ناهد قرناص

تحلل ..جنائي

هذا الجيل (الراكب رأس ) ربما لا يذكر ايام حرب العراق عندما اجتمع الامريكان وحلفاؤهم لضرب العراق .. ..في تلك الأيام خرجت تظاهرة ضخمة اعتقد انها كانت في روما ..التظاهرة دعا لها كتاب وادباء وعلماء ..ضد الحرب ..كانت التظاهرة تحمل لافتات تدين الحرب ..وقتل الأبرياء دون ذنب جنوه . كانوا يسيرون تحت لافتة ضخمة كتب عليها باللغة الانجليزية ( NOT IN MY NAME) ..بالترجمة الحرفية (ليس تحت اسمي) ..والترجمة بتصرف ..(لم نفوضكم لمثل هذا).

طبعا نحن (الشعوب الكادحون) .. كان حرص ولاة الامر على أخذ الموافقة مننا … يعتبر رفاهية ..ولا داعي لها …فقد كنا نقاتل من اجل معرفة ما يدور خلف الكواليس ..رغم اننا المفترض ان نكون محور تلك النقاشات الدائرة ..تجدنا نحن آخر من يعلم ..ولله الأمر من قبل ومن بعد . بعد الثورة ..وبعد انحسار زمن (الدسديس والغتغة) ..هل ترى يجب علينا أيضا القتال من اجل معرفة الاحداث؟

عندما تم التحفظ على الرئيس السابق ..وايداعه سجن كوبر ..تنفس الكثيرون الصعداء بان القصاص اتى زمانه ..لكن المعلومات سادها تشكيك و(تغبيش ) ….حتى ان هناك مجموعة من أسر الشهداء ذهبوا للسجن بأنفسهم ورجعوا بعد ان اكد لهم احد الضباط بقسمه ان كل (الجماعة قاعدين جوه) ..لكن دعك من هذا ..الاخبار رشحت ان التهم الموجهة للبشير كلها حيازة مال اجنبي ..وغسيل اموال ..وحاجات كدا لعب عيال ..بل وصل الامر الى التلويح بخروجه بالضمان حتى المحاكمة ..!!

ما الذي يحدث خلف الكواليس؟ ولماذا لم يتم جرد حساب النظام السابق كاملا غير منقوص ..ابتداء من الانقلاب على الديمقراطية ..وسيف الصالح العام ..والتمكين ..وليس انتهاء بفصل الجنوب وجرائم الحرب في دارفور وجبال النوبة ..والنيل الأزرق ..وغيرها ..اهمها جرائم الحرب التي تمت باسمنا ..و نحن منها براء ..لم نفوضهم لها ..ولم نشارك فيها ..حروب اثخنت جراح الوطن وخلفت ايتام وثكالى …ووطن كسيح .

..قبل ايام كتب البعض عن فكرة تسيير موكب اعتذار لدارفور عن التقصير.. ..وهل يجدي الاعتذار ؟ ربما كان هذا اضعف الايمان ..ولو استقبنا من أمرنا ما استدبرنا ..لسيرنا تظاهرة كبيرة نرفض فيها ان يتم قتل اخوتنا تحت اسمنا ..وبسلاح يتم شراؤه بضرائبنا ..رغم كل هذا دارفور تحاملت على نفسها وكانت السباقة للخير كما العهد بها ..وسيرت موكبا للقيادة مشاركة في الثورة رغم الجراح ..وبعد كل هذا ..كيف يمكن ان يتم تجاهل كل جرائم الحرب الواضحة للعيان ..والتحقيق مع البشير فقط في الاثراء وحيازة الاموال غير المشروعة ..تلك والله هي الفاجعة.

كما ان زمن (الدسديس والغتغتة ) قد انتهى ..فان السكوت قد ولى عهده ..لذلك نقول فكرة (التحلل الجنائي) ..لا يجب ان تتم تحت اسمي ..ولا اسماء ضحايا الحروب ..ولا اسماء الشهداء الذين سقوا هذه الأرض الطاهرة بدمائهم ..ولا اسماء الثوار الذين ينتظرون قيام دولة العدالة والسلام بترقب وحماس ..و لو اردتم منا المساعدة في سرد جرائم النظام السابق ..نحن على اتم الاستعداد ..الضحايا موجودين ..والشهود كثر .. اما الالام فهي لا تزال تزحم الذاكرة بتفاصيل موغلة في الوجع.

ناهد قرناص
صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى