تحقيقات وتقارير

التحلل والتسويات.. إلغاء بموجب أوامر الطوارئ

فاجأت الحكومة الجميع بإعلانها إلغاء التحلل والتسويات في بلاغات قضايا الفساد، وفق إجراءات جديدة بعد دراسات قانونية وبحسب أوامر قانون الطوارئ .. هذه الخطوة المفاجئة وجدت ترحيباً كبيراً وسط القانونيين والمتابعين لقضايا الفساد، الذين أكدوا على أن التسويات والتحلل الذي تم تطبقيه سابقاً لم يوقف حالات الفساد، بل الباب ظل مفتوحاً وواسعاً للفساد والإفساد والاعتداء على المال العام والخاص دون خوف من العقاب، والآن بإعلان الإلغاء سيكون هناك عقاب يؤدي إلى انحسار الفساد

 

ترتيبات مختلفة

الشاهد أن الحكومة الآن تعمل على إكمال الترتيبات للتعامل مع ملفات الفساد في المرحلة المقبلة برؤية جديدة مختلفة كلياً في الإجراءات التي كانت متبعة في الفترة السابقة، والتي جاءت بعد مشاورات قانونية واسعة، أخضعت التجربة للتقييم والدراسة .. و الشاهد أن قناعة الحكومة بإلغاء التحلل والتسويات في أي ملفات تندرج تحت شبهة الفساد، بحسب أوامر الطوارئ، تعتبر خطوة طال انتظارها من الكثيرين حتي تكون على أرض الواقع تطبيقاً فعلياً.

وضع التسوية في القانون 

التسوية منصوص عليها في قانون الإجراءات، إن مصطلح التسوية عادة يستخدم في القضايا المدنية، أما الجنائي فيكون عفواً أو صلحاً، وبأن الجرائم التي يجوز فيها التنازل هي المتعلقة بالحق الخاص، حسب ما ورد في المادة (36) الفقرة (1)، التي توضح أنه يجوز للمتضرر أو صاحب المصلحة أو وليه إذا كان صغيراً أو مصاباً بعاهة، التنازل عن حقه الخاص بالعفو أو الصلح في أي وقت، قبل أن يصدر حكماً فيها، مع عدم الإخلال بالحق العام، وأن الفقرة الثانية من ذات القانون يجوز للمتضرر التنازل في الجرائم ذات الحق الخاص، بشرط أن يكون الضرر قاصراً عليه فقط، ولا يتعداه إلى غيره، وعدم الإضرار بالحق العام.

الشفافية هي الحل

المحامي والاستشاري القانوني نبيل أديب قال لـ(آخر لحظة) إن التحلل غير موجود إلا في قانون مايو (قانون الثراء الحرام) وهو لا يستلزم تطبيق قانون طوارئ بقدر ما نحتاج إلى تعديل قوانين أخرى، ويضيف نبيل حتى الإلغاء لا يتم بقرار حكومي، بل بإصدار قانون أو تعديل القانون السابق، وأشار أديب إلى أن الفساد ضد حقوق الإنسان، ولذلك يجب مخالفته أين ما وجد، ويجب أن تتم متابعته بالشفافية، موضحاً أن استخدام الشفافية والعدالة يكشف الفساد، وكذلك المحاسبة والمعاقبة العادلة بالشفافية هي التي تنهي حالات الفساد.

عدالة ناقصة

الشاهد أن هنالك العديد من التفسيرات القانونية التي تقول إن اتخاذ مبدأ التحلل الذى يعقب تسويات مالية ليست عدالة ناجزة تجرى مع المفسدين، مما يجعل من قرار تطبيق التسويات والتحلل وتطبيقه عدالة منقوصة، حيث تبرز مع التسويات إشكالية قانونية كبيرة منها التساؤل حول مدى عدالة قيمة التسوية، وكذلك مدى عدالة إلقاء القبض على شخص واحد ربما خلفه أناس كثيرون يحتمون به لم يظهروا في عملية الفساد، وربما يفلتون من العقوبة لذلك أفتى الكثير من القانونيين بأنه لا يجوز التنازل إطلاقاً في قضايا الحق العام، موضحاً أن أي بلاغ الشاكي فيه الحكومة يعتبر حقاً عاماً، وأن جرائم الحق العام يترتب عليها ضرر على المجتمع ككل، وأكد أن القانون حفظ الحقوق في هذه القضايا بعدم التنازل فيها، وضرب مثلاً بجريمة السرقة، وقال إنه يجوز للمتضرر منها التنازل، لكن ذلك لايعني انتهاء القضية، وعليه أن يسير فيها حتى نهايتها، متى ما تأكد أنها تتعلق بحق عام، بجانب الحق الخاص تستمر المحكمة في إجراءاتها إلى النهاية بالإدانة أو البراءة .

رأي الدين 

من ناحيتهم سبق لهيئة علماء السودان أن طالبت الأجهزة العدلية فى البلاد بحسم قضايا الفساد بعيداً عن التحلل والتسويات، للحد من تجاوزات وتعديات الجشعين وبعض ضعاف النفوس على الأموال العامة، وجاء ذلك عبر تصريح (لسونا) أوضح فيه رئيس الهيئة بروفيسور محمد عثمان صالح أن عدم حسم هذه القضايا بالسرعة المطلوبة يضع البلاد بأسرها تحت رحمة القيل والقال، وذلك بالتطاول في الحديث عن هذه القضايا، كما يضعف صورة الدولة ويؤثر على قراراتها.
ودعا صالح الدولة فى أعلى مستوياتها للمضى قدماً فى مكافحة هذه الظاهرة التى تستحوذ على موارد ومقدرات البلاد، مشدداً على ضرورة تعديل القوانين والتشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد، لتسهم فى ردع وقطع دابر المتلاعبين والمتاجرين بقوت الشعب ومستقبل الأجيال، والمتكسبين بصورة غير شرعية من مقدرات البلاد باستغلال النفوذ والوظيفة العامة، مشيداً بجهود جهاز الأمن والمخابرات في ضبط الفساد وردع المفسدين.

تقرير: عيسى جديد 

الخرطوم (صحيفة آخر لحظة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى