تحقيقات وتقارير

هيئة الاتهام في قضية (المعلم الخير) .. بدء نزال إثبات الحق

يأبى المعلمين إلا أن يمارسوا مهمتهم الجليلة بتعليم الناس حتى بعد مماتهم، تعليمهم احترام الإنسان و احترام حقوقه .. لعلها تلك هي رسالة الشهيد أحمد عوض الكريم الخاتمة قبل أن يقضي نحبه تحت وطأة التعذيب  فتداعي السودانيين الذين يعون ويحفظون عن ظهر قلب تلك الكلمات الجليلة (قم للمعلم وفه التبجيلا ..)

 

تداعوا لنصرته ونصرة العلم والمعلمين ، ومن ذلك ما أفصحت عنه هيئة الاتهام القومية في قضية الشهيد المعلم أحمد الخير عوض الكريم، لدى إعلانها عن نفسها ظهر أمس، عبر مؤتمر صحفي، فوض فيه ممثلي أولياء دم الشهيد وعلى رأسهم شقيقه سعد الخير عوض الكريم الهيئة مباشرة، بتولي الاتهام في قضية شقيقه، ووسعت الهيئة من نطاق عملها لتشمل  الذين تعرضوا للتعذيب، ولا يزال بعضهم في المشافي للتداوي من الإصابات  التي تعرضوا لها، ولا تخفي الهيئة التعقيدات التي تكتنف القضية، بدءاً من تحرياتها القائمة بكسلا، وصولاً لحماية الشهود، فضلاً عن الظرف الذي يمارسون فيه مهمتهم ، ولكنها رغم ذلك أبدت تصميماً لافتاً في أنها ماضية في طريقها مهما كانت التحديات.

 

واختارت الهيئة وزير العدل والنائب العام السابق عمر عبد العاطي رئيساً، ونوابه بروفيسور بخاري الجعلي و الحقوقي عمر شمينا، و القانوني المعروف عادل عبد الغني متحدث رسمي باسمها، وتولى إدارة المؤتمر محمد العالم عضو الهيئة وأمين الأمانة العدلية بالمؤتمر الشعبي .

 

 دين ووطن وأخلاق

رئيس الهيئة القومية ووزير العدل والنائب العام الأسبق عمر عبد العاطي استهل حديثه بوصفه للقضية بأنها قضية دين وأخلاق ووطن ، وأنهم قبلوا بالمهمة لإثبات الحق، وللقصاص، من كل من كانت له يد في حادثة الشهيد أحمد الخير، ولفت إلى وجود أولياء دم الشهيد في المؤتمر الصحفي، وهم شقيقه سعد وأخواله، وأن الهيئة تشكلت بناء على تفويض مباشر منهم، دفعا لأي لبس في هذا الاتجاه، ولتؤكد الهيئة على مصداقيتها.

 

وشدد عبد العاطي على قومية وقانونية واحترافية الهيئة، وبالتالي لا علاقة لها بالسياسة، ونفي تبعيتها للمؤتمر الشعبي أو أي جهة سياسية أخرى، فهي تضم كل ألوان الطيف السياسي، مضيفاً بأن الطريقة التي قتل بها أحمد الخير، وما فيها من شبهة استغلال للسلطة هي الدافع لتشكيل الهيئة، وتعهد بأن تكون الهيئة على قدر الأمانة التي تقلدتها، بإيصال القضية لنهاياتها المرجوة، واصفاً إياها بالسابقة، التي تقنن لعدم نجاة أي مدان من العقاب مهما كان موقعه، فمساواة الجميع أمام القانون واجبة، منوهاً للتشابكات القانونية التي تكتنف القضية، من قبيل هل يستمر التحري في كسلا أم يتم نقله منها؟ هل ينضم للقضية متهمين آخرين، بصورة مباشرة أو غير مباشرة؟ وكيف نفعل ذلك؟ في إشارة منه للتصريحات التي أدلت بها السلطات التنفيذية والشرطية بولاية كسلا التي تبين عدم صحتها لاحقاً.

 

وأوضح عبد العاطي أنه وعقب المؤتمر ستكون هناك عدة لجان، تناط بكل لجنة مهام محددة، لنقدم عمل قانوني نفخر به، ويدرس لأبناؤنا في القانون والسياسة.

 

تحرير الاتفاقيات

من جانبه حيا نائب رئيس الهيئة بخاري الجعلي المعلمين جميعاً، ثم أثنى على بيان النائب العام بخصوص القضية، وعلى إدارة التحقيقات الشرطية، ولما كان الشهيد توفى إثر التعذيب وفقاً لبيان النائب العام، ركز حديثه على هذا الجانب، مشيراً إلى أنهم كقانونيين حريصين على حياة المتهم وصيانتها ،حتى ولو دون في مواجهته بلاغات، ناهيك عن كونه في مرحلة التحريات الأولية كما كان الحال مع الراحل الخير، واستعرض جانباً من الاتفاقيات المختصة بالتعذيب، ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب الدولية 1984، التي وقع عليها السودان، ولم يصادق عليها، ودخلت حيز التنفيذ في 1987، وبالرغم من أن سانحة الانضمام إليها متوفرة إلا أن السودان لم يفعل حتى الآن، ودعا وزير العدل والنائب العام لبذل ما في وسعهما لجهة الانضمام إليها، وأضاف بأن السودان وقع وصادق على الاتفاقية الأفريقية بشأن حقوق الإنسان واتفاقية حقوق الإنسان العربية، ودعا السلطات المعنية بتطبيق هاتين الاتفاقيتين .

 

 الحياة والموت

المتحدث الرسمي باسم الهيئة عادل عبد الغني صدر كلمته بالقول : يأبى المعلمون إلا أن يمارسوا مهمتهم الجليلة بتعليم الناس حتي بعد وفاتهم ،ويبدو أن الشهيد حاول أن يعطي درساً أخيراً، حتى يحترم الناس حقوق الإنسان، و يحترموا السلطة التي أعطيت لهم ويحسنوا استخدامها.، وتمنى أن يكون دم الحادثة سبباً في التوقيع والمصادقة على الاتفاقيات  المناهضة للتعذيب .

 

تمثيل قومي

عبد الغني أوضح أنه ولدى زيارة الأمانة العدلية للمؤتمر الشعبي لأسرة الشهيد في خشم القربة، كلفتهم الأسرة بتولي الاتهام عنهم، ولكن الشعبي رأى أن تخرج القضية من روب الحزب الخاص إلى روب المحاماة العام، وقدموا الدعوة للمحامين الذين انخرطوا في الهيئة لينالوا شرف مساندة الأسرة، ونقول للشعبي شكر الله سعيكم، فالهيئة الآن تمثل أولياء الدم، وأضاف بأن الهيئة حالياً تضم 35 محامياً، ووصلت الكثير من طلبات الانضمام إليها، وأكد بأن الهيئة ستسلك مسلكاً مهنياً صرفاً ، تتقيد فيه بالقانون ، وستقوم على متابعة التحقيقات والتحريات، بالإطلاع عليها خطوة بخطوة، للتأكد من تغطيتها لكافة جوانب القضية، ثم نتابع تلخيص هذه الدعوة، ونتابع رفعها للمحكمة، ثم نتولى الاتهام بجانب النيابة العامة أمام المحكمة، في جميع مراحلها، من استئنافات وطعون، إلى أن يرى الناس أن العدل قد تحقق.

 

من جانبه أكد محمد العالم عضو الهيئة ومسؤول الأمانة العدلية بالمؤتمر الشعبي أكد على قومية الهيئة، مشيراً إلى أن أسرة الشهيد عندما كلفتهم بالقضية، رأى الحزب أن القضية قومية، ولابد من تشكيل هيئة قومية من كل ألوان الطيف السياسي.

تفويض مباشر

سعد الخير عوض الكريم ، شقيق الشهيد الذي قدم من خشم القربة مساء أمس السبت برفقة أسرته، أعلن عن تفويضهم للهيئة كممثل للاتهام عنهم كأولياء دم للشهيد، وثقتهم فيها، مشيراً إلى أن الكثير من القانونيين اتصلوا بهم لتولى ملف الاتهام، إلا أنهم يرون أن الهيئة هي التي وقع عليها الاختيار من قبلهم، مضيفاً طالما قضية المعلم الخير صارت قضية رأى عام، فإن من الأوفق أن يتولى الاتهام فيها هيئة قومية .

 

قبول التكليف

رئيس الهيئة عمر عبد العاطي أعلن عن قبولهم للتكليف من قبل أسرة الشهيد وتشرفهم بذلك، وتعهد بالقيام بواجبهم كاملاً غير منقوص، مهما كلفهم ذلك.

 

لجان متخصصة

عادل عبد الغني المتحدث باسم الهيئة أكد على أن الهيئة وعبر لجان متخصصة ستتولى قضايا رفاق الشهيد الذين طالهم التعذيب حتى النهاية.

حماية الشهود

لماذا الشهيد الخير دون غيره ممن قتل وعذب ؟.. رئيس الهيئة عبد العاطي أجاب على السؤال بقوله: (لأن هناك متهمون)، أما الآخرين فلم يكن معلوماً من قتلهم، لكننا نفيدكم أنه متى ما وجدنا مدخل لأي قضية أخرى فإننا لن نتوقف، وفيما يلي حماية الشهود أوضح عبد العاطي أنه كان لديهم اجتماع مع النائب العام قبل تكوين الهيئة، ووعدنا بحماية الشهود، وفي مرحلة المحكمة يحق للهيئة أن تطلب جلسات سرية، وإذا اضطررنا سنقدم طلب لحماية الشهود، أما أولى الخطوات التي سنبدأ بها، نحن قيد الدراسة ، سنجلس مع شقيق الشهيد ونجمع المعلومات التي لدينا،وسنرسل لجنة لمتابعة التحقيق في كسلا. ولفتت الهيئة إلى أنها ستفصح عن تكوينها لجانها وتخصصاتها لاحقاً.

 

أجرته: ندى محمد احمد

الخرطوم (صحيفة الانتباهة)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى