تحقيقات وتقارير

هيئة العمليات بجهاز الأمن بين 4 خيارات.. أين المصير؟

 

يوم الخميس الماضي، كان يسير طبيعياً كعادته بمباني هيئة العمليات التابعة للمخابرات العامة بحي الرياض بالخرطوم، قبل أن يدلف إليه عدد من الضباط التابعين للدعم السريع لإبلاغ الأفراد بنقلهم إلى الدعم السريع .. الأمر الذي أثار غضبهم وما كان عليهم إلا إيصال صوتهم عبر الهتافات في وجه الضابط الذي يحمل رتبة العميد.

غضب وسخط:

الخبر كان مفاجئاً للأفراد وحتى الضباط رغم مطالب الشارع منذ اندلاع الثورة بحل وهيكلة جهاز الأمن والمخابرات، إلا أن سخطهم زاد عندما وصل مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أبوبكر دمبلاب إلى المقار لإبلاغهم بقرار نقلهم إلى الدعم السريع، وازداد الغضب حينما رأوا في وجهه موافقته على القرار، وتفريطه في ما يقارب (13)ألف ضابط وفرد ظلوا في خدمة المخابرات والأمن.

الخيارات الأربعة:

طبقاً لمعلومات (السوداني) فإن القرار لم يصدر بعد وأن الحديث كان بمثابة جس نبض في حال الصدور كيف سيكون التعامل، و بعد رفض القرار بالإجماع اجتمع مدير المخابرات العامة الفريق أبوبكر دمبلاب بقيادات جهاز المخابرات لعدة ساعات، وخرج بمنحهم عدداً من الخيارات لتحديد مصيرهم، بعد قرار ضمهم للدعم السريع.
وبحسب تقارير إعلامية فإن الخيارات المطروحة كانت في البقاء بجهاز الأمن، الانضمام إلى الدعم السريع، الانضمام إلى الاستخبارات، أو المعاش. كما تم تصميم استمارة يتم تعبئتها بواسطة الأفراد ليحدد كل شخص حسب رغبته. ووجه دمبلاب عدداً من ضباط هيئة العمليات بتنوير الأفراد بالخيارات لتحديد مصيرهم.

(رمي في قارعة الطريق):

تقدر أعداد أفراد هيئة العمليات بـ(13) ألف مقاتل، (7) آلاف منهم بولاية الخرطوم، لذلك أبدوا سخطهم على مدير الجهاز لموافقته على قرار نقلهم إلى الدعم السريع باعتبار أنهم قضوا فترة خدمتهم في الجهاز وكان من الأولى استيعابهم في إدارات مختلفة أو إعطائهم حقوقهم وتسريحهم من الخدمة.
داخل الاجتماع الذي عقده دمبلاب مع قيادات الجهاز تخوف بعضهم من أن يتم تكوين جسم جديد مسلح كـ (حركة مسلحة) بعد تسريحهم أو انضمامهم للحركات المسلحة الموجودة، ولذلك اقترح عـدد من الضباط استيعاب عدد من الأفراد والضباط بالإدارات الأخرى وأن يتم تنفيذ القرار تدريجياً كل عام، مبررين ذلك بأن العدد كبير جداً في حال تم تسريحه سيواجه الجهاز إشكالية توفير مستحقات نهاية الخدمة لـ(13) ألفاً.

لا يمكن لفظهم:

قبل سقوط النظام البائد كان يسعى عدد من نواب البرلمان لتعديل قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني وتقليل صلاحياته، لأن البعض كان يرى أن المعضلة في القانون والصلاحيات التي منحت للجهاز من قبل رئيس الجمهورية، إلا أن القانون ظل داخل أدارج لجنة العدل بالبرلمان إلى اليوم.
في ذلك يذهب الخبير الأمني حنفي عبدالله في حديثه لـ(السوداني) إلى أن قرار حل هيئة العمليات بُني على أساس أن الهيئة كونت لمساندة القوات المسلحة في العمليات الخارجية والتعامل مع الحركات المسلحة، مشيراً إلى أنه في الوقت الراهن وفي ظل اتجاه البلاد للسلام لا حاجة للهيئة، موضحاً أن هيكلة الجهاز عادة أمر ضروري لأن نظامه الجديد يتطلب منه عدم وجود مقاتلين.
وشدد حنفي على أن وضع خيارات فيه نوع من العدالة يترك لهم الرغبة، موضحاً أن الجهاز لا يستطيع تسريح قوة بحجم قوة هيئة العمليات لذلك وضع الخيارات وحتى يكون الاختيار طوعياً بدون إرغام، واصفاً تحديد الخيارات بأنه منصف لدور قوة العمليات، وقاطعاً بأن القوة أدت دوراً مهماً في تأمين البترول ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وساعدت في استقرار مناطق النهب المسلح، وأبدى حنفي انزعاجه من إثارة الأمر بأن الجهاز قوة نظامية بها انضباط ولها أسسها ونظامها وليست قوة مدنية ولا يمكن أن يتم لفظهم ونسيان دورهم الكبير.

مصلحة الأفراد و الوطن:

بعد أن زالت أسباب إنشاء هيئة العمليات وتشديد الشارع على المطالبة بحل الجهاز ومحاسبة مرتكبي الجرائم فيه هل سيتم تسريح (13) ألفاً ورميهم في قارعة الطريق؟
يذهب الخبير الأمني أمين مجذوب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن القوة أنشئت في ظل النظام السابق، وتتناقض مع قانون جهاز الأمن السابق والحالي، موضحاً أن مهمة جهاز المخابرات باتت الحصول على المعلومات وتحليلها وتقنينها وتقديمها للجهات المختصة، مشيراً إلى أن القتال مهمة قوات نظامية.
وقال مجذوب إن القرار صحيح حتى يتماشى مع وضع الجهاز الحديث، مضيفاً أن الخيارات التي وضعها أمام جنوده راعت مصلحة الأفراد والظروف حتى لا يفقدوا سبل العيش، موضحاً أن قيادة الجهاز تستطيع معالجة الأمر لمصلحة الأفراد والوطن.

كتائب مساندة:

يرى المحلل السياسي أسامة عبد الماجد في حديثه لـ(السوداني) أن القرار فيه قدر من الارتباك كأنما تحاول القيادة العسكرية العليا كسر شوكة مدير المخابرات السابق باعتبار أن قوش بنى هيئة العمليات حتى أصبحت امبراطورية وقوة رادعة ومسلحة تسليحاً نوعياً.
و شدد أسامة على أنه ليس في العسكرية خيارات ولا يمكن طرح خيارات على أكثر من (10) آلاف مقاتل، مشيراً إلى أن وضع الخيارات تأكيد على أن القيادة العسكرية العليا تحاول فك قبضة العمليات أو إلغاءها من المسرح العسكري، مؤكداً أن ذلك رسالة لقوش حتى لا يكون له وجود في مقبل الفترة الانتقالية أو حال انتهت الفترة وأقبلت الانتخابات.
وأضاف: الطبيعي أن تحسم المخابرات أمر الهيئة بقرار حاسم ليس فيه مجال للخيارات، موضحاً أن خيار فتح الباب للدعم للسريع يخلف استفهامات لأن الدعم السريع نفسه وبحسب عضو السيادي ياسر العطا سيتم إدماجه في الجيش لذلك أصبح لا معنى لالحاق الآلاف إليه، مشيراً إلى أنه من الواضح أن القرار فيه قدر من الارتجال لأنه لم يجد تأيداً من منسوبي الهيئة.
ويرى أسامة أن يتم حسم الأمر عبر نزع الأسلحة الثقيلة وتحويلها للقوات المسلحة والإبقاء على الهيئة حتى تكون قوة مساندة في الطوارئ أو حتى عند الحرب وكذلك يمكن أن تستخدم كتائب إسناد مجتمعي.

تقرير : مشاعر أحمد

الخرطوم (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى