رأي

عثمان ميرغني يكتب : صناعة الكراهية!!

رغم أن بلادنا مهزومة عشرة- صفر وتحتاج لكل دقيقة تفكير وعمل وكل نقطة عرق وكل دفقة أمل من أجل الخروج من النفق المظلم وصناعة النهضة إلا أن الملاحظ أن هناك إبداعاً لا محدوداً في “صناعة حملات الكراهية”.. ليست كراهية موجهة ضد فعل مشين أو مسلك معوج أو حتى تفكير سقيم فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى كراهية من أجل الكراهية ضد كل شيء.. يصبح الرجل بطلاً ويمسي خائناً، أو يمسي مرفوع المقام ويستيقظ صباحاً حقيراً مهاناً.

لا يشترط في “صناعة حملات الكراهية” توفر خام من الحيثيات أو الأدلة الدامغة التي تثبت الإدانة، فقط يكفي إي تعليق عابر أو فكرة ربما لم تتسع لها عقول البعض وتبدأ ماكينات مصنع الكراهية في الهدير..

مثل هذا الحال لا يطفئ الأمل في صناعة وطن نستحقه، يستثمر كل الموارد الهائلة التي أنعم الله بها عليه ظاهرة وباطنة فحسب، بل يهدر الوقت والجهد في ما لا طائل منه..

العلة التي أنجبت صناعة الكراهية هذه هي غياب البرنامج الوطني، والخطة الاستراتيجية التي ترسم طموحات الشعب السوداني لبناء دولة حديثة.. لو كان في خارطة بلادنا مشروعات ضخمة منتظرة أو مواقيت لمعالم في مسيرة النهضة لكان الضمير الوطني كله منشغلاً بمتابعتها ومتلهفاً لها.. لكن بكل أسف ليس في تقويم الشعب السوداني من موعد سوى (الانتخابات) التي مهما أحسنا الظن فهي لا ولن تأتي بمجهول، فكل المطروح على المائدة السياسية من الأحزاب عبروا بالقصر الجمهوري من قبل.. فلا جديد يرتجى سياسياً إلا الخطط والبرامج..

اقترحت هنا كثيراً أن يصدر الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء أمراً بإعادة هيكلة “المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي” ويضم إليه خيرة الخبراء الاستراتيجيين حتى تستصدر الدولة خطة استراتيجية تصبح البوصلة التي نبحر بها في بحار العالم الهائجة.. وأن يصدر أمراً آخر بضم “المركز القومي للمعلومات” إلى الجهاز المركزي للإحصاء ويصبح الاسم الجديد “الجهاز المركزي للإحصاء والمعلومات” ليكون الذراع الأيمن للدولة في توفير المعلومات التي تبنى عليها الخطط وتراقب عند التنفيذ..

إنشغال الأثير الاجتماعي السوداني بحملات الكراهية هو نتاج مباشر لغياب البرنامج الوطني.. والحكمة تنص،(نفسك؛ إن لم تشغلها بالحق، شغلتك بالباطل)..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة التيار

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى