تحقيقات وتقارير

الوطني .. يواجه حالة من (التشفي) بعد الفطام

مثل سوداني عريق يقول (التور كان وقع بتكتر سكاكينو)، وما أكثرها التي كانت تنتظر وقوع حزب المؤتمر الوطني، لتشهر (السكاكين)، وتشن هجوماً عنيفاً عليه، بعد فطامه من الدولة، بتفويض الرئيس عمر البشير، صلاحياته الحزبية لنائبه مولانا أحمد هارون، وتعيينه لولاة عسكريين على الولايات، كل هذه الخطوات جعلت كثير من خصوم الوطني يفتحون طاقة من النيران عليه، الأمر الذي يشي بأن الوطني موعود بصيف ساخن من قبل مناوئيه .

 

وقع في الحفرة
وتعد النائبة البرلمانية، رئيس مشروع الإصلاح والتغيير بالحزب الاتحادي الديمقراطي، إشراقة سيد محمود، من أبرز القيادات الناقدة للوطني بعد التطورات الأخيرة، خاصة وأن لديها مواقف سابقة معه، حيث سبق واتهمت إشراقة الوطني بدعم أحمد بلال في معركته معها، والسماح له بإعفاء وزراء من مجموعتها .
وقطعت إشراقة في مؤتمر صحفي عقدته أمس الأول، بأن الوطني انتهى نهاية تامة، وقالت إنه وقع في الحفرة التي ظل يخطط فيها لإضعاف الأحزاب، وأضافت (فاليذهب إلى مزبلة التاريخ)، وأوضحت أن من كان يحاربها هو الوطني وليس أحمد بلال، ووصفت بلال بأنه ضل (الفيل) وأنه انعكاس لصورة الوطني، ودمغت إشراقة، عناصر بالوطني بالتخطيط مع دول خارجية للتأسيس لخلافة راشدة، في وقت طالبت جهاز الأمن باعتقال تلك القيادات بدلاً من المتظاهرين .
لعنة الناس
كما أن الخبير الاستراتيجي والقيادي الإسلامي بروفيسور حسن مكي، يعتبر من الناقدين للوطني في الآونة الأخيرة، وفي أول حديث له بعد التطورات، قال : إن الوطني سحبت منه الامتيازات، ولم يبق له من السلطة سوى لعنة الناس وسخطهم عليه، وأضاف للزميلة السوداني (الحزب الحاكم نفسه لم يعد حزباً محكوماً، ولكنه بات حزباً تائهاً، بمعنى أنه أصبح على الرغم من تمسحه وتملقه للقائمين عليه وإدعائه بأنهم ما زالوا تحت عباءة البشير، إلا أن البشير لا يستشيرهم ولا حتى يقوم بتنويرهم في الفترة الأخيرة، والدليل أن أحد الأعضاء قال إنه لم يتم تنويرهم بالتطورات الأخيرة) .
يعيش في غيبوبة
أما رئيس حزب الأمة ونائب رئيس الوزراء السابق مبارك الفاضل، فعلاقته مع الوطني متذبذبة، وتكون أكثر عنفاً عندما تقع خلافات بين الحزبين، فيما تكون أكثر ليونة عند تقاربهم، ودائماً ما يركز البلدوزر في تصريحاته على الوقيعة بين قيادات الوطني، أو الوطني وجهات أخرى، وخلال التطورات الراهنة، دمغ الفاضل الوطني بأنه يعيش في غيبوبة، وأن دوره انتهي كحزب دولة، مطالباً بحله، ووصف ما حدث فيه بأنه (حالة ارتباك) لمخاطبة الصراع داخل الوطني، في ذات الأثناء التي أكد فيها مبارك للزميلة الانتباهة، وجود ثلاثة تيارات في الحزب، تيار يتبع لعلي عثمان يريد إعادة إنتاج النظام ويكرس السلطة عند الرئيس مقابل العودة إلى سدة الحكم، وتيار نافع الذي يريد أن ينهي الرئيس فترته الرئاسية لكي يخلفه ويعودوا للرئاسة والسيطرة على الوضع باعتبارهم مسيطرين على الحزب ولديهم مقدرات مالية، وهناك تيار ثالث ملتف حول الرئيس يريد الحفاظ على مصالحه، لذلك يريد أن يستمر الرئيس للحفاظ على مصالحه المادية ومواقعه، مؤكداً أن التيارات الثلاثة لا يهمها السودان، وهي متخاصمة ومتصارعة حول المال والسلطة ولا تنظر لقضية السودان.
اعتراف بالفشل
وفي ذات السياق دعا رئيس كتلة التغيير المعارضة في البرلمان، النائب المستقل أبو القاسم برطم، الوطني لاحترام نفسه وترتيب أوراقه واعترافه بأنه كحزب فشل في إدارة البلاد على حد قوله، وطالب بمصادرة دور الوطني (المركز العام) وتحويلها لمركز ثقافي أو مستشفى، باعتبار أن بناءه كان من قبل دولة الصين لدولة السودان وليس من دولة لحزب، وقال حال إصرار الوطني على أن تلك الأموال له وحده ورفضه التنازل عن المقر، فحينها يجب مقاضاته من قبل مسجل الأحزاب والقوى السياسية الأخرى بتهم تلقي أموال من الخارج، خاصة وأن قانون الأحزاب السوداني يعاقب عليها، وقال برطم إن الوطني أصبح حزب من لا يملك لمن لا يستحق، متهماً الحزب بالسيطرة على البرلمان وتوزيع الكيكة على مزاجه وفق محاصصة غير حقيقية.
خطوة ممتازة
بينما وصف القيادي بحزب الإصلاح الآن، د. فتح الرحمن فضيل، قرار الرئيس بالابتعاد عن المؤتمر الوطني بالخطوة الممتازة، وشدد على أن تجد الدعم من قبل القوى السياسية المعارضة، وأشار فضيل إلى أن واحدة من أسباب تراجع أسهم الحوار الوطني مؤخراً وإعاقته كانت الأزدواجية والعلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني، بسبب علو كعب الوطني وهيمنته على الكثير من القرارات، رغم أنه كان واحداً من بين أكثر من (70) حزباً شاركت في الحوار، الأمر الذي أنعكس لاحقاً على إجازة وتمرير العديد من القرارات المهمة، بجانب هيمنة المكتب القيادي للوطني على القضايا السياسية بدلاً عن الجمعية العمومية للحوار، وأضاف حتى الحوار والاتصال بالحركات المسلحة كان حكراً على الوطني، وأكد فضيل أن قرار الرئيس أعاد للحوار حيويته مره أخرى، ولفت إلى صعوبة استقالة البشير من الوطني بصورة نهائية، لأنه يستمد مشروعيته من الحزب باعتباره مرشحاً عنهم، قبل أن يعود ويقول لكن ما تم من تفويض من قبل البشير، لمولانا أحمد هارون، يؤكد أن الرئيس استقال عملياً من الوطني، لكنه إجرائي ما زال رئيساً للحزب، وعزا ذلك لكونه يمثل حفاظاً على مشروعية الانتخابات .

تقرير: جاد الرب عبيد

الخرطوم (صحيفة آخر لحظة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى