تحقيقات وتقارير

إيقاف صادرات الماشية.. القادم أسوأ

الصدمة والإحباط الجمت معظم مصدري الماشية الحية، جراء قرار إيقاف صادر الماشية للسعودية منذ أمس الأول، حيث امتنع بعض المصدرين عن الحديث والتعليق على القرار. وأوضح آخرون أنهم يتوقعون حدوث خسارات فادحة لهم حال إرجاع شحنات صادر تقدر بـ(75) ألف رأس، مؤكدين أن القرار المفاجئ “أربك” حساباتهم، بينما استبعد البعض استئناف الصادر قريباً، في الأثناء أعلنت وزارة الثروة الحيوانية، عن تشكيل لجنة طوارئ للوقوف على حالات المرض، فيما كشفت الإدارة العامة للمحاجر عن فقد الخزانة العامة عائدات تقدر بـ(100) مليون جنيه، كانت تورد مباشرة في حساب وزارة المالية كإيرادات للرسوم، وذلك بخلاف عائدات حصائل الصادر التي تقدر بمليار دولار.
وعلمت (السوداني) أن هناك عقودات مبرمة لمشتريات ماشية بمليارات الجنيهات. أما خبراء اقتصاديون فتوقعوا تأثير فقدان عائدات حصائل الصادر، وأن يبزر في تراجع موقف الصادرات أمام الواردات وحدوث “ربكة” في الموازنة، وفي حالة استمراره لفترة طويلة قد يتأثر العجز في الميزان التجاري، ومن ثم تراجع قيمة العملة الوطنية.

 

لجنة طوارئ
التصريح الصحفي الأول لوزير الثروة الحيوانية والسمكية، د.علم الدين عبد الله أبشر، عقب تسلمه مهامه بالوزارة أمس، أعلن أبشر، عن تشكيل لجنة طوارئ عاجلة ومتخصصة لتقصي الحقائق حول ظهور حالات المرض المعلنة، والسيطرة على أمراض الخريف دعماً لصحة الحيوان وسلامة القطيع، بالإضافة لوضع خطة إسعافية لـ(200) يوم للبرنامج الاقتصادي، دعماً لزيادة الإنتاج والإنتاجية، وأضاف: المرحلة المقبلة تتطلب تضافر الجهود، وتوحيد الصف لبناء دولة قوية، سيكون أساسها صادرات الثروة الحيوانية وتطويرها، والسعي لجلب المستثمرين واستقطابهم من أجل المساهمة لترقية القطاع، ومن ثم رفد خزانة الدولة بالعملات الصعبة، مشيرا إلى استعداده وجاهزيته لخدمة البلاد والمواطنين من أجل رفعة السودان، بجانب مواصلة مسيرة العمل في الملفات التي بدأها أسلافهم واستكمال بناء النهضة بالقطاع.

خسائر فادحة
وفي المقابل، أعلن مدير الإدارة العامة للمحاجر د.محمد يوسف، عن صدور قرار أمس لكل المحاجر بالولايات بإيقاف شحن المواشي لمحجر بورتسودان، وإيقاف إجراءات أكثر من 32 ألف رأس بمحجر سواكن، وقال في حديثه أمس لـ(السوداني)، إن الإدارة لم تتسلم ما يفيد بإرجاع شحنات من السلطات السعودية، مبينا أن آخر شحنة كان عددها 60 ألف رأس، وعلمت الإدارة أن الإجراءات المحجرية السعودية ستكون مشددة لهذه الشحنة، وسيتم إجراء فحص المناعة كإجراء “روتيني” ينفذ في مثل هذه الحالات، مشدداً على أن إيقاف الصادر يُلحِقُ أضراراً بالغة وخسائر فادحة للخزانة العامة، موضحاً أن رسوم التحقين والتفتيش للحيوان بالمحاجر تصل لـ100 مليون جنيه سنوياً، كانت تورد في حساب المالية مباشرة، بجانب عائدات حصائل الصادر المقدر بمليار دولار للعام، مشيرا إلى أن الجانب المصري أبدى حذرا ومرونة في التعامل مع المشكلة، وإدارة المحاجر لم تصدر أي توجيهات بإيقاف الصادر لمصر، ويعزو ذلك لأن مصر تستورد الأبقار والإبل.

ما بعد القرار
واعتبر الاقتصادي بروفيسور إبراهيم أونور، أن قطاع صادرات الماشية الحية صار مصدراً أساسياً للعملات الصعبة خلال الفترة الماضي، وفقدان حصائل الصادر ربما يسهم في رفع سعر الدولار، ويساعد تجار العملة على التحكم في سعره، لأن الحصائل كانت تغطي جزءا من احتياجات الطلب المحلي للنقد الأجنبي، متوقعاً أن تحدث “ربكة” في موازنة 2020م حال استمراره، وقال في حديثه أمس للصحيفة، إن استمرار القرار للعام القادم قد يؤثر على عجز الموازنة بتراجع الصادرات أما الواردات.
ويرى الاقتصادي د.محمد الناير، أن تقديرات عائدات صادرات الماشية الحية خلال العام تتراوح ما بين 750-900 مليون دولار، وأن السوق السعودي يشكل نحو 70% لتسويق الماشية السودانية، متوقعا أن لا تطول فترة القرار حتى لا يتأثر الميزان التجاري، من خلال تراجع قيمة الصادرات وقيمة العملة الوطنية، وقال في حديثه أمس لـ(السوداني) إن الخطوة المطلوبة سرعة التعامل للحكومة مع القرار والمتابعة مع الجهات الخارجية للسيطرة على ما حدث، والعمل على استئناف الصادر في أسرع وقت ممكن، لأنه في حالة استمرار إيقاف الصادر سيؤثر ذلك على الميزان التجاري خلال الفترة المقبلة، ويكون أكثر وضوحا في 2020م، مشيرا إلى أن تراجع عائدات الصادر ينعكس على العجز في الميزان التجاري مما يؤدي إلى تراجع قيمة الجنيه السوداني.

تأثيرات الصدمة
وأبدت شعبة مصدري الماشية الحية أسفها لما حدث، واعتبرت القرار جائراً وظالماً للمصدر والمواطن معاً، وكشف نائب رئيس الشعبة محمد مهدي الرحيمة، عن تحركات واتصالات بين الشعبة والجهات المختصة، لمعالجة هذا الأمر، وقال في حديثه أمس لـ(السوداني) إن الغرفة القومية للمصدرين ستعقد اجتماعاً اليوم مع وزير الصناعة والتجارة، لمناقشة إيقاف الصادر للسعودية خاصة أن القرار صارت الجهات الخارجية تتحكم فيه اكثر من الداخل، وأضاف: القرار جاء كارثياً على مصدري الماشية ويلحق خسائر بمليارات الجنيهات عليهم، منوهاً إلى أن هناك معلومات غير مؤكدة من ارجاع شحنات تقدر بـ(75) ألف رأس، وأعرب عن أمله إلا أن تكون صحيحة، ويتم السماح لها بالدخول للسوق السعودي، مؤكداً أن إعادة هذه الشحنات يسبب، خسائر فادحة ودمار اقتصادي للمصدرين والسودان معاً، مشيراً إلى أن القرار جاء مفاجئ وصادم لقطاع المصدرين.
وأوضح المصدر محمد عبد المجيد، أن تبعات قرار الصادر ستكون خطيرة وقاسية جداً على الاقتصاد السوداني والمواطن، بفقدان السوقين السعودي والمصري، والحرمان من حصائل صادر مقدرة كانت ترفد الخزانة العامة، وقال في حديثه أمس للصحيفة، أن السودان كان يغطي احتياجات السوق السعودي من الماشية بنسبة تصل لـ(68%) بتصدير يتراوح ما بين 4-5 مليون رأساً سنوياً، وتحقيق عائدات مقدرة ظلت تسهم في توفير العملات الصعبة لاستيراد الدواء للمواطنين، مؤكدا أن تفوق ومنافسة الماشية السودانية في الأسواق السعودية، لم يأت بالصدف وإنما عبر عمل وجهود كبيرة بذلت من القطاع الخاص، طيلة الفترات الماضية والاستفادة من الميزات النسبية التي تتميز بها الماشية السودانية، بينما يغطي الصادر السوداني نحو 8% فقط من احتياج السوق المصري الذي يتجاوز المليون طن من اللحوم الحية والمذبوحة، مشددا على أن إرجاع هذه الأسواق يحتاج لجهود جبارة من قبل المسؤولين، ويتطلب استدعاء خبرات إقليمية ودولية لتجاوز هذا الأمر، وأن أي تقاعس عن بذل جهود المعالجة سيكون الضرر بالغا على السودان والمواطن، لافتا إلى أن موقف الدول المستوردة يبرز حرص الدول في المحافظة على مواطنيها وصحتهم، وهم يتعاملون مع هذه المشكلات بجدية كبيرة، خاصة أن الإعلان ورد إليهم من المنظمات الدولة المعنية بصحة الإنسان والحيوان معا، وتابع: “غياب التنسيق وعدم خبرة لبعض المسؤولين بالحكومة، تسبب في هذه المشكلة وأضرارها”، مشيرا إلى أن العودة إلى السوقين السعودي والمصري، يحتاج إلى مجهود ضخم، ويجب أن تكون هناك مبررات مقنعة من قبل الجهات المختصة، لإقناع المؤسسات الدولية وتقصيها من حقيقة المرض، والتأكد من سلامة من صحة الحيوان والقطاع القومي.

الخرطوم: ابتهاج متوكل

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى