تحقيقات وتقارير

بعد وفاة مذيعة النيل الأزرق.. (الصحة) تبدأ في مراجعة المستشفيات الخاصة

يبدو أن حادثة وفاة الإعلامية ”رتاج الأغا” كانت سبباً في إزاحة الستار عن قرار وُصف بـ”الخطير“ مُطبق بالمرافق الصحية الخاصة بولاية الخرطوم يقتضي عدم وجود بنوك للدم بمشافي الخرطوم الخاصة”، قرار الوزير السابق مأمون حميدة، وجد هجومًا كبيرًا خاصة مع استمرار تطبيقه بالرغم من ذهاب الحكومة التي أقرته، مما حدا بعدد من الجهات ذات الصلة لمطالبة وزارة الصحة الحالية بإلغاء ذاك القرار فورًا حفاظًا على الأرواح، خاصة الحالات الطارئة التي يتأخر إسعافها ” حتى الموت” لعدم وجود بنوك خاصة للدم بالمرفق، ( السوداني) تقصّت حول ذاك القرار ومستقبله بعد أن كونت وزارة الصحة لجنة لمتابعة القضية ومراجعة قوانين العمل بالمرافق الصحية الخاصة..

وزارة الصحة الاتحادية كشفت عن اتجاه لمراجعة وإصلاح القطاع الخاص، وقال وزير الصحة د. أكرم علي التوم لـ( السوداني) إن القطاع الطبي الخاص في السودان تم إفساده وتشويهه على مدى ثلاثين عامًا بواسطة رموز و مُتنفذّي النظام البائد.

وقال التوم في معرض رده على تسجيل صوتي لطبيبة متخصصة في التخدير انتشر على نطاق واسع تُشير فيه إلى أن سبب وفاة مذيعة قناة النيل رتاج الأغا التي حدثت ” الأربعاء” ، كانت لعدم وجود بنوك للدم بالمستشفيات الخاصة ولا حتى للحالات الطارئة، وبحسب حديث متخصصة التخدير فإن ذلك القرار كان قد اتخذه وزير الصحة السابق مأمون حميدة وطُبّق بجميع المؤسسات الصحية الخاصة باستثناء بعضها التي تعود ملكيتها للوزير السابق، بحسب الطبيبة المختصة، واعتبرته قراراً فيه استهانة بالأرواح.

مراجعات وتحقيقات    

في وقت أكد د. أكرم التوم أنه استمع للتسجيل الصوتي وبدأت وزارته مباشرة في العمل على قضية بنوك الدم بالمستشفيات الخاصة، مُنبهًا إلى أن بعض المعلومات الواردة في التسجيل غير دقيقة، لكنه شدد على أنه تمت إحالة كافة ما ورد في التسجيل لقادة الإدارة العامة لخدمات نقل الدم للتحقيق في الأمر وعمل ما يلزم.

وفيما يتعلق بسياسات الوزارة لإصلاح القطاع الصحي قال الوزير “نتوقع تحقيقات، تصحيحا لحقائق مغلوطة، مراجعة وتحسين الإطار القانوني والهيكلي لتتظيم ومراقبة ودعم القطاع الخاص الطبي ليقوم بدوره في تكملة دور القطاع العام الصحي في خدمة المواطن السوداني وتحسين جودة الخدمة في القطاعين وتفعيل دور الرقابة والتنظيم من قبل القطاع الصحي الحكومي على نظيره الخاص في عدة مجالات.

الهوان

تسجيل صوتي انتشر على نطاق واسع بمنصات التواصل الاجتماعي تتحدث فيه طبيبة استشارية في تخصص التخدير، أزاحت الستار عن قرار وصفته بـ” الخطير”، طبّقه وزير الصحة السابق مأمون حميدة قبل نحو خمس سنوات وذلك بمنع المرافق الصحية الخاصة من وجود بنوك للدم بها، وأن من لديه عملية ليست طارئة يذهب لبنك الدم المركزي بالخرطوم ويُتبرع له بحاجته من الدم ويُحول الدم للمشفى المراد إجراء العملية بها وهكذا، وإذا لم يُستخدم يُعاد لبنك الدم مرة أخرى ولا يُحتفظ به في المشفى، مما اعتبرته خللًا كبيرًا، ولفتت إلى أن هذا القرار كان سببًا في وفاة كثير من الحالات خاصة الحرجة منها والتي تحتاج لنقل دم لإسعافها.

من جانبها اتفقت طبيبة التخدير بمستشفيات الخرطوم د. رحاب عز الدين مع ما قالته استشارية التخدير بالتسجيل الصوتي، وأضافت رحاب في حديثها لـ( السوداني) في حالة الجراحات الطارئة كحوادث المرور أو “النزف” لأي سبب كان، فليس للمرافق الخاصة أي خدمة يمكن أن تُقدمها في هذه الحالة نسبة لعدم وجود بنك للدم، ويضطر أهل المريض لاتباع الإجراءات والذهاب للبنك المركزي وتأمين الدم المطلوب لإنقاذ الحالة الحرجة.

وتضيف د. رحاب ” للأسف هذا القرار تسبب في فقدان كثير من الإصابات التي كان يمكن إنقاذها”، هذا فضلًا عن قرار آخر اعتبرته يعيق عمل الطوارئ، وهو منع الأطباء من إسعاف أي حالة بها شُبهة جنائية دون تحرير ” أورنيك ٨”، وقالت إن هذا القرار الصادر من إدارات المشافي يُعرض الطبيب للمساءلة إذا قام بعلاج علاج حالات الحوادث الجنائية بدون “الأورنيك”.

حكومي أو خاص

القيادي بلجنة أطباء السودان المركزية د. محمد صالح عشميق اعتبر الوضع بالمرافق الخاصة سيئا وغير مقبول، وأشار عشميق في حديثه لـ( السوداني) أن قرار منع المؤسسات الصحية الخاصة من تخصيص بنوك للدم يُكلّف المريض مجهودا كبيرا جدًا للحصول على الدم من الجهات المركزية التي حددتها وزارة الصحة، مُنوهًا إلى أن ذلك الإجراء غير مقبول وفيه مشقة للمريض إذا كانت الحالة ” باردة”، ويتساءل عشميق ” فكيف إذا كانت الحاجة لحالة طارئة؟”.

وطالب د. عشميق وزارة الصحة بأن تسمح للمرافق الخاصة بأن يكون لها بنوك للدم بإشراف الجهات المعنية، وتضع وزارة الصحة الضوابط المحددة لهذا الأمر لضمان عدم تضرر أي مريض بسبب عدم توفر دم بالمرفق الصحي سواء حكومي أم خاص. ونبّه عشميق إلى أن وجود المرافق الصحية الخاصة هو من الأهمية بمكان لجهة أن المستشفيات الحكومية وحدها لا يمكن أن تغطي الخدمة الصحية بصورة معقولة.

تدخُلات عاجلة

من جانبها دعت الجمعية السودانية لحماية المستهلك وزارة الصحة لوضع حلول عاجلة لأزمة بنوك الدم بالمستشفيات، وقال رئيس الجمعية د. نصر الدين شلقامي لـ( السوداني) إن حوادث كثيرة جدًا وقعت وأخرى تقع كل يوم تصطدم بقرار عدم وجود الدم بالمرافق الصحية، ويتعطل إسعاف المريض إلى حين الحصول على دم من البنك المركزي، مُنوهًا إلى أنه لا يوجد ما يمنع المرافق الصحية من إيجاد بنوك للدم بها، خاصة المرافق الصحية الكبيرة عالية التردد سواء أكانت حكومية أم خاصة.

وقال رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك إن بنوك الدم بالمستشفيات تحتاج في إنشائها أو تأهيلها إلى اشتراطات ومواصفات محددة من ثلاجات وكوادر مُدربة وغيرها مما اعتبره أمرًا ليس صعبًا لتوفيره، وشدّد شلقامي على ضرورة أن تضع وزارة الصحة وجود بنك للدم بالمرفق الصحي أحد اشتراطات منح التصديق، مؤكدًا أنه من الأهمية بمكان أن يتم إلزام المرافق الصحية بإنشاء بنوك للدم بالمواصفات المحددة على أن تكون جميعها متصلة بالبنك المركزي للدم.

و عدّ شلقامي عدم وجود بنوك للدم بالمرافق من النواقص الكبيرة التي تحتاج لتدخلات عاجلة ومدروسة من قبل وزارة الصحة، مطالبًا بإدراجها ضمن اشتراطات التصديق.

تقرير: تسنيم عبد السيد

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى