رأي

عبداللطيف البوني يكتب : القومة والقعدة للوطن

(1)
لئن أسعدنا الكابلي وهو يغني من كلماته وألحانه (القومة ليك يا وطني)، فقد أعجبنا قبله وردي وهو يغني من كلمات محجوب شريف (في حضرة جلالك يطيب الجلوس/ مهذب وراقي عظيم الدروس) وكان وردي في أثناء الأداء يجلس عند هذا المقطع. فالوطن محتاج للقومة والقعدة والجري والانبطاح وإذا أمكن الطيران – أي لكل الأحوال على قاعدة لكل مقام مقال، ففي ساعة الضعف والهوان والتراجع الوطن يطلب التشمير والقومة لنجدته ورفعه من كبوته، وفي ساعة التمزق والإحن والتآمر الوطن يحتاج أن نجلس أمامه جميعا خاشعين متنازلين عن الذات ومطالبها الخاصة. إنها التضحية من أجل الوطن والتضحية تكون بالخشن والناعم بالسمح والشين فوجودنا من وجوده وليس العكس كما غنى عثمان حسين (أفديك بالروح يا موطني/ فأنت دمي وكلما اغتني(.
(2)
عندما تفجرت ثورة ديسمبر المباركة كانت أوضاع البلد الاقتصادية في غاية التردي والسوء، لا بل كان الاقتصاد هو القشة التي قصمت ظهر النظام السابق، وبعد استلام حكومة الثورة مقاليد الأمور كان الظن بأن الخارج الذي كان يحاصر النظام السابق سوف يتخذ سياسة جديدة تجاه السودان، ولكن اتضح أن هذا الخارج يقدم مصالحه على مطلوبات شعب السودان وهذا شيء طبيعي ومستوطن في ألف باء العلاقات الدولية . كان ينبغي ان يبدأ الرهان على ما في البلاد فهذه البلاد مكتظة بالأموال وبالموارد . الموارد تحتاج الى زمن لتنظيمها أما الأموال فكانت في الجيوب أموالاً بالكوم مكتنزة بالحلال والحرام وبالدوغري والمعوج, كان يمكن وبالشرعية الثورية اللجوء لسياسة (الريتز كارلتون ) التي ابتدعها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عندما وضع الأمراء والأثرياء الذين اغتنوا من البلاد في حبس خمسة نجوم، وقال لهم ادفعوا للوطن . ولكن هذا لم يحدث فاستمر التراجع في الأوضاع الاقتصادية فوصل مرحلة من التردي لم تصلها من قبل، فكان لابد من خطوة سياسية أخرى فكانت القومة للسودان التي أطلقها حمدوك قبل يومين.
(3)
القومة للسودان موجهة لكافة أهل السودان بمختلف أطيافهم ومواقفهم السياسية، الأغنياء والفقراء كل بحسب طاقته ولو كانت الدعاء بالتوفيق وهذه فرصة لإظهار قوة المجتمع السوداني وإظهار الإصرار على العبور بهذا الوطن وإخراجه من وهدته، إنها دعوة تربوية وسياسية في آن واحد وليت أثرياء السودان المليارديرات) الدولاريين) يجتمعون في ظل مبادرة القومة هذه ويخرجون بخطة تدعمها, يتبرعون بما تيسر لهم ويقدمون قرضاً للخزينة العامة مقابل سندات قابلة للاسترداد وبذات الدولار مع تقديم خطة تكفل لهم متابعة هذا القرض كي يذهب بكامله لقطاع الإنتاج . فالرأسمالية الحقيقية في كافة الدنيا أصبحت شريكة في رسم السياسات الاقتصادية، لا بل هي المتحكمة في السياسات العامة ولكن نحن في السودان لأننا (تربية شيوعيين) والحمد لله (قرارات نميري في يونيو 1970 الخاصة بالتأميم والمصادرة) لدينا عداء مؤصل تجاه هذه الطبقة الثرية الأمر الذي أضعفها وجعلها رأسمالية انتهازية مترددة قصيرة النفس بعيدة عن الإنتاج. فالآن أمام هذه الطبقة فرصة ذهبية كي تعيد إنتاج نفسها وتخطو تجاه الوطن . غداً إن شاء الله سوف نتوقف عند الطبقة الوسطى على قلة حيلتها كي نرى كيف يمكن أن تساهم في قومة الوطن، ومن حسن حظ القومة أنها تزامنت مع أيام الكورونا التي شغلبت كل الدنيا وفتحت الطريق لآفاق ومبادرات جديدة. فكونوا معنا إن شاء الله.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى