تحقيقات وتقارير

بعد استئناف الجامعات .. “العنف” بعيون الطلاب

بينما كان طلاب جامعة الخرطوم يطرحون مبادرة تعلن التمسك بميثاق نبذ العنف عبرطلاب كلية العلوم الرياضية، كشف رئيس الحرس الجامعي العقيد أحمد علي الخليفة عن ضبط أسلحة بجامعة النيلين عقب عملية تفتيش للتأكد من جاهزية الجامعة لاستئناف الدراسة الأمر الذي رفع سقف المخاوف من العودة مجدداً لمربع العنف.. فسعت (السوداني) عبر جولة بعدد من الجامعات لاستطلاع الطلاب عن المناخ الجامعي بعد الثورة، ومدى إمكانية الخوض مجددًا في دوامة العنف التي كانت عنوانا بارزًا طوال عقود مضت في الحراك الطلابي..

 

طغيان السياسة
البداية كانت بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، حيث التقينا بأحد خريجيها والذي يحمل درجة الدكتوراه حالياً عمر إسحق، وقال لـ(السوداني) أمس إن العنف الطلابي موجود منذ ثلاثة عقود بسبب نظام البشير الذي ساهم في طغيان الجانب السياسي على الجانب الأكاديمي وتحولت الجامعات إلى ساحة لإزهاق الأرواح والتخريب والتدمير الذي طال حتى العملية التعليمية، مشيرًا إلى أهمية تهيئة الجو الديمقراطي الذي يتوقف على مراعاة التنظيمات السياسية داخل الجامعات وحرصها هي الأخرى على وجود بيئة جامعية معافاة، مبيناً أن ميثاق الشرف يحتاج إلى سند من جانب إدارات الجامعات وتغيير عقلية الحرس الجامعي كذلك،لافتاً إلى الجيل الحالي الذي صنع الثورة وأكد إرادته وتصميمه الكبير على اكمال التغيير الذي سيكتمل بحسبه وستعود الجامعات السودانية كما كانت قبل انقلاب يونيو 1989.

بدون حاضنة
ولم تختلف نظرة الطالبة تبيان عمر للأمر كثيرًا عما ساقه إسحق، إلا أنها أبدت في حديثها لـ(السوداني) تفاؤلًا بعدم عودة العنف مجدداً إلى الجامعات بعد سقوط النظام السابق ونجاح الثورة السودانية، وافتقاد منسوبي المؤتمر الوطني في الجامعات للحاضنة التي كانت تأويهم، مشيرة إلى أن العام بدأ بعد غيبة طويلة امتدت لأكثر من عام، لذلك شهد اليوم الأول حضورًا كبيراً من جانب الطلاب بكافة انتماءاتهم وتنظيماتهم السياسية وقالت ليس هناك أي بودار لإمكانية حدوث ما كان يجري سابقاً لجهة اصطفاف الطلاب نحو هدف محدد يتمثل في ضرورة إنزال شعارات الثورة على أرض الواقع بانتهاج دستور حاكم للخلاف داخل الجامعات وهو ما تمظهر في مبادرة طلاب كلية العلوم الرياضية بجامعة الخرطوم أمس الأول، مؤكدة وقوفها مع تعميمه وإرساء أدب جديد لإدارة الاختلاف.

تجييش الطلاب
وقال همام عمر إن التخوف من العنف كان قبل سقوط النظام لكن الآن لا توجد مخاوف من حدوث أي أزمات قد تكون سبباً في تعطيل العام الدراسي، قاطعاً بأن النظام السابق في الفترة الماضية كان هو من يقف خلف الأحداث التي شهدتها الجامعات، بتجييشه الطلاب وتحويل العمل السياسي إلى معارك الهدف منها إقصاء الآخر ومحو وجوده الأمر الذي تضرر منه الكل بلا استثناء ، مبيناً أن الوضع سيكون مختلفاً وستعود الجامعات لتكون منارة تسهم في رفد الساحة السودانية بكفاءات مؤهلة، بالإضافة إلى مساهمتها في صقل المواهب والاهتمامات في كافة الجوانب بما فيها الجوانب السياسية “أس الداء” خلال العقود الماضية بسبب سياسات النظام السابق.

تأثير الثورة
وقال الطالب أيمن عمر أحمد بجامعة النيلين، لـ(السوداني) أمس، إن ثمة اختلافاً بين ما مضى وبين ما أرسته الثورة السودانية على كل السودان بما فيه الجامعات التي تشهد تغييرًا سيمضي بحسبه، وسيجد ممانعة من قبل شرائح داخلية على المستوى الإداري وعلى مستوى الطلاب، مشيرًا إلى أن ما جرى بجامعة الزعيم الأزهري مؤخرًا لا يعد مؤشرًا على إمكانية الرجوع للوراء، مضيفاً أن الغالبية العظمى من شريحة الطلاب لا تحبذ العنف ولا تلجأ إليه باعتبارها شريحة تمتلك حجة ومنطق وترى كذلك ضرورة إنشاء قاعدة نقاش وحوار قائمة على عدم التعدي على حق الغير في التعبير وعدم التقليل مما يطرحه المخالفون وإعلاء ذلك كثوابت يبنى عليها النشاط الطلابي بكافة ضروبه.

الوحدات الجهادية
وبدأ الطالب مازن شمس الدين جامعة أم درمان الإسلامية مسرورًا وبدأ حديثه لنا بتأكيده على أن البلاد ككل ودعت عهدًا مظلماً وتخطو خطوتها الأولى في تحقيق الانتقال الديمقراطي الذي أحوج ما يكون إلى عودة العافية الوطنية بعدما تشوهت، مبيناً أن الجامعة الإسلامية التي كانت تعد أحد معاقل النظام البائد لن تكون كما كانت في السابق بعدما تساوت “الكتوف”، وأصبح الكل طلاباً بدون تمييز مشيرًا في حديثه لـ(السوداني) إلى أهمية التخلص من (الوحدات الجهادية) وتجفيف منابعها ووضع يد المؤسسات المعنية يدها عليها باعتبار أنها الخطر الحقيقي على البيئة الجامعية وما دون ذلك مقدور عليه، مطالباً كذلك طلاب النظام البائد بالابتعاد عن العنف لجهة أن الدولة حالياً فيها قانون لن ينجى من مقصلة عقابه مذنب، مبيناً أن الأفضل لهم أن يقدموا تجربة إنسانية وسياسية تقوم على المنطق والعقلانية، والابتعاد عن الشوفونية والهياج ومحاولات تعكير المناخ الجامعي لأنه مضر بتجربتهم المختلفة والتي تحتاج إلى تصحيح.

جوانب أخرى
وقال الطالب سيف أحمد جامعة القرآن الكريم، إنه ليس هناك ما يعكر صفو العام الدراسي في الجامعات، مشيراً إلى أن الاهتمام ينبغي أن يشمل البيئة الجامعية كذلك، في القاعات ومنشآت الحرم الجامعي، واحتياجات الطلاب ومقار سكنهم لجهة تأثير الخدمات الكبير على استقرار العام الدراسي، فضلاً عن إيقاف الشرطة الجامعية، وإعادة الحرس الجامعي بعقلية جديدة تعي حرمة الدور التعليمية وتراعي خصوصيتها وخصوصية الطالب، لافتاً إلى أن حادثة جامعة الزعيم الأزهري بغض النظر عن مآلاتها إلا أنها أعطت مؤشرًا لسخط الناس على حكم المؤتمر الوطني، حيث طالب منسوبو النظام السابق إخضاع تجربة حكمهم للتقييم ومعرفة ما لهم وما عليهم حتى يتمكنوا من العودة في إطار أجواء ديمقراطية تنشدها القاعدة الطلابية.

أدب الخلاف
وأكد محمد عبد الرحمن من جامعة الخرطوم وأحد المؤيدين لميثاق نبذ العنف أن القاعدة الطلابية بالجامعات مصممة على بتر العنف بكافة أشكاله وممارسيه وإخراجه من القاموس الجامعي. وأضاف في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن الميثاق سيتم تعميمه على كافة الجامعات السودانية وتنظيماتها المختلفة التي تتفق تماماً مع أهمية وجود أدب لإدارة الخلاف بينهم في الآراء إزاء ما هو مطروح أياً كانت نوعية الفكرة أو الاتجاه، مشيراً إلى أن الثورة السودانية أثبتت أن روح السودانيين عموماً “رياضية” من خلال عدم انصياعهم وراء خطط النظام السابق الذي سعى لجرهم إلى العنف بشتى السبل قبل سقوطه، مبيناً أن أي مخططات “كيزانية” لجر الطلاب إلى العنف لن تجدي. وأضاف أن على المنتمين للوطني الاستعداد لخوض تجربة ديمقراطية تقوم على المنطق والفكر ” بعيداً عن أي صراع أو عنف منوهاً إلى أن الفكرة القائمة على المكابرة والعنف سيلفظها الطلاب كما لفظ الشعب السوداني البشير ورموزه.

تقرير: شهدي نادر

الخرطوم (صحيفة السوداني)

 

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى