حوارات

رئيس الجبهة الثورية د. الهادي إدريس: طلبنا من جوبا مخاطبة الاتحاد الأفريقي لمنحها تفويضاً

فندق “بيرميد” بحوبا يعج بالمفاوضين من وفدي الحكومة وحاملي السلاح، لا تكاد تتحدث مع أي شخص دون أن تهمس في أذنه لكي يسمعك، لكني وجدتُ رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس قبل التوقيع على الإعلان السياسي بساعات أمس، ودخلت معه إلى إحدى القاعات، فالرجل رئيس لـ 9 مكونات سياسية وعسكرية بينها كثير من التقاطعات وتبايُن الآراء مما يعني أن قيادته لذلك الجسم تبدو كمركب ورقية في بحر تتلاطم أمواجه،  مما يتطلب الحكمة والهدوء حتى لا تغرق المركب. 

هذه الحكمة والهدوء في رئيس الجبهة الثورية د.  الهادي إدريس الذي أجاب على أسئلة “الصيحة”، وفي باله اجتماع هام يُذكّره به مدير مكتبه من حين لآخر.. فمعاً لنُطالع ماذا قال:

 

*ماهو تعليقك على ما أسفرت عنه جولة التفاوض الأخيرة في حوبا؟

نحن في هذه الجولة، والتي تعتبر الثانية، استطعنا أن نعقد فيها جلسات مباشرة مع وفد الحكومة، وأجرينا تقييماً شاملاً لإعلان جوبا، ووقفنا على ما تم إنفاذه والتحديات المستقبلية،  ووجدنا بشكل عام أن هناك نسبة إنفاذ عالية جدًا خاصة فيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى، وهي خطوة جيدة جداً، واستطعنا خلال هذه الجولة تكوين لجنة مشتركة للتفاوض من الطرفين واستطاعوا الوصول لاتفاق سياسي حددنا فيه الأجندة  التفاوضية ومسارات التفاوض، وتحديد رفض العدائيات، نحن في الجبهة الثورية السنوات الأخيرة ظللنا نعلن وقف العدائيات من جانبنا، الجديد في هذه الجولة أكدنا على أن تجديد وقف العدائيات سيكون من الطرفين، صحيح لم ندخل في نقاش حول الترتيبات الأمنية، ولكن لكي نثبت للناس أن وقف العدائيات خطوة لتمهيد التفاوض بين الطرفين.

الآن وفد الحكومة يدرس ورقتنا، ويمكن أن نتفق الآن، هناك إرادة من الطرفين وجدية طاهرة في تشكيل وتفويض الوفد فبالتالي نحن متفائلون بأن  السلام سيتحقق في وقت قريب مما يعني أن كل مكونات الكفاح المسلح ستكون جزءاً من الفترة الانتقالية لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه والمساهمة لمرحلة التحول الديمقراطي، تقييمي للجولة أنها حققت إنجازات كبيرة وخلقنا ثقة كبيرة مع الأطرف الأخرى.

*ما هي أهم مقترحات الورقة الإطارية التي دفعتم بها لوفد الحكومة في الترتيبات الأمنية “الملف السياسي”

الترتيبات الأمنية قضايا تفاوضية، نحن نريد تقديم

أنا أقصد أبرز ملامح الورقة دون الخوض في التفاصيل؟

نحن لم نناقش الترتيبات الأمنية، بل تحدثنا عن وقف العدائيات والترتيبات الأمنية والدمج وغيره، هذه تفاصيل والحديث فيها سابق لأوانه، لكن لدينا رؤية شاملة لكل ذلك سنقدمها مع بداية التفاوض.

*منذ إعلان جوبا لم تكن هناك أي اتصالات بينكم والحكومة، وهذا ظهر جلياً عندما تفاجأتم مع الحكومة في بداية هذه الجولة بعدم تشكيل اللجان وغيرها من الترتيبات التفاوضية؟

صحيح، كان هناك عدم متابعة من الطرفين، واتفقنا من قبل على تشكيل لجان مشتركة وكل طرف يسمي ممثليه ولكن هذا لم يتم، نحن الآن شكلنا اللجان ومنذ اليوم هناك لجان للتواصل والاتصال في قضايا التفاوض، ومعروف ان التفاوض عملية مستمرة فما بين كل جلسة واخرى ستكون هناك آليات ومتابعة.

*هل هناك أي اتصالات بعبد الواحد باعتباره رفيقًا للنضال  معكم؟

قد تكون للوساطة اتصالات، لكن نحن في الجبهة الثورية ندعو كل حاملي السلاح لطاولة التفاوض، لأن قضية السلام محتاجة للكل، وفي إعلان حوبا تركنا مساحة لعبد الواحد متى ما أراد الانضمام للتفاوض.

*ألا يشكل وجوده خارج منبر التفاوض مهدداً للعملية السلمية؟

أي شخص بالنسبة لنا مهم بغض النظر عن حجمه، لكن يجب تغيير المواقف والتحول نحو السلام، وأعتقد أن السلام غير محتاج لشخصي أو عبد الواحد أو غيرهما، فالمواطنون المتضررون من الحرب ينتظرون التنفيذ، ولن يتمسكوا بالأشخاص لأنهم يريدون السلام، وتجربتنا مع النظام السابق هناك اتفاقيات وقعت ومن وقعوا استوزروا، ولكن لم يتحقق السلام على الأرض، فإذا وقعنا اتفاق سلام ونفذناه هذا يقفل الباب أمام أي محاولات أخرى لحمل السلاح.

*هناك حديث عن أن منبر جوبا غير مفوض من الاتحاد الأفريقي للعب دور الوساطة؟

طبعاً الأوضاع تغيرت في السودان، وتفويض سلام دارفور عند اليوناميد بمنبر الدوحة، والمنطقتين عند الآلية الأفريقية الرفيعة، فطالما جنوب السودان وقف معنا وقام بدور الوساطة يجب أن يكون مفوضاً، ونحن طالبناهم بضرورة مخاطبة الاتحاد الأفريقي والبحث عن تفويض وطالبناهم بالاجتهاد في ذلك، نحن نريد مشاركة واسعة للمجتمع الدولي والأفريقي ودول الجوار للمشاركة في عملية السلام.

*هذه المسألة ستأخذ وقتًا ونحن محكومون بزمن محدد هل يعني رفع جولات التفاوض؟

رفع جولات التفاوض مطروح، ولكن ليس بسبب التفويض وإنما نحن نريد مشاركة دول الجوار والمجتمع الدولي، وأعتقد أنه بعد التوقيع على أي ورقة محتاجون  لفترة نرتب فيها الأوراق والمواقف جيداً.

*هناك حديث عن خلافات أجلت التوقيع على الإعلان السياسي مع الحكومة أكثر من مرة مع العلم أن وفد الحلو خلال ثلاث ساعات وصل لاتفاق مع الحكومة؟

ليس هناك خلاف في الجبهة الثورية فهي  تنظيم موحد يضم تسعة مكونات. كان هناك تباين في وجهات النظر، والجبهة الثورية تمثل كل أهل السودان الشرق والشمال والوسط ودارفور، وكل مناطق السودان، لكن الحركة فصيل الحلو تنظيم واحد ورأيهم واحد.

*مناوي لم يحضر الجلسة الافتتاحية للمفاوضات؟ 

مناوي أرسل وفداً رفيعاً بقيادة أبوعبيدة التعايشي ولو كان رافضاً أو لديه رأي لما أرسل ذلك الوفد.

*منبر جوبا هل سيناقش كل قضايا السودان أم المناطق التي بها حروب؟

نناقش كل قضايا السودان، في الاتفاق السياسي تحدثنا عن القضايا القومية ومسارات التفاوض والمنطقتين والشرق والشمال والوسط ودارفور..

*هل كل تلك الأقاليم لديها ممثلون؟

نعم..

*من الذي فوضهم للتحدث باسمهم؟

التفويض معروف إلا بانتخاب، لكن التفويض الحالي تفويض شرعية ثورية فقط، وهي التي تتيح لنا التحدث فلولا الحرب والنزوح واللجوء ليس لدي حق الحديث عن دارفور.

*أكثر ما أضر بالسودان سياسة المحاور والتقاطعات والتجاذبات الدولية؟

أولاً السودان ليس عائشاً في جزيرة معزولة، نحن مرتبطون بدول الجوار، وهناك محاور تتشكّل، وكل ما يجري في محيطنا الإقليمي والدولي نتأثر به، وليس ذلك عيباً.

لكن الأهم هو كيفية الاستفادة من المحور الذي تقف معه وتوظفه لدعم السلام والاستقرار في السودان، لكن إذا المحور مستغلك ويقودك إلى عدم الاستقرار فهذه تصبح غير مقبولة.

*الوثيقة الدستورية حددت 6 أشهر للوصول لسلام هل تعتقد أنها كافية؟

العنصر الأساسي هو الإرادة، الآن أكثر من شهرين مرّا، نحن في إعلان جوبا حددنا شهرين. فإذا اتفقنا اليوم على القضايا الأساسية يمكن قبل الشهرين أن نصل لاتفاق شامل، وطوال السنوات السابقة لم تكن هناك إرادة للنظام السابق، فالموضوع الأساسي الإرادة إذا توفرت سنصل لاتفاق وأعتقد أنها متوفرة.

*ماهو مصير اتفاقيتي الدوحة والشرق حال التوقيع النهائي؟

أنا لا أستطيع الحديث عن مصير تلك الاتفاقيات، لكن أعتقد أنها لم تنفذ، وهي لم تكن شاملة، لأنها إن كانت شاملة لا نبحث عن السلام اليوم، فأعتقد أن الاتفاقيات السابقة يمكن الاستفادة منها “نشوف” الإيجابيات ونعمل بها ونترك السلبيات.

*لكن أي تفاوض يجب أن يبدأ من جديد إذا تم اتفاق في جوبا أو غيرها معكم هل تتوقع أن تنتهي الحروب في السودان؟

السلام غير متعلق بالجبهة الثورية أو الحركة الشعبية شمال، المهم هو هل نحن من خلال الاتفاق نخاطب الأزمة السودانية، فإذا شخّصناها تشخيصاً دقيقاً من خلال الاتفاق وحددنا طريقة المعالجة وتم إنفاذ الاتفاق ما في “زول” يحمل السلاح والحرب ليست المشكلة بل آثارها ومشاكلها، فلو استطعنا مخاطبة جذور المشكلة سنقفل الباب، لكن إذا المشكلة موجودة أي شخص يريد أن يحمل السلاح.

حاوره بجوبا: أبو عبيدة عبد الله

الخرطوم: (صحيفة الصيحة)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى