تحقيقات وتقارير

الاغتيالات السياسية.. الذاكرة البعيدة

الاغتيال السياسي في الخرطوم ظاهرة لا تعرفها شوارع الخرطوم، لجهة أن السياسة نشاط يمارسه الكثيرون في المجتمع السوداني.. إلا أن حادثة محاولة اغتيال رئيس الوزراء أعادت للأذهان أبرز المحاولات التي حدثت في البلاد بالرغم من عدم وجود رصيد سابق لعمليات الاغتيالات..

 

اف بي اي في المشهد

بعد مرور أكثر من (72) ساعة من حادثة محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الولايات المتحدة تبعث بفريق أمني يتكون من (3) خبراء  بمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي “FBI”.، ليشارك الفريق في التحقيقات حول محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وذلك استجابة لقرارات مجلس الأمن والدفاع في الاستعانة بالأصدقاء لكشف المتورّطين، قبل أن توقف السلطات عدداً من الأجانب بشأن الحادثة.

في التاريخ السياسي  بالبلاد يرى كثيرون أن غياب مثل تلك العمليات في التاريخ الوطني لا يعني أنها لن تحدث مستقبلاً، ويرجعها البعض للتطرف في العمل السياسي وغياب عمليات الحوار والجدل واستشراء حالة من اليأس السياسي لدى الأطراف المتسببة فيها، إلا أن ذلك في تقديرهم لا يعد مبرراً بقدر ما انه يشير لتدني مستوى الوعي وانهيار القيم خصوصاً قيم الحوار.

فيما يرى آخرون أن ذلك إن دل فإنما يدل على عدم القدرة على قراءة خطورة الفعل لأن الطرف الآخر يمكن أن يرد، بالتالي يصبح المسرح السياسي بركة دماء كبيرة.

هل يمكن أن تنتشر المحاولة؟

طوال التاريخ السياسي الطويل، لم يعرف السودان أي حادث اغتيال لشخصية سياسية محلية، فيما جرت محاولة يتيمة للهجوم على منزل رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني بالرصاص في عام 1988.

بينما  يتوقع البعض أن يصبح الاغتيال ثقافة سياسية وواحدة من أدوات العمل السياسي نسبة لرفض منسوبي النظام البائد سقوط مصالحهم الاقتصادية بعد رضوخهم القسري لسقوطهم السياسي بأمرالشارع، ويذهب البعض الى أن انفتاح القوى السياسية السودانية على الخارج وتحديداً الحركة الشعبية التي تستلهم مشاريعها من بيئة وواقع يختلف عن الواقع السوداني، ويظهر ذلك في محاولة الحركة الشعبية التماهي في نموذج المؤتمر الوطني الجنوب إفريقي الذي يتزعمه نيلسون مانديلا.

فيما يرى مراقبون للشارع السياسي، أن قيم الشعب السوداني وتصالحه وتساميه، يجعل مثل تلك الأدوات في تصفية الخصوم أمراً سلبياً ولا يشكل إضافة للطرف القائم به، فحياة الإنسان أهم من أية سياسة وأكبر من أي اختلاف.

ناشطون أعلنوا رفضهم للأسلوب منددين به، غير أنهم يرون أن المؤتمر الوطني إبان حكمه لم يجعل أمام سياسيي المناطق الأقل وعياً خياراً، مستدلين على ذلك بتزايد العنف السياسي في مناطق ضعف العمل المدني بالبلاد.

وذلك ما يؤكده بعض المحللين السياسيين لـ(السوداني) بأن ضعف العمل المدني والسياسي في مناطق الهامش ذات الطبيعة القاسية يسهم بشكل أو بأخر في تفشي الظاهرة، لكن ذلك لا يعني انتشارها أو تحولها لأداة سياسية، والدليل أن طيلة ثلاثة وعشرين عاماً من عمر الحكومة البائده لم تقم المعارضة بمثل ذلك السلوك، ما يعني أنها تزامنت ودخول الحركات المسلحة لساحة الفعل السياسي، وهو ما يضاعف المسؤولية الملقاة على مؤسسات نزع السلاح والدمج وإعادة التأهيل، بالإضافة لمؤسسات المجتمع المدني السياسية وغير السياسية التي من شأنها زيادة الوعي بأهمية الحوار والتعامل المدني السلمي.

حالات سابقة

إبراهيم بلندية رئيس المجلس التشريعي الأسبق في جنوب كردفان كان أبرز حالات الاغتيال التي شهدتها البلاد في أعوام خلت، انضم للمؤتمر الوطني بحسب سيرته بعد توقيع اتفاقية السلام 2005م بعد أن قضى قرابة السنوات الثماني عضواً بالمكتب السياسي للحركة الشعبية، ليتم تعيينه آنذاك رئيساً للمجلس، وطبقاً لمقربين منه أسهم ذلك في تسهيل الكثير من الأمور عليه وذللت صعوبات إدارته للمجلس، فهو ينتمي لـ(كادقلي) القبيلة التي تسمت بها حاضرة الولاية، كما أنه من سكان كادقلي نفسها، الرجل لم يكن لنفسه فقط بل ولأسرته التي ارتحل جلها إلى خارج السودان بحكم انتسابهم للحركة الشعبية.

وطبقاً للمراقبين فإن بلندية تعرض في وقت سابق لمحاولة اغتيال تزامنت والضربة الأولى للولاية، إلا انه نجا منها، وهو ما يشير لانطلاق شرارة ظاهرة الاغتيالات السياسية في أوساط الناشطين سياسياً بعد أن كانت حصراً على ميادين العمل العسكري، وما تزال محاولة اغتيال مكي بلايل رئيس حزب العدالة ماثلة في الأذهان، بالإضافة لما تم تناقله وصنف كشائعة عن محاولات اغتيال استهدفت شخص والي الولاية إبان نظام المخلوع البشير أحمد هارون.

بيد أن أبرز الحالات بحسب تحليلات الناشطين هي تلك التي أودت بحياة رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان د.جون قرنق ديمبيور وهو الرجل الذي تسنم موقع النائب الأول للسودان، وهي تحليلات ظلت تبحث عن سند لم يتوفر برغم مضي العديد من السنوات.

تقرير: مشاعر أحمد

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى