حوارات

السفيرة البريطانية السابقة في الخرطوم روزاليندا: (…) هذا ما حدث بيني والبشير في (لقاء البركاوي)

الزميلة المشاركة في برنامج إفريقيا بمعهد (تشاتام هاوس) والسفيرة البريطانية السابقة في الخرطوم روزاليندا مارسدن، كانت أحد أبرز القائمين على مؤتمر (حوار أصحاب المصلحة في السودان)، الذي نظمه برنامج إفريقيا بمعهد (تشاتام هاوس) البريطاني والذي بحث الإمكانيات والموارد التي يزخر بها السودان وفرص تعزيزها لتجاوز تحديات الفترة الانتقالية. مارسدن المسلحة بخبرة وتواصل مع السودان منذ سبعينيات القرن الماضي في مطلع خدمتها بالخارجية البريطانية، وصولاً للعمل في السودان كسفيرة للمملكة المتحدة ومبعوثة للاتحاد الأوروبي، خلقت تواصلاً واسعاً مع السودانيين وألمَّت بتفاصيل المشهد. (السوداني) التقت بها وطرحت عليها العديد من التساؤلات فكان ما يلي:

 

  • كيف تُقيِّمين الأوضاع في السودان بعد نجاح الثورة في عزل الرئيس البشير؟
    إنه انتصار تاريخي لثورة سلمية قُدِّمَتْ فيها العديد من التضحيات بالأرواح، من أجل إنهاء عقود من المعاناة والعنف ومآسي النزوح واللجوء لإقامة دولة مدنية ديمقراطية. والحكومة الانتقالية أمام فرص وتحديات كبيرة.
  • هل مثل اندلاع الثورة ونجاحها في إزاحة النظام السابق كان مفاجئاً للمجتمع الدولي؟
    لقد كنت مُتابِعةً عن قرب لتطورات الأوضاع في السودان، وبدا واضحا ارتفاع حدة السخط الشعبي في العام الأخير لمستويات غير مسبوقة، لتصل حد الانفجار منتصف ديسمبر، لتتسع دائرة الاحتجاجات في كل أنحاء البلاد بمشاركة قطاعات اجتماعية واسعة خاصة الشباب والنساء، المدركين لحقيقة ما يجري من حولهم، وسعوا لتحقيق ديمقراطية وازدهار لبلادهم، إلا أن طريقهم ما يزال طويلا، أمام العديد من التحديات خاصة وأن الدمار الذي لحق بالبلاد ومؤسساتها، بلغ حدا غير معقول من تردٍّ اقتصاديٍّ وانهيار في الخدمات العامة، وملايين المواطنين مشردون في معسكرات النزوح واللجوء والخدمات الأساسية من صحة وتعليم تحتاج لإعادة، بناءً فضلاً عن البناء الدستوري قبل إقامة انتخابات نزيهة. كل هذا يجب إنجازه في فترة قصيرة لا تتعدى الثلاث سنوات، هي عمر الفترة الانتقالية.
  • جملة من الإصلاحات العاجلة يجب على الحكومة إنجازها خلال هذه الفترة القصيرة، أبرزها الخدمة المدنية وكيفية التعامل مع منسوبي النظام السابق؟
    نعم، هناك جملة من الإصلاحات التي يجب أن تتم، أبرزها كيفية التعامل مع منسوبي النظام السابق في أجهزة الدولة. رئيس الوزراء أكد أنه سيتم التعامل بالقانون مع هذه المسألة الحساسة، وهي من القضايا التي ستُقرِّر الحكومة الجديدة كيفية التعامل معها، أيضا هناك مسألة الإصلاحات في قطاع الأمن، وتقليص الإنفاق على القطاعات العسكرية، وقد وضع الاتفاق السياسي مسألة الإصلاح هذه بيد المؤسسات العسكرية، وهذا ملف متصل بالإصلاحات الاقتصادية، أما في المجال الاجتماعي أيضا فمن المهم إشراك قطاعات واسعة ممن تشعر بالغضبة لتهميشها، كل هذا يأتي في ظل موارد مالية شحيحة. رئيس الوزراء أشار إلى حاجة السودان العاجلة لنحو 8 مليارات دولار، منها ملياران ستكون وديعة في البنك المركزي، لدعم العملة المحلية بشكل عام، الإصلاح الكمي للاقتصاد يتطلب مشاركة سياسية واسعة وشفافية ومساءلة ومحاربة الفساد، كما يتطلب ترجمة الدعم الدولي للحكومة الانتقالية لخطوات ملموسة.
  • ممثلة البنك الدولي أشارت إلى صعوبة تقديم المؤسسات المالية الدولية أي دعم حالي للسودان؟
    المديرة القُطْرية للبنك الدولي، كاري ترك، أشارت في المؤتمر الأخير إلى صعوبة تقديم المؤسسات المالية الدولية أيَّ دعم حالي للسودان، مشيرة إلى ضرورة تصفية المُتأخِّرات، والتي قد تأخذ وقتاً طويلاً، بجانب ضرورة تبني الدولة لوثيقة خفض الفقر والتزام الحكومة بوضع استراتيجية تركز على محاربة الفقر وتضع منهجاً على المدى المتوسط، يتطلب مزيداً من الجهود والتشاور مع القطاعات المختلفة.
  • في ظل هذه الأوضاع، كيف يمكن للحكومة تلبية احتياجات المواطنين؟
    من المهم للحكومة، إدارة توقعات الجماهير، وهو ما يتطلَّب شفافيةً وشرحاً للرأي العام عن قدرات الحكومة الحقيقية، وما يمكن فعلياً أن تُحقِّقه خاصة في ظل التحديات المُتَّصلة بوجوده على لائحة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب، وهو ما يُمكِّن السودان من الاندماج في الاقتصاد العالمي، ويُسهِّل عملية تقديم المساعدات، وإعفاء الديون.
  • هل من السهل إزالة اسم السودان من لائحة الإرهاب؟
    لا أريد أن أتكلَّم نيابة عن الولايات المتحدة، ولكن أعتقد أن واشنطن داعمة للحكومة الانتقالية، وهي تدرك أن إزالة السودان من لائحة الإرهاب من أولويات حكومة حمدوك، وقد دعت مؤخراً لاجتماع لأصدقاء السودان بمشاركة وزير المالية السوداني لتشجيع الشركاء على دعم ومساندة السودان.
  • الرئيس الفرنسي ماكرون، أعلن عن اجتماع آخر لدعم السودان؟
    لا، هذا مختلف، دعوة ماكرون للمانحين الدوليين ستنعقد بعد إزالة اسم السودان من لائحة الإرهاب. اجتماع واشنطن هو مواصلة لاجتماعات أصدقاء السودان لبحث سبل دعم الحكومة الانتقالية، وأحد التحديات الرئيسية أمام الحكومة تتعلق بترتيب الأولويات، عليها أن تحدد ما الذي يجب إنجازه الآن، وما الذي يمكن أن ينتظر لما بعد الانتخابات، هناك إصلاحات قصيرة المدى وأخرى متوسطة وطويلة، بعضها متشعب يتصل بالسياسة والاقتصاد والأمن مثل قضية السلام والإصلاح الاقتصادي، جزءٌ من موارد السودان يقع في المنطقتين ودارفور، وهو ما يتطلَّب سلاماً دائماً وعودة النازحين واللاجئين لمناطقهم للاندماج في الحياة السياسية والاقتصادية، كما أن السلام مُهِمٌّ لعملية التحول الديمقراطي، فالانتخابات يجب أن تشمل جميع أنحاء السودان، ويشارك فيه جميع المواطنين من دون تحقيق الإنعاش الاقتصادي سيكون من الصعب على الحكومة تحقيق الأهداف السياسية، وعلى هذا الأساس ينبغي أن تتشكل خطة الحكومة ومشاوراتها مع المجتمع الدولي. السودان لا يمكن له تجاوز هذه التحديات دون دعم دولي.
  • ما هي أسس خارطة الطريق لتحقيق الإصلاح الاقتصادي؟
    أولاً لا بد من إزالة اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما يسمح بإعفاء الديون الخارجية التي تقدر بنحو 60 مليار دولار ومعظمها لنادي باريس. وشرحت ممثلة البنك الدولي كيفية إعفاء الديون وتسهيل تقديم مساعدات جديدة.
  • بحسب معرفتك وخبرتك، هل سيستغرق رفع السودان من لائحة الإرهاب وقتاً طويلاً؟
    إزالة اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، قد يستغرق تسعة أشهر، لكن الأمر رهينٌ بنتائج المحادثات مع الجانب الأمريكي، فيما يستغرق إعفاء الديون وتقديم المساعدات نحو ثلاث سنوات، وفقاً لمصفوفة مطلوبات، السؤال هو عن قدرة هذه المؤسسات على إنجاز هذا الأمر في فترة أقل. وبطبيعة الحال، لا يمكن إنجاز هذا في أسبوع أو شهر، هذا سيكون واضحا من خلال اجتماعات وزير المالية بصندوق النقد الدولي. على العموم هناك فرصة جيدة لتحقيق الإصلاحات، فرئيس الوزراء يحظى بشعبية، وعادة هذا هو الحال عندما يأتي نظام جديد، لكن بعد أسابيع وانقضاء (شهر العسل) سيتساءل الناس: لماذا لم تتغير الأوضاع كما كانوا يتوقعون؟ وأن الحكومة الجديدة لا تقوم بالجهد اللازم لتغيير الأوضاع بشكل إيجابي.
  • بعد أيِّ ثورة تكون التوقعات عالية؟
    لهذا فإن الشفافية والاتصال مهم لإدارة التوقعات. صحيح أن حمدوك والبدوي من أفضل الخبرات الاقتصادية الدولية، وهو ما جعل السودان يمتلك أفضل فريق اقتصادي لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية، وهذا أمر مُشجِّع، لذلك على المجتمع الدولي بذل أفضل ما يُمكن لدعم هذه الجهود. اعتقد في ذات الوقت أن الدعم الدولي يتطلَّب تمتُّع المدنيِّين بسلطة لإدارة الإصلاحات من أجل تعزيز الحريات، خاصة الإعلامية، وأن عملية السلام تمضي بشكل جيد، وحتى الآن اتخذت الحكومة إجراءات مشجعة، وعلى المجتمع الدولي تقديم أفضل ما يُمكن لدعم الحكومة لتجاوز هذه التحديات.
  • برأيك، هل الحكومة الانتقالية الحالية قادرة على مواجهة كل هذه التحديات؟
    إزاء كل هذه التحديات ثمة فرص عظيمة، ربما للمرة الأولى يأتي رئيس وزراء بخبرة وبدعم دولي كبير. حمدوك لديه رؤية واضحة وعرف كيف يُرتِّب الأولويات، كما يحظى بفريق يتنافس لتقديم خبراته في مجالات مُختلفة من بينها حقوق الإنسان، كما تم تعيين أول وزيرة خارجية في البلاد، وهذه مؤشرات تكشف لك كيف يعمل بجد لإدارة الأوضاع في الفترة القادمة. الفرصة الثانية تتعلق بتفاعل المواطنين ولجان المقاومة خاصة الشباب والنساء، مع الثورة وقدرتهم على الحفاظ على روحها حتى تحقيق كل أهدافها، وهو ما يمثل دعما للحكومة، كما أن وجود إعلام حر لأول مرة كفيل بإدارة نقاشات حرة، وأي حكومة تحتاج إلى إعلام حر لمراقبة أدائها وأداء أدوار إيجابية، في العادة أي اتفاق سياسي لا بد أن يتم إسناده بالمشاركة الشعبية، وألا يتم التعويل على الدعم الخارجي فقط. لقد كان خطاب حمدوك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رائعا، كما أن توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس مكتب للمنظمة الدولية لحقوق الإنسان في الخرطوم، يؤكد التزام السودان بمسألة حقوق الإنسان، هذه أمثلة على العديد من الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة في أسابيعها الأولى، ونتطلع للمزيد.
  • عملية السلام الدائم والمستدام تعتبر بمثابة تحدٍّ وفرصة لنجاح الفترة الانتقالية؟
    في السابق كانت المفاوضات بين النظام البائد والحركات المسلحة، وللأمانة لم تكن للنظام السابق أي إرادة سياسية حقيقية لتحقيق السلام، هذه المرة يبدو الوضع مختلفا باعتبار أن الحركات المسلحة جزء من الثورة بعضهم مُوقِّع على إعلان الحرية والتغيير والبعض الآخر داعم لما تحقق، وهناك فرصة كبيرة للسلام بعد لقاءات الحكومة في جوبا بالجبهة الثورية والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، فضلا عن لقاء عبد الواحد محمد نور في باريس.
  • ولكن نور أشار إلى أن اللقاء تم بصورة شخصية وليس بحكم موقعه؟
    مجرد فتح قنوات للتواصل يمثل خطوة إيجابية، هناك فرصة ذهبية لتحقيق السلام في أقرب وقت.
  • ولكن ما يزال ممانعا للتفاوض مع الحكومة؟
    صحيح ما يزال ممانعاً، ولكن على الأقل فتحت قنوات الاتصال، يجب أن تكون هناك مقاربة جديدة لاتفاق السلام لضمان استدامته ويجب أن يسعى المفاوضون لإنهاء معاناة النازحين واللاجئين وإعادتهم لمناطقهم في أقرب وقت، الأمر يتوقف على هندسة جيدة لعملية السلام.
  • هناك تخوف من أن ألا تصل الثورة السودانية لغاياتها، وأن يحل بها ما حدث في بعض بلدان الربيع العربي؟
    من الملاحظات الأساسية أن الثورة السودانية كانت سلمية بالكامل، على الرغم من محاولات النظام البائد دفع المتظاهرين نحو العنف قبل أن ينحاز الجيش للثورة. هناك اختلافات كبيرة بين ما حدث في السودان وبلدان الربيع العربي خاصة مع تركيبة المجتمع المدني السوداني والتنظيمات السياسية، فضلا عن تجارب الديمقراطية في السودان، كما أن ثمة أمرا آخرَ مقارنة بما حدث في مصر أن الإخوان المسلمين، فقد أتوا للسلطة من خارجها، بينما في السودان قامت الثورة ضدَّهم، وهو ما يجعل الديناميكيات السياسية مختلفة. بصراحة أنا متفائلة بوصول الثورة السودانية لغاياتها، استنادا لما ذكرت بجانب التحديات التي أشرت إليها سابقا، وهنا أكرر: من المهم أن يدعم المجتمع الدولي الحكومة الانتقالية ليكون ما حدث في السودان ملهما في المنطقة، وهو ما سيعطي الأمل للآخرين بإمكانية نجاح تجارب التحول الديمقراطي. التحديات كبيرة ولكن الفرص عظيمة.
  • ماذا عن المؤتمر الوطني الحزب الحاكم السابق ومحاولة تجديد مظهره واستعادة السلطة مجدداً؟
    من الممكن أن يكون لديهم بعض الحظوظ في الانتخابات.
  • هناك مخاوف من أن ينخرط منسوبو النظام البائد في أعمال تخريبية لإفشال الحكومة الانتقالية؟
    أرجو ألا يحدث ذلك، يجب أن يستوعبوا حقيقة ما حدث، وبحث إمكانية إصلاح حزبهم وسياساته للعودة مجددا بعد الانتخابات. في كثير من الأحيان أعتقد من المفيد لمثل هذه الأحزاب أن تجلس بعيدا عن السلطة لبعض الوقت لتجديد نفسها. البقاء في السلطة والخروج للمعارضة يجدد التفكير.
  • هناك قيادة جديدة الآن للمؤتمر الوطني على رأسها وزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور؟
    سننتظر ونرى ما الذي سيضيفه غندور للحزب، ولكن أيضا نعلم جميعا ما حدث للاتحاد الاشتراكي التنظيم الحاكم إبان حقبة نميري، لقد تلاشى بعد السلطة، سننتظر ولنرَ ما سيحدث للوطني.
  • هناك قصة باتت مشهورة حدثت بينك والرئيس المخلوع عمر البشير، مفادها –كما رواها البشير – عند انتهاء عملك بالخرطوم ووداعك للبشير كما جرت العادة، ألقيتِ عليه تعليمات سياسية، لكنه (صرف لك بركاوي) – أي ألجمَك برده -؟
    هذا حدث قبل وقت طويل. أعتقد في العام 2010، وأنا مُتفاجئة من أن البشير ما يزال يذكره، يُفترض أنه قابل مئات الدبلوماسيين. لا أذكر التفاصيل تماماً، لكن أعتقد أنني أوصلت له رأي الإدارة البريطانية حول عدد من القضايا والمواقف، من بينها دارفور وحقوق الإنسان، وهو دافع عن موقفهم، وانتهى الاجتماع بطريقة دبلوماسية، بعدها بيومين غادرت السودان ونشرت الخارجية السودانية بياناً عن المقابلة ووصفتها بالإيجابية، ناقلة إشادة البشير بالتقدم الذي حدث في علاقات البلدين، ولكن فوجئت لاحقاً بما قاله.
  • بماذا تُفسِّرين موقفه؟
    أعتقد أنه بمحاولة ادِّعاء الهجوم عليَّ، كان يهاجم المعارضة، وإظهار أنهم يتلقون الدعم من الخارج، لم أكن معنية فعليا بتلك التصريحات الأمر مرتبط بصراعه مع معارضيه.
  • النظام السابق، كان يتهمك صراحة بأنّك كنتِ تقفين على رأس مجهودات دعم المعارضة ومحاولة توحيد فصائلها؟
    الأمر مرتبط بدعم عملية السلام التي كان يتوسط فيها إمبيكي، وكن نسعى لتنظيم الجانب الضعيف وتهيئته للمفاوضات، هذا حقيقة الأمر.
  • بالعودة للوضع الحالي هناك مخاوف من عدم اتفاق قوى الحرية والتغيير على رؤية مؤحدة لإدارة الفترة الانتقالية؟
    من المهم أن تحظى حكومة حمدوك بالدعم السياسي من قوى الحرية والتغيير. صحيح أن الأمر سيكون مختلفاً بحلول الانتخابات وإعادة ترتيب المشهد، إلا أن الوضع المثالي سيكون هو التفاف قوى الحرية والتغيير حول الحكومة الانتقالية، ودعمها خلال الثلاث سنوات، مما يجعل السودان يمضي في المسار الصحيح.

حوار: محمد عبد العزيز

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى