تحقيقات وتقارير

حكومة حمدوك بعد 100 يوم.. الأزمة الاقتصادية.. “العافية درجات”

بعد أن اكملت الحكومة الانتقالية الـ(100) يوم الأولى، وضعت على طاولتها 10 أولويات في برنامج الـ200يوم، كانت من ضمنها حل الأزمة الاقتصادية، وشرعت الحكومة الانتقالية في اتخاذ عُدة اجراءات وحلول للأزمة الاقتصادية، وعلى الرغم من البطء الذي صاحب بعض الحلول بحسب آراء، إلا أن خبراء اقتصاديين مضوا للقول إن “خراب” ثلاثين عامًا لا يُمكن أن يندمل في يوم أو سنة وعلى الشعب التريث والثبات ودعم الحكومة الانتقالية.

 

بالنسبة لتقييم تجربة الـ(100) يوم من عُمر الحكومة الانتقالية في الجزئية الخاصة بالقُوت والوقود والنقود، نجد أن الأمور قد عادت إلى طبيعتها تماماً فيما يلي وفرة السيولة (الكاش) وهي مُعضلة أرَّقت مضاجع الجميع، حيث كان المواطن يفشلُ في الحصول على جزء يسير من ماله المُودَع لدى البنوك، ما أدَّى إلى تفشي ظاهرة البيع بسعرين في سابقة لم يعرفها السودان طوال تاريخه، إلا أن الحكومة الانتقالية استطاعت في فترة وجيزة أن تفك هذه (الشفرة) بأروع ما يكون.

أما بخصوص دقيق الخبز والمواد النفطية، فنجد أن التقدُّم في هذين الملفين كان بطيئا بل تأرجح بين الصفوف تارة والوفرة المحدودة؛ تارةً أخرى، ورغم التأكيد المستمرة من قِبَل الجهات المُختصة بأن الحصص المقررة منتظمة بشكل تام، إلا أن ثمَّة صعوبة يجدها المواطنون في سبيل حصولهم على هذه السلع الاستراتيجية.

قطاع المواصلات

بالنسبة للمواصلات فقد فشلت الحكومة فشلاً ذريعاً في التقدُّم قيد أنملة في هذا الملف، بل أن الوضع ازداد تعقيدا، رغم محاولات الاختراق بالتوجيه الذي تلاه وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، بدخول العربات الحكومة في (مواعين) نقل المواطنين، حيث لم يرَ الناس عربة حكومة تقِلُّ مواطنين، بل لم يقتنع الكثيرون بالفكرة من أساسها، ويؤكد البعض أن الحكومة إذا فشلت في نقل المواطنين بحُرِّ مالهم فمن المستحيل أن تنجح في نقلهم (بالمجان).

قد تكون المحاولة الأخيرة بدخول القطار في أسطول مواصلات ولاية الخرطوم خطوة في الاتجاه الصحيح، ربما تستوعب جزءا من (الكُتل) البشرية التي تضيق بها المواقف المنتشرة بالمُدن الثلاث لكن يبقى الحل النهائي في تفعيل كل المواعين، قطارات تنطلقُ في كل المحطات وتُغطي جُل المحليات؛ إن لم نقُل كلها، وكذلك أسطول بصات حكومية، حتى لا يبقى هذا القطاع الحيوي رهنا لأصحاب حافلات يعملون وفقاً (مزاجهم) ويأبهون بأوقات الذروة التي يتكدَّسُ فيها المواطنون بالمواقف ويضطرون للوصول إلى منازلهم بتعرفة تتضاعفُ أكثر من عشر مرات.

أزمة السيولة

رئيس الغرفة التجارية حسن عيسى قال في حديثه لـ(السوداني): الشعب السوداني كان متفائلا بعد سقوط النظام لهدف التغيير نحو الافضل والمعاناة التي تجرعها الشعب، وخلال فترة (3-4) اشهر للحكومة الحالية كان هنالك انجاز وتحسن افضل خاصة في حل ازمة السيولة مما انعكس على ايقاف التعامل بالشيك والكاش الذي كان يتعامل به التجار في فترة النظام السابق، مشيرًا إلى أن الحكومة الحالية تعمل بكل جهد وخاصة في مسألة الفساد، مطالبًا بالاهتمام اكثر بالانتاج ووضع دراسات اقتصادية.

واضاف: الدعم الخارجي سواء أكان في المشتقات النفطية أم غيرها يساعد بصورة مؤقتة لحل الازمة ولكن على الحكومة أن لا تعتمد على الدعم الخارجي لانه لا يقدم الدولة للامام لذلك لابد من الاعتماد على الذات وعلى الحكومة أن تكون صادقة وامينة وأن يكون الإصلاح الاقتصادي شاملا دون أن يكون من أجل الانتقام أو التشفي، مطالبًا الحكومة الانتقالية والجهات المختصة بوضع قوانين اقتصادية جديدة تعالج الأزمة الاقتصادية الحالية، منوهًا إلى أن زيادة وانفلات الأسعار نتيجة لعدم الرقابة وسياسة التحرير التي مكنت افرادا في السابق ليتحكموا في الاسواق ودخول افراد للمجال من غير تخصصهم.

وقال: القوانين الاقتصادية الحالية غير صحيحة، ويجب وضع عقوبات رادعة للمتلاعبين في النقد الأجنبي بالسوق الموازي.

وقت مبكر

من جانبه قال د. محمد الناير الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين في حديثه لـ(السوداني): إن الوقت لايزال مبكرًا للحكم على أداء الحكومة الانتقالية في وضع برنامج الـ(200) يوم ومُضِيِّ الـ(100) يوم، مستدركًا: على مستوى الانجاز الحكومة حتى الآن تسير ببطء شديد في اجراءاتها الاقتصادية، وهذا البطء يمكن أن تصدر القرارات والسياسات الجديدة في العام 2020م.

وأضاف: حتى الآن لم يتم عرض أيّ نوع من الموازنة 2019م حتى يُعرف مدى المستوى وحجم العجز وعلى الدولة أن تعرض الموازنة على السلطات التنفيذية، مشيرًا إلى أن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة في القطاع الاقتصادي بالاعفاءات الجمركية وقرار ايقاف صادر الفول السوداني ومن ثم تم الاستئناف مؤخرًا من قبل وزارة الصناعة، معتبرًا أن ذلك يشير حتى الآن إلى عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة ليحكم عليها ومدى نجاحها، مطالبًا الحكومة بالاسراع في وضع السياسات الاقتصادية لمواجهة انفلات الاسعار بالأسواق، مشيرًا إلى أن مؤتمر أصدقاء السودان توقع معظم المهتمين أن يأتي بدعم نقدي ولكن تم التأخير لشهر ابريل، وقال: على الحكومة أن تعتمد على ذاتها بدلا عن الدعم الخارجي.

إنجاز طفيف

رئيس شعبة تجار الجملة بسوق ام درمان فتح الله حبيب الله اعتبر في حديثه لـ(السوداني) أن هنالك انجازا طفيفا في الحكومة الانتقالية الحالية لمعالجة الوضع الاقتصادي و” العافية درجات ” منوهًا إلى ضرورة الاهتمام بالزراعة وزيادة مساحاتها وزيادة أكبر قدر من التصدير بدلًا عن الاستيراد مما يهدر اموال خزينة الدولة وخاصة في السلع البذخية.

وأضاف: خراب (30) عاماً لا يمكن أن يتم إصلاحه في فترة وجيزة ولا بد من دعم الحكومة بعدم الخراب والتهور.

تقرير: ياسر الكردي – عبير جعفر

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى