مراجعة الحج والعمرة .. شبهات فساد
تعتبر إدارة الحج والعمرة التابعة لوزارة الإرشاد والأوقاف، من المؤسسات ذائعة الصيت من حيث الاتهام بالفساد، وذلك بدليل ما يرد في تقارير المراجع العام السنوية، والتي يتم تقديمها تحت قبة البرلمان (السابق)، و بالرغم من تحريكه إجراءات قانونية ضدها، إلا أن الغموض لا زال يكتف أروقتها وإداراتها، التي يمكن القول بأنها عصية على أي حكم قضائي قد يصدر ضدها، و لكن الآن وبعد صدور قرار المجلس العسكري يبدو إن كل ما يحدث بتلك الإدارة ماض إلى زوال .
*الإدارة و المراجع العام
أصدر المجلس قراراً كلف بموجبه المراجع العام بالشروع فوراً في المراجعة المالية والإدارية للإدارة العامة للحج والعمرة ورفع تقرير للمجلس في هذا الخصوص، والجدير بالذكر أنه في مطلع أبريل الجاري، كشف المراجع العام عن تورط 35 موظفاً بالإدارة العامة للحج والعمرة، في تجاوزات مالية وتبديد وصرف حوافز وسلفيات دون حق بلغت 559٫680٫33 ريال سعودي، منها 114٫832٫33 ريال بطرف مدير الحج الأسبق المطيع محمد أحمد، أودعت نيابة المال العام .. وأتهم تقرير المراجع التفصيلي حول التجاوزات بمنطقية الحج والعمرة بمكة المكرمة للعام 2017م بحسب صحيفة الجريدة، المطيع بصرف سلفيات دون وجه حق تم استردادها بلغت 30٫000 ريال، وحافز آلية الهدي للأعوام 1437-1436 هجرية، بقيمة 22٫000 ريال، وبدل مأمورية الحزم 25٫893٫4، وبدل مأمورية وفد التفاوض 6٫938٫93 ريال، بجانب تبديد حافز للمنسق المقيم السابق المتوفي وقيمته 60٫000 ريال، لتصل الجملة الى 44٫832٫33 ريال سعودي تم استرداد 30٫000 ريال وتبقى على مدير الحج والعمرة 114٫832٫33 ريال سعودي، كما فضح التقرير استيلاء عدد من موظفي الإدارة على أموال كثيرة دون وجه حق، مادفع الرجل وموظفين معه لرفع دعوى قضائية ضد الصحيفة .
* كشف المستور
المطيع المدير الأسبق قال في حديث صحفي مليء بلهجة التحدي على أي شخص يتهمني، إحضار مستنداته التي تثبت تورطي في أية عملية فساد وتقديمها للقضاء، معلناً جاهزيته للدفاع عن نفسه في سوح القضاء، حال فتح بلاغ في شخصه، وأكد أنه يعمل الآن بصورة عادية ومتواجد في العلن وليس الخفاء، ما دفع أحد أعضاء شعبة وكالات السفر والسياحة – فضل حجب هويته – للسخرية من قول المدير الأسبق، وقال العضو لـ(آخر لحظة)، إن أول مستند يثبت تورط المطيع هو الرسوم التي تتحصلها الإدارة من كل معتمر دون إيصال الكتروني والتي تبلغ (330) جنيه، وأوضح أن منح تأشيرة العمرة مرهون بتحصيل الإدارة على هذه الرسوم، وأن الوكالات تتلقى حتى الآن تهديدات بفتح بلاغات ضد من يمتنع عن دفع هذه الرسوم بنيابة المال العام، وأن البلاد تفوِّج سنوياً ما لا يقل عن مليون معتمر، و قال إن الإدارة لا زالت تنفذ ذلك، رغم قرارات الرئيس المخلوع بعدم تحصيل أي رسوم دون خدمات، وكان ردها نصاً (الرئيس بيقول كتير، خليه يجي يأشر الجوازات) .
أما فيما يخص شعيرة الحج، فكشف عضو الشعبة عن رسوم دون خدمات تتحصلها الإدارة حتى الآن دون إيصال الكتروني، تصل إلى (2000) جنيه من كل حاج، فيما يبلغ عدد حجاج البلاد (35) ألف حاج، وقطع الرجل بأن تكلفة الحج من السودان تعتبر الأعلى سعراً بالمقارنة بدول الجوار وجنوب شرق آسيا، وأكد أن الخدمات المقدمة للحجاح تعتبر الأقل بالمقارنة مع الدول الأخرى، مبيناً أن التكاليف لا تتناسب مع الخدمات .
*استنزاف الحجاج
منذ العام 2015 ظلت تقارير المراجع العام تفضح الرجل، غير أن نواباً بالبرلمان شنوا هجوماً على المطيع والادارة ووصمه بالفساد، ولكن ذلك لم يكن يحرك ساكناً ليغير شيئا ما، فكل ما عوقب به الرجل هو إقالته من منصبه، ما دفع النائب بالبرلمان السابق مبارك النور للقول إن فساد إدارة الحج والعمرة فساد بين، وأن النظر فيما يحدث داخلها خلال السنوات الخمس الماضية فقط يكفي لإثبات ذلك، والذي يظهر جلياً في تكوين بعثة من ألف شخص على حساب حجاج البلاد، وأبان أن أفراد البعثة يصرفون آلاف الريالات علي مسكنهم ومطعمهم وتنقلهم من نصيب حجاج السودان، وشكك الرجل في تكلفة الحج التي تفرضها الإدارة على الحجاج، وقال إنها ليست حقيقية، خاصة وأن الحج لا يخرج عن تكلفة تذاكر السفر جواً أو بحراً مضافاً إليها السكن والأكل والشرب، ونعت الإدارة بأنها تستنزف الحجاج بتلك التكاليف، وأوضح أن من يسمونهم بأمراء الحج، هم أشخاص جهلاء يتم اختيارهم من ما أسماه بالمنظمات الوهمية التابعة للنظام البائد، فضلاً عن الترهل الوظيفي للمؤسسة في المركز والولايات.
النور جزم بأن تقارير المراجع العام أثبتت كافة التجاوزات المالية والإدارية، ولم يغفل حتى العملات التي تلقتها إدارة الحج نظير إيجار العقارات للحجاج بالأراضي المقدسة.. الرجل ناشد المجلس العسكري باتخاذ قرارات شجاعة بالقيام بمراجعة شاملة لكل الإدارة، متوقعاً انخفاض تكلفة الحج بالبلاد بعد ذلك.
تقرير:اسماء سليمان
الخرطوم (صحيفة آخر لحظة)