الطاهر ساتي

درس المتاريس ..!!

:: السادة بقوى الحرية والتغيير، يبدو أنهم كما الذين سبقوهم في الحكم المخلوع، لا يستبينون النصح إلا ضحى الندم .. والدليل على ذلك، قبل تعليق المفاوضات بأسبوع، تعليقاً على بيان حاد صادر عن قوى الحرية والتغيير، نصحت السدة بالنص : ليست من الحكمة السياسية أن تتخذ قوى الحرية والتغيير المجلس العسكري (عدوا)، أو كما تشتهي فلول النظام المخلوع.. وتحويل المجلس العسكري إلى عدو يعني تقوية (الثورة المضادة)..!!

:: نعم، قدم المجلس العسكري الكثير من التنازلات خلال أسبوع فقط لاغير .. وافق بأن تكون قوى الحرية والتغيير الممثل الوحيد للشعب وثورته، ثم وافق بأن يحتكر لقوى الحرية والتغيير كامل الجهاز التنفيذي (مجلس الوزراء)، وكذلك الأغلبية في الجهاز التشريعي (67%)، ثم التمثيل المناسب في المجلس السيادي، ثم وافق على إبعاد ثلاثة من عضويته بقبول استقالاتهم .. ورغم هذه التنازلات، لم يفز المجلس العسكري بثقة قوى الحرية والتغيير..!!

:: تواصلت أزمة الثقة .. ثم كان التصعيد الذي تسبب في انتشار المتاريس خارج مساحة الاعتصام.. وهنا نفد صبر المجلس العسكري، ثم كان قرار تعليق المفاوضات (72 ساعة)، على أن تتم خلالها إزالة المتاريس وفتح الطرق و الكباري و مسار القطارات ثم ضبط الخطاب الإعلامي .. وقد تمت إزالة المتاريس وكذلك ضبطوا الخطاب.. ليبقى السؤال: هل قوى الحرية والتغيير كانت بحاجة إلى غضب المجلس العسكري لتنتقل من (مرحلة الثورية) إلى مرحلة المسؤولية..؟؟

:: والمهم.. وهي قاب قوسين أو أدنى من سُدة السلطة، فلتتعلم قوى الحرية والتغيير من (دروس المتاريس) الكثير ، أولها أن تتخذ المجلس العسكري شريكاً إستراتيجياُ في المرحلة الخطيرة (القادمة) .. فالمجلس العسكري يمثل المؤسسات العسكرية التي شاركت في صناعة الثورة والتغيير، وكذلك تمثل المؤسسات العسكرية التي تقع عليها مسؤولية حماية الديمقراطية.. أي يمثل القوات المسلحة التي وفرت الحماية للثوار، وقوات الدعم السريع التي رفضت ضرب الثوار، ويمثل الشرطة وجهاز الأمن في المرحلة الانتقالية.. ومن الغباء تحويل شركاء الثورة والتغيير وحماة الديمقراطية إلى (أعداء)..!!

:: وعلى سبيل مثال للمصير المشترك – ما بين المجلس وقوى الحرية – فالمسيرة التي خرجت يوم أمس من بعض المساجد بعد صلاة الجمعة، والتي رفضت اتفاقية المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، فإن هذه المسيرة هي بداية انطلاقة (الثورة المضادة).. ومثل هذه الثورة المضادة، والقادمات أيضاُ، لن تستهدف فقط تجمع المهنيين و قوى الحرية والتغيير، بل تستهدف المجلس العسكري أيضا.. وقالها أحد الشيوخ بوضوح : (المجلس العسكري لا يستمع إلا للحشد، فسنحشد)..!!

:: وليس في أمر شيوخ هذا الزمن عجب، فمن كان يفتي قبل أشهر بحرمة الخروج على الحاكم خرج بالأمس على الحاكم (المجلس العسكري)، وسوف يخرج كل يوم، حتى يصنع مناخ الفوضى.. وبالمناسبة، الجماعات المسلحة – إسلامية كانت كما داعش أو غير إسلامية كما نمور تاميل -لا تنمو وتنشط إلا في (مناخ الفوضى).. أي، ليس مهماً اسم الجماعة وفكرها، وكذلك ليس مهماً أن يكون المجتمع وسطياً أو غير ذلك، فالمهم هو (المناخ العام)..!!

:: ولم تخترق داعش المجتمعات إلا بعد أن توفر مناخ الاختراق.. فالمجتمع العصي على الاختراق ليس هو المجتمع الوسطي كما يظن البعض، بل هو المجتمع المستقر سياسياً واقتصادياً وأمنياً.. وعليه، فإن الفترة القادمة محفوفة بمخاطر الثورة المضادة والأجندة الخارجية والأفكار المتطرفة وجماعتها المسلحة.. وتحسباً لهذه المخاطر، فعلى قوى الحرية والتغيير أن تضع يدها على يد المجلس العسكري حتى تتجاوز البلاد منعطف الفترة الانتقالية..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى