تحقيقات وتقارير

أسلحة وذخائر.. الإرهابيون يعودون للمشهد

لم يفق الشارع من دهشة ضبط الأجهزة الأمنية بولاية القضارف، لعربة بوكس متسللة بدون لوحات يستقلها مسلحان اثنان، رُجح انتمائهما إلى خلية إرهابية، إلا وتفاجأت الخرطوم صباح أمس بإعلان ذات الأجهزة ضبطها لشاحنة محملة بكميات من الأسلحة والذخائر غربي أم درمان (منطقة دار السلام)، وبداخلها كميات من الأسلحة والذخائر مخبأة داخل جوالات أسفل الشحنة، وعلى متن الشاحنة سائق وشخص آخر ذكر أنه صاحب البضاعة.
عقب الخبرين بدأ وكان استهدافاً جديداً للخرطوم يعمل على استغلال انشغالها بالاحتجاجات المعيشية الدائرة لتمرير سيناريو آخر، بيد أن معظم الخبراء اعتبروا أن الضبطيات تعد طبيعية مقارنة بتوصيف السلطات لما تم في القضارف بالخلية الإرهابية لجهة خطورتها. (السوداني) سعت لاستكشاف مبررات عودة الخلايا الإرهابية للمشهد.

ماذا قالت الحكومة؟

في القضارف ووفقاً لمصادر صحفية باشرت الشرطة إجراءاتها القانونية الأولية واستلام المعروضات التي تشمل (بنادق وذخائر ومهمات + العربة بوكس تويوتا) وبدأت تحقيقاتها مع المتهمين بحسب مصادر مطلعة.
وطالب والي القضارف مبارك شمت، لدى زيارته رئاسة إدارة الجهاز بالولاية، بسرعة الكشف عن هوية الخلية وامتداداتها ومصادر تمويلها وأهدافها. وقال بحسب تصريح رسمي، إن أي محاولات أو أنشطة لزعزعة الأمن والاستقرار بالولاية مرفوضة ومدانة وسيتم التعامل معها بالصرامة القانونية اللازمة، مجدداً الدعوة لحملة السلاح للانخراط في مسارات الحوار والسلام مشيراً إلى أن الهدف الرئيس للطوارئ هو تمتين دعائم الأمن العام وبخاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.

حالة جدل

الخبر أثار حالة من الجدل حول حقيقته لا سيما أن ولاية القضارف لم تشهد نشاطاً يذكر لجماعات إرهابية سواء من داخل السودان أو خارجه لا سيما وأنه أتى مع تحذيرات حكومية من استمرار الاحتجاجات التي تطالب بإسقاط النظام من الممكن أن يؤدي لسيناريوهات مخيفة تتصل بانزلاق البلاد في حالة من الفوضى.
الصحفي المهتم بشأن الجماعات الجهادية وقضايا التطرف الهادي محمد الأمين يقول إن القضارف لم تشهد نشاطات للجماعات التي تصنف بأنها إرهابية كما أنها لم تشهد انضمام أفراد أو جماعات للتنظيمات الإرهابية باستثناء حادثة خلية الدندر حيث هربت تلك المجموعة لحدود ولاية القضارف مضيفاً أن القضارف ليست حتى منطقة عبور لتلك الجماعات.
غير أن الخبير في شأن الجماعات الجهادية د. محمد خليفة لا يستعبد تحرك عناصر إرهابية في الحدود الشرقية بكاملها باعتبارها متاخمة لحدود مفتوحة وقريبة من الصومال الذي يشهد تحركات لحركة الشباب الصومالي وبقية الجماعات المتطرفة، ويضيف خليفة أن ولاية القضارف تشهد وجوداً كبيراً لعناصر أجنبية فضلاً عن مسارات مفتوحة لجماعات الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية وهو ما يمكن أن يعزز من فرضية تحرك هذه الجماعات.

خلية الدروشاب

يأتي خبر إعلان السلطات ضبط خلية إرهابية في القضارف بينما لم تعلن السلطات نتائج التحقيقات في ضبط خلية نهاية ديسمبر في منطقة الدروشاب بالخرطوم بحري قالت إنها كانت تخطط لعمليات تخريبية.

وقال وقتها وزير الدولة بوزارة الإعلام مأمون حسن إن السلطات ضبطت خلية تخريبية تتبع لحركة تحرير السودان، جناح عبد الواحد نور، بعد اشتباكات في أحد المنازل، أسفرت عن إصابة أحد أفراد القوات الأمنية، ومقتل أحد أفراد الخلية. وأضاف أن القوات الأمنية داهمت منزلاً بحي الدروشاب وجدت فيه الخلية المسلحة المكونة من 10 أشخاص، وكانت مهمتها تنفيذ عملية اغتيال وسط المتظاهرين وعمليات تخريب ونهب، كما اتهم الحركة بالسعي لإحداث فوضى في السودان، مشيراً إلى ضبط أسلحة وجوازات سفر وأجهزة حاسوب خزن عليها خطط كاملة لعمليات التخريب، وقال مأمون:”إن الهدف من عمليات الاغتيال هو توسيع دائرة الاحتجاجات وتحريض المواطنين”.
بينما شككت المعارضة في تلك التصريحات واعتبرتها محاولة للتشويش على الاحتجاجات لتبرير العنف تجاه المحتجين ومحاولة إرهابهم، ليخرجوا بهتافات تضامنية مع دارفور.

مكافحة الإرهاب في المشهد

المدير العام للهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب د. محمد جمال الدين يقول في حديث سابق لـ(السوداني) إن الاتحاد الإفريقي يضع الدول في تصنيفات تتوزع بين دول (متأزمة المخاطر)، و(شديدة المخاطر)، و(دولة تحت المخاطر)، ويشير جمال الدين إلى أن السودان مصنف ضمن (دول تحت المخاطر)، ولكن هذا لا يقلل من حجم المخاطر، لا سيما أن السودان يجاور العديد من الدول التي تعاني من مخاطر ومشكلات أمنية تكون سبباً لنمو التطرف والإرهاب، كما أن السودان في استراتيجيات الجماعات الإرهابية بمثابة دولة معبر وملاذ آمن، محاولين الاستفادة من المناطق النائية البعيدة عن سيطرة الحكومة، وقد تم القبض على العديد منهم بعد محاولتهم لإقامة منصات تدريب لتنفيذ أهداف بعينها عبر الحدود.

ويأتي ذلك في ظل عقبات تواجه الحوار بين الخرطوم وواشنطن لإزالة اسم السودان من لائحة الإرهاب التي يقبع فيها منذ 1997 وتسببت في حرمانه من الاستفادة من مزايا رفع العقوبات الاقتصادية في أكتوبر 2017 بسبب ما وصف بالإفراط في استخدام القوة والقمع الذي واجهت به االسلطات الاحتجاجات وهو ما يمثل تراجعاً فيما يلي ملف الحريات وحقوق الإنسان الذي بات شرطاً إضافياً في مصفوفة الحوار بين البلدين.
وتعمل الحكومة السودانية على تحاشي دفع فاتورة سياسية باهظة وهي تحاول احتواء الاحتجاجات، مما يكلفها الكثير في مساعيها لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة.
المساعد الخاص للرئيس الأمريكي وكبير المستشارين لإفريقيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي، سيريل سارتر في زيارته للخرطوم نهاية فبراير أجرى مشاورات مع مسؤولي الحكومة، وقال “من غير المقبول مطلقاً أن تستخدم قوات الأمن القوة المفرطة لقمع المتظاهرين إضافة للتوقيفات من دون اتهامات، وكذلك اللجوء للعنف والتعذيب”. وكان واضحاً وهو يقول إن التطورات التي تشهدها البلاد حالياً تهدد عملية التفاوض بين واشنطن وحكومة السودان، والتي قد تؤدي لشطب السودان من قائمة الإرهاب.

تقرير : محمد عبدالعزيز

الخرطوم (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



تعليق واحد

  1. طالما الحكومة نفسها تقوم بخرق القانون من خلال استخدام قوات الأمن لسيارات بدون لوحات إذن لن يهتم أحد بتلك السيارات التي لا تحمل لوحات ؟ لان كل الناس سيعتبرون ان هذه السيارات تابعة للحكومة !!! هذا نتيجة ما اقترفتموه بأيديكم

زر الذهاب إلى الأعلى