات الصحية من جائحة كورونا، فإن الجامعات غير مهيأة للطلاب ولا حتى الموظفين، ونوه إلى أن أزمة الوقود والمواصلات ظلت مستفحلة دون أن تجد السبيل إلى الحل، فضلاً عن أن تعرفة المواصلات لبست فى مقدور المواطن، فكيف بحال الطالب الذي لا يملك مصدر دخل؟! ويتابع العطا: هذا بالإضافة إلى مشاكل عدم توفر الخبز والإعاشة بالداخليات التى مازالت تُستغل كمراكز عزل لمرضى كورونا، ويضيف أن الأعباء أصبحت كثيرة على كاهل أولياء الأمور، إذ أصبح السفر من الولايات إلى الخرطوم فوق طاقة الآباء، مشيراً إلى بادرة جامعة النيلين الخاصة بترحيل الطلاب من قبل، من الخرطوم إلى الولايات، داعياً الجامعات إلى حذو تلك المبادرة، إلا أنه قال إن جوهر ميزانية الجامعات مرتبط بتكاليف رسوم الطلاب، وأن مصادر الدخل أصبحت غير متوفرة فى ظل إغلاق الجامعات، فضلاً عن المشاكل المرتبطة بالبيئة وتدريب الأستاذ الجامعي، مؤكداً أن الحديث عن تهيئة بيئة الجامعات هلامي القصد منه الاستهلاك السياسي، وأبدى العطا استحالة تطبيق بروتوكول جائحة كورونا الذي نصت عليه اللحنة الصحية العليا، مؤكداً أن القاعة الواحد تحتضن اكثر من الف طالب، الأمر الذى لا يمكن أن يتحقق مع التباعد بين الطلاب، وقال إن الجامعات ليست قاعات تستوعب البروتوكول.

 

حلول مطروحة

اتفق عدد من الأساتذة على حلول حتى تتمكن الجامعات من فتح أبوابها وضمان استمرارية العام الدراسي، منها الاتفاق مع شركة المواصلات حتى توفر بصات ترحيل للطلاب فى مسارات معينة وفى أزمان معينة، مع تفعيل بطاقة الطالب، منوهين إلى ضرورة توفير السكن الجامعى، مشيرين إلى تشكيل مجلس لكل عمداء الجامعات للتفاكر حول مشاكل الطلاب، داعين إلى ضرورة إبرام اتفاق مع الجامعات وأصحاب الكافتيريات، ينص على أن تقوم الجامعات بعقد إيجار رمزي للكافتيريات.

 

تقرير- ابتسام حسن

الخرطوم: (صحيفة الصيحة)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى