تحقيقات وتقارير

الولاة.. بين مطرقة المدنية وسندان المُحاصصة

شَهِدَ عَدَدٌ من ولايات السُّودان – كسلا، عطبرة وسنار- في ماضي الأيّام، احتجاجات كبيرة تُطالب فيها برحيل الولاة العسكرين وتعيين الولاة المدنيين، وأثارت هذه المطالب انقساماً في المُكوِّنات السِّياسيَّة، بين مُرحِّبٍ يرى أنّ تعيين ولاة مدنيين هو استكمالٌ للمدنية واستجابة لمطالب الثورة، وبين مُعارِضٍ يرى أنّ الخطوة ستكون كارثية في ظل تردي الأوضاع والانفلاتات الأمنية ببعض الولايات، وآخرون يرون أنّ الفراغ السِّياسي الذي تَشهَدُه الولايات سيُهدِّد الفترة الانتقالية كما جاء في تصريحات عُضو مجلس السيادة (التعايشي).

 

تصريحات التعايشي        

عضو المجلس السيادي محمد حسن التعايشي قال لبرنامج “مؤتمر إذاعي” الذي تُقدِّمه إذاعة أم درمان، إنّ الفراغ السياسي في الولايات يُهدِّد الفترة الانتقالية، ودعا لضَرورة مُراجعة القوانين والترتيب لمرحلة ما بعد السلام للبناء والتنمية بالبلاد.

خطأٌ مُرتكب

القيادي بحزب البعث العربي شمس الدين صالح، قال إنّ القراءة  الموضوعية للمشهد الآن لإعطائه الوصف الصحيح يجب النظر إلى الخطأ الذي اُرتكب منذ البداية، سواء كان من قوى الحرية والتغيير أو الشريك الآخر، عندما تَمّ تشكيل الحكومة كان يجب أن يتم تشكيل الولاة في نفس الوقت ولكن لم يتم! وأضاف أنّه في ظل الحكم الاتحادي أو ما يُسمّى بالحكم (الفدرالي)، السلطات موجودة في الولايات والحكومات المركزية لا تملك سُلطة على الولايات، وبالتالي أصبحت الولايات تحكمها مُؤقّتاً عسكريون، والقوانين فقط في العاصمة وحتى الخرطوم لا تتبع لمجلس الوزراء بالمعنى الأصح، بدستور الحكم الفدرالي يتبع للوالي، وبالتالي هذه المسألة عقّدت الأمور، وبرّر صالح أن الوثيقة الدستورية كانت تنص على أنه بعد ثلاثة أشهر من تشكيل مجلس الوزراء، يجب أن يُشكِّل المجلس التشريعي ليُوفِّر الرقابة والتشريع، لكن المُدّة ذهبت وبدون الرجوع إلى الوثيقة نفسها أو المؤسّسات الأخرى حدث اتفاق بين وفدي الحكومة والجبهة الثورية وتم التوقيع على أن يتم تأجيل تعيين الولاة والمجلس التشريعي لما بعد السلام، والسلام مفتوحٌ وغير مُحَدّدٍ بسقف زمني لأنّه لا يتم بإرادة الناس وهذه في حَدِّ ذاته ضد الوثيقة الدستورية، وقال إن الولايات تحتاج إلى تفكيك التمكين وهذا لا يتم إلا في ظل وجود والٍ مدني أساسي وغير مُؤقّت أو مُكلّف كما العسكريين، ويرى أن المؤتمر الوطني ظلّ بمُؤسّساته وأفكاره وأعضائه موجوداً في كل المُؤسّسات لعدم وجود والٍ مدني.. مَضَى عامٌ من وَقت التغيير ولكن ليس هناك تغيير، إضافةً للتعقيدات التي حدثت في الأوضاع المعيشية اليومية للمُواطنين، أجبرهم لقول إنه ليس هناك تغييراً تمّ، لذلك من الضروري خُرُوجهم، لأنّ سلاحهم الوحيد هو الاحتجاج السلمي الذي أسقط الحكومة السابقة، ولذا يعتبرون هذا الاحتجاج لفت نظر للحكومة الحالية لإعادة ترتيب خطواتها.

تأكيد

ويُؤكِّد صالح على حديث التعايشي، بأنّ الفراغ السياسي في الولايات موجودٌ، وتعيين الولاة المدنيين سوف يسد هذا الفراغ ويكونوا منسجمين انسجاماً كاملاً مع قِوى الحُرية والتّغيير الحاضنة السياسية للنظام الحالي، وفي مُعظم الولايات هناك جفوة بين قِوى الحُرية والتّغيير والولاة العسكريين المُكلّفين، وقال إنّ حكم الولايات لم تصلح من الوزارة المركزية نفسها، لأنّ الولاية تُواجه كَافّة المُشكلات الاجتماعية الموجودة، وتُعتبر في ظل الحكم الاتحادي دولة مُصغّرة أو سُوداناً مُصغّراً، فبالتالي مُشكلاتها تحتاج لأُفقٍ سياسي ولمعرفة ودراية لقضاياها، وبالتالي ليس هناك حلٌّ لمشاكل الولايات إلا بتعيين الولاة سواء مُؤقّتين أو دائمين.

ظروف استثنائية

المحامي والناشط السياسي والقيادي بحزب الأمة الفدرالي عمر سليمان قال لـ(الصيحة)، إنّنا في ظل وضعٍ ديمقراطي، لِذَا يجب أن تكون الأجهزة ديمقراطية ومُنتخبة من الشعب وبالأخص شعب الولاية، ولأنّنا الآن نعيش في ظُرُوفٍ استثنائيةٍ وفي ظل وثيقة دستورية وحدّدت أنّ هُناك تعييناً للولاة، وهناك إعلان جوبا أيضاً القاضي بإرجاء التّعيين حتى الوصول لسلامٍ، وأوضح عمر أن الذي تم مؤخراً يُشير إلى أن هناك عدم انسجامٍ بين المدنيين والمجلس العسكري في الحكومة الانتقالية، لذا تعيين الولاة المدنيين في بعض الولايات أمرٌ مُمكنٌ، ولكنه مربوطٌ بعملية السلام، ولكن لأنّ السودان بلدٌ مُوحّدٌ ولم يقبل التجزئة لا بُدّ من الانتظار، ولا بُدّ من الذهاب تجاه القضايا التي تهم البلاد وتجمع الشعب لنبني دولةً قوية.

والمسألة في الوقت الراهن وفي تقديري مربوطة بجوبا، ولا يُمكن تجزئة الأمر وتعيين الولاة قَبل اتفاقية السلام وفقاً لإعلان جوبا، وقال إنّ الوثيقة الدستورية تَجَاهَلت تماماً مسألة الحكم الولائي، والولاة الآن يعملون بالدساتير السابقة وبالتالي ليست لديهم علاقة بمجلسي الوزراء والسيادي أو هي غير واضحة، والمسألة ليس فراغاً سياسياً بقدر ما هي غياب للقانون أو الدستور نفسه سواء كان الوالي مدنياً أو عسكرياً لإتقان عمله، وفي نهاية الأمر نقول إنّ المسألة مربوطة بالوصول لاتفاقية السلام الشامل وسيعقبها تَعدِيلٌ في الوثيقة الدستورية, وبالتأكيد ستتم الإشارة إلى الولاة ومُعالجة الخطأ الدستوري الذي حدث.

عدم تأييد والأسباب (….)

الإعلامي صلاح المريود، يقول: أنا ضد تعيين الولاة المدنيين لأسبابٍ كثيرةٍ، نحن في ولاية غرب كردفان تحديداً وطبيعة المنطقة والمُكوِّن المجتمعي فيها هشٌ، وسيكون تعيين الولاة المدنيين خصماً على المُكوِّن الاجتماعي، نحن قبائل هشة والمُكوِّن المُجتمعي لدينا يُمكن أن يتسبّب في فتنة قبلية في المنطقة وهذا مصدر تخوفي، لأنهم سيأتون لتصفية حسابات مع أحزاب أخرى، وحتى ناس المؤتمر الوطني كلهم أعيان قبائل وهذه الإشكالية.

تقرير: زمزم خاطر

الخرطوم: (صحيفة الصيحة)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى