تحقيقات وتقارير

مسؤولون .. ما سر قصر مدة التعيين …آخرهم شليه

يفاجأ الرأي العام بتعديلات في المناصب بالدولة، تشمل في بعض الأحايين شخصيات لم تمضِ فترة طويلة على تسنمهم الموقع، ما يفتح باب التساؤل حول سر إعفاء ذلك المسؤول وبتلك السرعة أو نقله ِلى موقع آخر، النماذج لذلك عديدة، والأسباب تتباين ما بين غير مؤهل للمنصب الذي اختير له، أو أن وجوده خلق خلافات داخل المؤسسة، أو تم نقله لمنصب آخر للحاجة الماسة له، في وقت يرى البعض أن المناصب أصبحت (حقل تجارب) لذلك يأتي الإعفاء سريعاً ومفاجئاً للجميع.

 

آخر حالة إعفاء

وأخيراً نجد حالة جلال الدين محمد أحمد شليه، فبعد أسبوع من تعيينه مديراً لهيئة الموانئ البحرية خلفًا لـ(عبد الحفيظ صالح)، أصدر رئيس الوزراء محمد طاهر إيلا قراراً بإعفائه من منصبه،
وكشف مدير الموانئ المُقال جلال شليه أنه كان يتوقع أن يقوم رئيس الوزراء بإقالته عقب تولي إيلا منصب رئيس الوزراء مباشرة، وأكّد أن القرار غير مفاجئ بالنسبة له، وقال شليه في تصريحات للزميلة (الانتباهة) عقب إقالته مباشرة، إنه علم بإعفائه من مواقع التواصل الاجتماعي، ونفى أن يكون قد تم إبلاغه أو تم الاجتماع به قبل الإعفاء، وأشار إلى أنه توقع قرار إيلا استناداً لمواقف شخصية بينهما، وأضاف (توقعت أن ينتقم مني ).

اعتذار ولاة

أما فيما يلي التعديلات الأخيرة فقد تلاحظ أيضاً إجراء تعديلات وسط الولاة الجدد ، فقد جاء في المرسوم الجمهوري الذي صدر بتعيين كل من الفريق محمد علي قرينات والياً لكسلا إلا أنه اعتذر عن التكليف ، مما دفع الرئاسة لإجراء بعض التعديلات التي قضت بتعيين الفريق محمد منتي عنجر والياً لولاية كسلا بدلاً عن جنوب كردفان، كما تم تعيين اللواء محمد آدم النقي أحمد والياً للولاية بدلاً عن الفريق هاشم عبد المطلب أحمد ،والفريق أحمد إبراهيم علي مفضل والياً لولاية جنوب كردفان .

باسبار .. العودة إلى قواعده

والشاهد الذي فتح الباب على مصراعيه بشأن هذا الأمر، هو تعيين أزهري إبراهيم باسبار وكيلاً لوزارة النفط والغاز والمعادن، قادماً من ذات المنصب بوزارة الزراعة والغابات، والتي كان قد عُيِّن فيه في الثالث من أكتوبر الماضي، أي أمضى بالزراعة نحو خمسة وخمسين يوماً فقط، ربما لم يلحق أن يتعرف على وزير الدولة، والذي هو من حزب شريك لحزب باسبار (الوطني).
ويبدو هنا أن إعفاءه من الزراعة لا علاقة له بأدائه، وذلك لأن باسبار من الحرس القديم في النفط، وتقلب في قيادة عدة إدارات منذ حقبة عوض الجاز، منها مدير إدارة التعاقدات، وهي إدارة مهمة في الوزارة، وهذا ما يدعو للتساؤل: لماذا لم يُسمَ وكيلاً بالنفط حينها، سيما وأن الوزارة تحاصرها الأزمات من كل جهة، وبالمقابل لماذا دفعت الحكومة بعلي عبد الرحمن محمد الشهر الماضي.

جنرالان

وقصة الاستوزار لأشهر قلائل والتي تشمل التعيين المثير للدهشة، تكررت في تسمية الفريق أسامة مختار الذي جاء به رئيس الوزراء السابق، الفريق أول ركن بكري حسن صالح في منتصف مايو الماضي، وزيراً للدولة بوزارة الاستثمار، وكان من المفاجآت التي حملها التشكيل بعد أن ترجَّل مختار عن منصبه الأمني الرفيع في جهاز الأمن قبل أشهر، لكن وقبل أن يعود بقوة إلى الأضواء مرة أخرى، تم إعفاؤه مع تشكيل حكومة معتز موسى في فترة لم تتجاوز الأربعة أشهر، وهي الخطوة التي لم تجد لها الصحافة إجابة حتى الآن ،

(3)

وقريباً من حالة أسامة، الفريق شرطة محمد أحمد علي إبراهيم الذي عين وزيراً للمعادن في تشكيل حكومة بكري في مايو الماضي، خرج بموجب دمج المعادن مع النفط في سبتمبر الماضي، لكن سرعان ما اختير معتمداً لمحلية الخرطوم، ضمن تشكيلة الوالي الجديد الفريق أول شرطة هاشم عثمان الحسين، وإن كان البون شاسعاً بين وزير اتحادي ومعتمد.
أما الحالة الثالثة المشابهة فكانت لوزير الداخلية المهندس إبراهيم محمود والذي عين وزيراً للداخلية، وللمفارقة كان في إجازة بتركيا برفقة أسرته، وجاء متأخراً ثم أدى القسم، وأمضى في المنصب واحداً وسبعين يوماً فقط، غادر بعدها نهائياً مع مجيء حكومة معتز، خطوة غريبة تمت مع رجل كان يوماً مساعداً للرئيس بالقصر ونائباً له بالمؤتمر الوطني.
وليس بعيداً عنهم إعفاء النائب الأول لمحافظ المركزي مساعد محمد أحمد ، وهو الذي كان قد عُيِّن في المنصب في أبريل الماضي.

ثلاث شخصيات .. وزراء لأسبوع واحد

أما أقصر تعيين وكان مربكاً للغاية، تم في أغسطس الماضي، بتسمية ثلاثة وزراء دولة، وهم مأمون حسن إبراهيم بوزارة الإعلام، ومنى فاروق للتعاون الدولي، وأحمد محمد عثمان حامد كرار للضمان والتنمية الاجتماعية، ولم تمر أيام حتى أصدر الرئيس البشير قراراً بحل الحكومة، لكن الثلاثة عادوا من جديد مع التشكيل الوزاري للحكومة التي ترأسها معتز موسى، وأدوا القسم، حيث تم نقل منى فاروق سليمان من التعاون التي تم إلغاؤها لوزارة الضمان والتنمية الاجتماعية، فيما تم الإبقاء على كرار بالضمان، ومأمون بالإعلام، وكان قد مازحهم رئيس الوزراء السابق الفريق أول ركن بكري حسن صالح قائلاً (رجلكم حارة).

البك .. أسرع عملية إعفاء في التاريخ

التعيين والإقالة أو العكس في فترات قصيرة ليست بالأمر الجديد، حيث سبق أن نقلت الحكومة صلاح علي آدم الذي كان وزيراً للدولة بالعلوم والتكنولوجيا حينها في العام 2006م، إلى منصب وزير دولة بالصحة، وقبل أن يكمل صلاح أسبوعه الثالث بالوزارة، وجد نفسه والياً لكسلا.
لكن أسرع عملية إعفاء ربما في التاريخ وتستحق أن تدون ضمن معلومات موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كان تعيين الاقتصادي محمد الفتح محمد بك أميناً عاماً للضرائب في يناير من العام 2013 بقرار جمهوري، ألغاه الرئيس بعد مرور (24) ساعة فقط من صدور قرار التعيين، وهو الأمر الذي لم تفك شفرته حتى اليوم.

وزارات والشخص واحد

في العام 2012م عُيِّن د.عبيد الله محمد عبيد الله وزيراً للدولة بالتجارة، وفي اليوم الثاني قبيل تأديته للقسم بساعات نُقل إليه أنه وزير للدولة بالنفط وقد كان، ولم يمضِ عبيد الله وقتاً طويلاً في النفط حتى غادر إلى ذات المنصب في الخارجية قبل أن يغادر الحكومة نهائياً رغم عطائه وجهده وصغر سنه.
حركة التنقلات كانت بائنة مع د.علي تاور والذي تنقل بين أربع وزارات في غضون نحو خمس سنوات أو أقل، وللمفارقة ظل في منصب وزير الدولة بكل الوزارات التي عمل بها.
*وزير أكثر من مرة
حالة الفريق ركن يحيى محمد خير تستحق التأمل وقد عُيِّن على فترتين مختلفتين وزيراً للدولة بالدفاع، كانت الفترة الأولى (ديسمبر 2013م – نهاية مايو 2015)، ثم بعد أربعة أشهر فقط عاد وزيراً للدولة بالدفاع ليمضي عشرة أشهر فقط ويتم إعفاؤه ونقله إلى هيئة الأركان.

سر التنقلات

من الواضح أن حلقات الشورى لم تكتمل عند عمليات التعيين أكثر من كونها عند حالات الإعفاء، أو أن وجود الشخص في المنصب وممارسته لمهامه يتأكد بأنه ليس بالشخص المناسب، وللوزير الأسبق عبد الحليم المتعافي مقولة وهي عند اعتزام المسؤول تعيين شخص، عليه أن يوسع دائرة الشورى حوله، ولكن عند نية رفته، عليه أن لا يبلغ أي شخص، وفي بعض الأحيان حتى الشخص الذي ينوي إعفاءه، وقد كشف المتعافي عمله بذات المنهج عندما كان والياً على الخرطوم، وكان المتعافي قد أطاح بأسماء بارزة في حكومته وقتذاك رغم كفاءتها، وقال تنبأ لهم جميعاً بأن يكون لهم مستقبل كبير في الحكم وقد كان، حيث أعفى كلاً من فيصل حسن إبراهيم والذي وصل الآن لمنصب مساعد الرئيس، وزير ماليته الحاج عطا المنان الذي أصبح والياً بجنوب دارفور وغلام الدين عثمان الذي أصبح هو الآخر والياً.
ومهما يكن من أمر، فإن الحكومة تحتاج إلى إعمال قرني الاستشعار خاصة عند التعيين، سيما وأنه يلاحظ أنها في كثير من الأحايين تجعل بعض المواقع شاغرة لفترة من الوقت، وكأنها لا تملك البديل، وأبرز حالتين كانتا عقب إعفاء العضو المنتدب لكنانة، حيث شغر المنصب لأكثر من عامين، وعقب الرحيل المفاجئ لمحافظ المركزي حازم عبد القادر، حيث شغر المنصب لنحو ثلاثة أشهر وجيء بمحمد خير الزبير، ومن المفارقات أن الزبير نفسه عُيِّن في منصب رئاسي (المفاوض الوطني لانضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية)، لنحو شهرين فقط، وهي الفترة التي سبقت تعيينه محافظاً للمركزي.

أغرب الحالات

ولعل أغرب هذه الحالات هي حالة الوزير أبوبكر حمد الذي عُيِّن مع وقف التنفيذ، فبعد أن قامت رئاسة الجمهورية بإبلاغه بالاستوزار وزيراً لوزارة العدل، وقبل أدائه القسم، تم استدعاؤه من المراسم وأبلغته بأن هنالك ترتيبات بشأنه، وتم أخذه إلى صالة جانبية حتى انتهاء أداء القسم إلى حين تأكدها من المعلومات التي تم تداولها بمواقع التواصل الاجتماعي، وشككت في امتلاكه لدرجة الدكتوراه.

تقرير (صحيفة آخر لحظة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى