حوارات

الصافي: تسليم البشير قرار شعبي..ولا يخص مجلسي السيادة والوزراء وحدهم

من على مقعده الوثير قدم القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير البروفيسور حيدر الصافي إجابات لكثير من التساؤلات، تطرقت معه (الجريدة) الى العديد من القضايا التي تشغل الساحة السياسية فالى مضابط الحوار:

 

* لقاء رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان برئيس الوزراء الاسرائيلي أثار ضجة كبيرة؟
– بالتأكيد هو أحدث ضجة كبيرة وجلها تركزت في الاقتصاد، ولكن السؤال حول هل تطبيع العلاقة مع دولة أسرائيل يقع في إطار صلاحيات المجلس السيادي، أم من إختصاصات مجلس الوزراء والمكاتب المؤسسية، ومن هنا جاء النقد، وأنا أرى أنه إذا كانت الحكومة على توافق وانسجام لم يكن هذا ليحدث، ولم يكن هنالك اعتراض كبير كما كان في السابق، كما كان يحدث في ستينيات القرن الماضي، وهذا يدل على أن الثورة فتحت منافذ لدولة المدنية باعتبار أنها حكم القانون وأظهرت الوطنية للشعب السوداني وأنه سيسعى إلى تحقيق مصالحه وفق ما تقتضيه السيادة الوطنية دون أي إملاءات من الشعوب وبعض الايدلوجيات.

 

* موقفكم من التطبيع في حد ذاته؟
– نعتقد مسبقاً أن التطور العصري والتكنولوجي جعل العالم مثل قرية، وهو يمضي تجاه تشكيل وحدة تقتضي المجاورة ويجب أن نبحث عن بديل لهذه الحروب التي تنشب هنا وهناك، ولذلك نحن نعتقد أنه من ناحية أيدولوجيا لا يوجد لدينا أي عداء مع أية دولة بعينها ولدينا مصالح متبادلة، والكوكب يسع الجميع دون إقامة أي عداء أو تشاكس ولذلك نفكر من منطلق إنساني، الذي يجعل الانسانية تنصهر في بوتقة واحدة، وأيضاً خلاصة المشروع الفكري الجمهوري الذي أنتمي إليه يدعو إلى تحقيق العدالة التي في قيمتها تعمل على إيقاف التمايز بين الناس، تقف على أساس العرق أو اللون أو اللغة أو أي أساس عنصري وهذا يتماشى تماماً مع ما ورد في القرآن.

 

* ماهي خطوة أو موقف قوى الحرية والتغيير عقب الزيارة ؟
– ردود الأفعال تحدثت عن الطريقة التي تمت بها الزيارة، وأعترضت العمل المؤسسي ولكن المضمون اختلف حوله الناس، بعض الناس يحملون في أذهانهم أن مقاطعة أسرائيل او العدو الصهيوني واللغة التي أستخدمت في القرن الماضي، وهنالك آخرون منفتحون على العلائق الانسانية والهوية الجديدة والتي تزود بعض الأشياء بينهم ولم يكن لديهم اعتراض وأيضاً قراءتهم للواقع العربي والاسلامي ليس هنالك من يستعدي اسرائيل دون موجب.

 

* ألا ترى أن الخطوة التي قام بها رئيس المجلس السيادي يمكن أن تفتح الباب للثورة المضادة لاستغلال ما حدث ؟
– الثورة المضاده أو النظام السابق، كان يعمل بازدواجية في التواصل مع أسرائيل في الخفاء، وهو يعلن للشعب السوداني أن هذه قضية ذات جذور دينية، وأنه لديه موقف معادي مع أسرائيل، ولكن الآن تمت إزاحة الستار ويجب أن لا نلعب هذا الدور الازدواجي، وأن يكون لدينا خط واضح من الحكومة التي صنعها الشعب، وهو من يسيرها وفق إرادته وليس وفق إرادة تُملى عليه.

 

* الوثيقة منذ البدء أثارت لغطاً كبيراً.. أليس هنالك أي إتجاه لتعديلها ؟
– الآن المرحلة للفترة الانتقالية ومحفوفة بتحديات عديدة، والناس تنتظر ثمرة هذه التحديات أن تكون ايجابية مثل السلام وتعيين الولاة، وهنالك تحديات نتطلع أن ننتصر عليها في أرض الواقع وتأتي بثمارها لأن الوثيقة ليست الغاية، إنما هي وسيلة لتحقيق الرفاهية للشعب السوداني، عبر المجلس التشريعي يمكن تعديل بعض الفقرات، العيوب التي لازمت هذه المرحلة نتيجة لأنه ليس هنالك سلطة رقابية وليس هنالك مجلس تشريعي.

 

* هل تعني أنه يمكن تعديلها أم لا..؟
– تُعدل إذا كانت ضرورة، والشعب رأى أنها لا تتوافق أو تفسر خطأ يمكن أن تعدل عبر المجلس التشريعي وهذه النقطة هامة جداً ويجب أن تظهر للناس وحتى اللحظة لا يوجد شخص يستطيع أن يقوم بتغيير الوثيقة الدستورية وهي عمل يجب أن يلعب دوره حتى تتكون مؤسسات السلطة الانتقالية ولا يوجد في الوثيقة ما يتطلب من الجميع أن يقوم بتعديلها.

 

* البعض يرى ضرورة تشكيل المجلس التشريعي للقيام بالمحاسبة والاستدعاءات ؟
– نعم، وقد لا يتجاوز الأمر عشرة أيام أو أسبوعين، وهنالك اجتماع مغلق الآن للحرية والتغيير، لوضع التصور النهائي الذي يتعلق بنسب المجلس التشريعي وهي 67./. و33./. حسب ما جاء في الوثيقة الدستورية بغرض تكوين المجلس التشريعي.

 

* هنالك انشقاقات داخل الحرية والتغيير..؟
– لا أعلم بوجود أي انشقاقات داخل الحرية والتغيير، لكن أعلم أن هنالك آراء مختلفة كما ذكرت لك، تعتمد على الطريقة الايدلوجية والحديث عن الدستور العلماني والديني والحديث عن اسرائيل لكن ليس في الممارسات المقيدة بالوثيقة، وهذا طبيعي وأعتبر ما يحدث دفعة لتحقيق القيم السياسية ولكن تختلف آليات التحقيق ولذلك أرى أن ما يحدث تنوع في الآراء وأختلاف من أجل العمل وليس انشقاقات.

 

* هنالك إتهامات بأن قوى الحرية والتغيير فقدت رصيدها منذ مليونية 30 يونيو الماضية..؟
– قوى الحرية والتغيير كتلة متناقضة من أقصى اليمين إلى اليسار كما ذكرت لك، عملت على إسقاط النظام وتكونت تنسيقيتها قبل الحراك، ودخلت السجون بقياداتها وعندما جاء التوقيع السياسي وتوقيع الإعلان الدستوري، واختارت رئيس الوزراء وبعد ذلك ساهمت في اختيار المكون المحلي وكل هذا جزء من الحرية والتغيير، بمعنى أنها كانت تعمل بطاقة، وأنها لم تعد ذاك الجسم الصغير، بعد أن فقدت جزءاً في مجلس الوزراء والمكون المدني وفي الوزراء أنفسهم وقيادات كثيرة على رأس مؤسسات الدولة، ولذلك لن يظل هنالك جسم يعمل في إطار الوثيقة الدستورية، والوثيقة الآن تتحدث عن 67 و 33 وهو ماتبقى فيها.

 

* تعليقك على قرار إحالة الضباط الذين انحازوا للثورة..؟
– قرأت تصريحات متناقضة حول إحالة الضباط ثم جاء تصريح من المجلس السيادي أنهم لن يتم إحالتهم وقرأت، أيضاً أن الجيش لا يتراجع في قراراته، وأنا أعيب على مؤسسات الدولة خاصة التي تكون على قمة الهرم التنفيذي أنها تعجل بتصريحاتها في الإعلام كما حدث في لقاء رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الاسرائليي نتنياهو، وأعتقد أن المسؤولية تقتضي أن يخلقوا بينهم نوعا من الانسجام والتوافق، حتى تخرج قراراتهم متسقة ومتوازنة وهذا الشعب الآن يعاني الأمرين من ضيق المعيشة وارتفاع الأسعار وندرة السلع الأساسية كالخبز والوقود، على مؤسسات الدولة السيادية والتنفيذية أن يعملوا على شكل من أشكال الانسجام ويجب أن يتحاوروا في أروقتهم ويتم التحاور على القرارات السيادية أو القرارات المصيرية التي تخص هذا البلد ولذلك هنالك تعليقات لا أجد لها ضرورة.

 

* مضت خطة 200 يوم التي دفعت بها قوى الحرية والتغيير وليس هنالك أي تغيير في الأوضاع المعيشية..؟
– الحرية والتغيير ليس لديها سلطة تستطيع أن تفعل بها شئ، انما صلاحياتها سياسية وتمارس الضغط كحاضن سياسي، وأي تأخير يحسب على السلطة التنفيذية، والعيوب تحسب على مجلس الوزراء والسلطات التنفيذية، والحرية تشاهد وتتابع وتراقب وهي تطرح أطروحات بغرض الاصلاح ولكنها لن تستطيع أن تكون تنفيذية.

* موقفكم من تسليم الرئيس المخلوع للجنائية..؟
لقد ذكرت من قبل عبر أجهزة الاعلام أن المشهد ما يزيده ارباكاً أن الأجهزة العدلية لم تستطع أن تبني ثقة بينها وبين الشعب السوداني وهي لم تحاكم رموز النظام البائد بشكل يجعل الشعب السوداني يثق في هذه الأجهزة، ولم تحارب الفساد بقررات صارمة، ولم تحاكم حتى من تمت ادانتهم في مقتل معلم خشم القربة الاستاذ أحمد الخير، وأن يتقدموا الى محاكمة ولم تخرج نتائج فض الاعتصام، وتجاوزت الحد المسموح به ولم يكن هنالك عقاب ومن الطبيعي والبديهي ان تجد الشعب السوداني يتطلع لأن تكون هنالك قوة خارجية ممكن أن تلعب دوراً حيادياً في مثل هذه القضايا، وبالتالي لا يوجد سوى خيار واحد، أما أن تسرع السلطات العدلية وتثبت للشعب بعد هذه الثورة العظيمة والانتهاكات التي حصلت للشباب بكل أشكال الفظاعة والعنف واللا انسانية، وكل الشعب ينتظر حكما على الذين اغتالوا الشهداء وأغتصبوا النساء وتحرشوا بهن، القرار أعتبره سيادياً يمثله الشعب السوداني وليس مجلس السيادة وليس المجلس التنفيذي، وهذا هو الذي يجعل الشعب في الشوارع قبل سقوط النظام، لأنه لن يتنازل عن دماء الشهداء وعن الحقوق التي تم اغتصابها سواء كانت أموالاً او ممارسات بشعة تقع في الاطار الاخلاقي وهم أمام خيارين، اما أن تثبت الاجهزة العدلية وتبنى الثقة بينها وبين الشعب السوداني وتتم محاكمات واضحة جاءت في شعار الثورة والشعب من حقه أن يذهب بالرئيس عمر البشير الى حيث يشاء.

 

* برأيك لماذا لم تتم حتى الآن محاكمة رموز النظام البائد..؟
– هذا السؤال أنا أيضاً كمواطن سوداني أدفع به الي الاجهزة العدلية، والاطالة دائماً ما تخيف الناس لأننا لدينا تجربة في نظام مايو 1985 عندما قامت الانتفاضة جاءوا بالجميع عبر التلفزيون وحصلت مسرحيات عديدة وبعدها من هاجر الى السعودية ومن ذهب الى الخارج ولذلك الشعب السوداني لن يتنازل، وهذه الثورة تميزت بمتابعتها في تحقيق قيم شعاراتها ولذلك يفتقد الشعب الى الثقة في المكونات العدلية وهو يتطلع لها.

 

* ظهرت نبرة تشكيك وتخوين في الحكومة الانتقالية..؟
– بطبيعة الحال التشكيك والتخوين ملازم لأي شخص في العمل العام، ونحن عندما وقعنا الاتفاق السياسي الناس تحدثت في الوسائط وهذا وضع طبيعي وقيادات التغيير أصابها رشاش من الزخم، والانبياء أيضاً تعرضوا لذلك في عروضهم وغيرها من الاشياء من تكذيبهم والذي يؤمن بالتغيير لا يلتفت لأي شائعة من الشائعات.

 

* هل هناك أي اتجاه لاعادة تشكيل الحكومة حالياً..؟
– لا زال السيد رئيس الوزراء يضمر مثل هكذا قرار، وأرى ان غياب المجلس التشريعي هو الذي يجعل الأمور غير واضحة ومائل للضبابية وانها تضعف وتجعل تحليل الواقع غير علمي لأنه به ربكة.

 

* هنالك مقترح تقدم به حزب المؤتمر الشعبي ينص على تكوين حكومة يديرها حمدوك..؟
– لا أعلم ولكن بصفتي الشخصية ليس هناك مجالاً لأي ثورة أن تطعن هذه الثورة بأي من العناصر التي ساهمت منذ1989 وتسببت بكل ما جرى للشعب وليس هنالك حرية وتغيير نعول عليها او مكون مدني في مجلس السيادة والشعب هو من صنع الثورة وجاءت من رحمه الحرية والتغيير وهي من أتت باختيار رئيس الوزراء والمكون المدني ،اذاً في كل هذه المعادلة صاحب القرار هو الشعب ولن يعود الى الوراء ويعيد تلك السنوات التي مضت ولذلك ذكرت لك ومن يريد أن يمارس السياسية بذكاء عليه أن لا يخالف ارادة الشعب.

 

حوار: عثمان الطاهر
الخرطوم: (صحيفة الجريدة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى