رأي

هنادي الصديق تكتب : على الهواء مباشرة

ذكرى 6 أبريل وإسقاط نظام المخلوع، بدا لي في سنويته الأولى باردا خاليا من طعم الثورة، ليس بسبب اللعينة جائحة العصر كرونا فحسب، ولكن بسبب عدم إكتمال أركان الثورة التي مهرها الشعب بدم شبابه ودموع شيابه، جاءت الفرحة منقوصة لأن معظم الأسر السودانية لا زالت متشحة بالسواد بسبب عدم إكتمال ركن العدالة الغائبة.
ما تناقلته بعض وسائل الإعلام الدولية عن إجهاض الأجهزة الأمنية لمحاولة إنقلاب للحركة الإسلامية تمَ الترتيب لها عشية ذكرى 6 ابريل، ليس بالأمر المستبعد، فكل المؤشرات تُغري فلول النظام البائد بمغازلة حلم العودة مجددا ولو في ثوب جديد.
ونفي الجيش لهذا الخبر متوقع، في ظل غياب المعلومة في كل شئ من جميع مؤسسات الدولة المدني منها قبل العسكري، عدا تقارير وزارة الصحة فيما يختص بالوضع الصحي وجائحة كرونا، معظم ما يدور داخل أسوار معظم الوزارات والمؤسسات الحكومية غير قابل للنشر ولا التداول، تأتي بعض التسريبات من هنا وهناك، ولكنها غير كافية بالنسبة للمواطن، بل مدعاة لرسم المزيد من علامات الإستفهام الحاضرة دوما في ذهنه، على سبيل المثال، (حرائق القمح) التي حلَت محل حرائق النخيل بالولاية الشمالية إبان العهد البائد، كل يوم حريق يقضي على نسبة مقدرة من إنتاجية القمح تصل لعشرات الأفدنة والفاعل مجهول، والوسيلة مجهولة، والمعالجة أيضا مجهولة، ما يحدث يدخل في إطار تهديد الأمن الغذائي للدولة.
لم نسمع بقيام وزارة الزراعة بتجهيز الصوامع والمطامير لحفظ وحماية محصول القمح الذي قيل بأنه يكفي حاجة الدولة ل 6 أشهر. وأيضا لم نسمع بتخصيص قوات نظامية لحماية المشاريع الزراعية من المتربصين وأصحاب الأيدي العابثة رغم الحرائق المتكررة.
معظم الوزراء يحتاجون أن يكونوا جنبا إلى جنب مع حاضنتهم السياسية، فحاجتهم لأصحاب الخبرة والمعرفة اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالوقت مرَ منه الكثير وبدأ التململ واضحا في الشارع، وهذا أكبر مهدد للفترة الإنتقالية.
ضبط أسعار السلع في الأسواق عبر آلية متفق عليها بين الوزير المعني بالتجارة والحاضنة السياسية هي المخرج، وتحديدا لجان التغيير بالأحياء بعد أن أثبتت القوات النظامية عدم فاعليتها في هذه القضايا، فوجود شرطة لضبط الأسواق كافٍ لحسم الفوضى والتلاعب بقوت الشعب إلى أن يتم تقنين الوضع وسن قوانين خاصة بالتجارة الداخلية والأسواق، فشهر رمضان على الأبواب، والأسعار قفزت لأعلى مستوياتها بشكل سريع وجنوني بسبب تواطؤ ثنائية الجشع والتخريب، لذا فإتخاذ موقف حاسم تجاه التجار والمخربين هو المخرج المؤقت لهذه الأزمة.
أمر آخر في غاية الأهمية سبق وأن تناولته في هذه الزاوية كثيرا، وهو التعامل بشفافية عالية من قبل قيادة الدولة مع المواطن، فغياب المعلومة من شأنه إدخال الحكومة في عنق الزجاجة مع الوقت، وسبق أن طالبت بضرورة قيام منبر إسبوعي لوزير الإعلام، يستضيف فيه كل إسبوع أحد الوزراء للحديث عن ما تم إنجازه وما ينتظر الإجازة، إضافة لخطط الوزارة المستقبلية حتى يضمن تفاعل الشارع معه، وبالتالي كسب ثقته.
هذا المقترح وفي ظل غياب الجهة الرقابية على آداء الوزراء (المجلس التشريعي) حتى الآن، سيكون من الجيد جدا تطويره ليكون (نقل أحد إجتماعات مجلس الوزراء شهريا على الهواء مباشرة) عبر الفضائيات والإذاعات الرسمية حتى يتمكن الشعب من متابعة ما يدور داخل أجهزة صنع القرار، فالمواطن محتاج أن يسمع ما يقوله الوزراء، ويشاهد كيف يطرحون قضاياهم، ماذا نفذوا من خطط وماذا ينتظر التنفيذ وأسباب التأخير، بل محتاج حتى أن يتعرف عليهم من قريب، من غاب ومن حضر، من نام ومن تأخر في الحضور، من قدم خططه ومن تأخر، ماذا يأكلون وماذا يشربون في إجتماعاتهم على سبيل المثال. وأذكر أن اللجنة الأولمبية الدولية سبق وأن إتخذت قرارا لنقل إجتماعاتها على الهواء مباشرة لتثبيت مبدأ الشفافية ولضبط آداء أعضائها داخل الإجتماعات ونجح نجاحا منقطع النظير.
لذا ننتظر من رئيس الوزراء إستصحاب بعض الآراء، فإنها إن لم تفد، فهي لن تضر بالتأكيد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى