تحقيقات وتقارير

مبادرة (أفق سياسي أوسع).. الأكاديميون يتحركون

(نحو أفق سياسي أوسع).. مبادرة نظمتها وزارة التعليم العالي أمس، بحضور عدد كبير من أساتذة الجامعات، لتقدم خلالها العديد من الأوراق العلمية التي تناولت التعايش السلمي للسلطة والوضع السياسي والاحتجاجات المستمرة بين مجموعة (تقعد بس) و(تسقط بس) التي اعتبرها البعض دليلاً على انسداد الأفق السياسي وعدم التواصل بين جيل الشيوخ والشباب الذين يريدون أن يبنوا البلاد على طريقتهم.

 

ماذا قال الوزير؟

وزير التعليم العالي والبحث العلمي د. الصادق الهادي المهدي ابتدر الحديث بأن مبادرة (نحو أفق سياسي أوسع) الهدف منها معرفة رؤى المختصين من أساتذة الجامعات والأكاديميين في كيفية التداول السلمي للسلطة والحريات والحقوق والعلاقة بين المجتمع والدول. منوهاً إلى أن ما يحدث في الشارع يتطلب من الحكومة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني التحلي بالمسؤولية تجاه القضايا الوطنية، وأضاف: في هذه المرحلة لا بد أن نفكر في قضايا الشباب ويجب أن تكون من أولويات المرحلة المقبلة، داعياً إلى الاستئناس برؤى الشباب وإشراكهم فعلياً في إدارة شؤون البلاد لأنهم الشريحة الأكبر في المستقبل، وأضاف: علينا ألا نغلق الباب أمام محاولاتهم في المطالبة بالإصلاح وأن نستجيب لمطالبهم لنجنبهم محاولات الاحتواء والاختطاف من أصحاب الأجندة الخفية.

وكشف المهدي عن الهدف من المبادرة وقال إنها تشريح للعملية السياسية بالبلاد لتجاوز الوضع السياسي الراهن، مراهناً على دور مؤسسات التعليم العالي في حل الأزمات لأنها تتمتع بالكفاءات والخبرات، وأضاف: الجامعات كانت وما تزال تتفاعل مع قضايا المجتمع ولم ينحصر دورها في الأكاديميات فقط.

لا مكان للحكم المطلق

أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية د. صلاح الدومة أكد في ورقته حول (دور الثقافة في التداول السلمي للسلطة) أن الثقافة الراسخة في مجتمع الدول لها دور حاسم في التداول السلمي للسلطة، وأضاف: إذا سادت ثقافة القطيع يتدنى الوعي السياسي ويفشل الناس في الحصول على حقوقهم أو الدفاع عنها.

واعتبر الدومة أن المرفوض في المجتمعات السكوت على الباطل بصورة عامة، وعلى القهر والاستبداد بصورة خاصة، فضلاً عن إجبار الناس على قبول مفاهيم باطلة، منوهاً إلى أن الحكومات الناجحة والراسخة هي تلك التي تسود فيها ثقافة معرفة الحقوق، مشيراً إلى العلاقة بين مبدأي فصل السلطات من جهة والتداول السلمي للسلطة من جهة أخرى، وتأثير الثقافة في هذين المبدأين، مؤكداً أن للمجتمع دور في تضخيم سلطة الفرد والحاكم، وأضاف: العلوم السياسية تقول إن السلطة المطلقة تفسد فساداً مطلقاً.

الدومة شدد على أن أي دولة تريد التداول السلمي للسلطة عليها أن تأتي بالديمقراطية الليبرالية، قاطعاً بأن التحول الليبرالي يجب أن يسبق التحول الديمقراطي، وأنه يجب منح المجتمع حق مساءلة من انتخبه ولا مكان لـ(لا أريكم إلا ما أرى)، داعياً للتخلي عن القبضة الحديدية، والتوجه نحو إشاعة الحرية والعدالة والمساواة الحقة، داعياً إلى إنشاء قسم أبحاث لإنتاج آلية جديدة يقبلها الجميع.

لا يوجد تعايش

الأكاديمي بروفيسور حسن الساعوري ابتدر حديثه، بأنه لا يمكن أن يتم التداول السلمي للسلطة ما لم يكن هناك استعداد ثقافي وإجرائي في التعايش بين القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن الاعتراف بحق الآخر في المنافسة الشريفة ومن ثم إنزال التعايش إلى الممارسة العملية في النشاطات السياسية المختلفة إذا كانت في منظمات المجتمع المدني أو الأحزاب والقوى السياسية.

الساعوري أكد أن السودان يعيش الآن في حالة يريد الخروج منها بالتداول السلمي للسلطة، وبالتالي لا بد من البحث عن لماذا فشل السودان في أن ينزل ثقافة التداول السلمي للسلطة؟ وهذا الأمر كان يمكن أن يتم في عام الاستقلال، مشيراً إلى أن سلطنة سنار لم تنجح إلا بعد تحالف نشأ بين مختلف القبائل للتعاون على حكم السودان ولم تقم سلطنة دارفور إلا بهذا التحالف وكذلك سلطنة تقلي، وأضاف: التاريخ يؤكد أن قبول الآخر والتحالف والتعايش هو الذي يؤدي إلى القوة والاستمرار.

الساعوري أكد أن الثقافة الحالية تقول إننا لا نستطيع أن نتعايش؟ مذكراً بأنه إلى عهد مضى كان الجميع يقول إما غالب أو مغلوب أو (يا فيها يا نطفيها)، وأضاف: يجب أن تجلس النخب السياسية وتستمع لبعضها وتتوافق على صيغة حكم، منوهاً إلى أن نظام الإنقاذ فتح باب التعايش منذ 1998م وتم رفضه، ومرة أخرى في 2005م وتم رفضه عبر انتخابات 2010م، ثم 2015م، ورفضت بعض القوى السياسية الدخول في الانتخابات، وأضاف: ماذا يريدون؟

خط وسط

في السياق شخص عميد كلية القانون بجامعة النيلين د. محمد العالم ما يجري حالياً في الشارع السوداني بأنه أزمة تحتاج إلى مبادرة، وأضاف: من ينادون بإسقاط الحكومة ويتمسكون بشعار (تسقط بس) يريدون إقصاء الآخر، وكذلك المؤيدون للحكومة يرفعون شعار (تقعد بس) يريدون إقصاء الآخر أيضاً، مؤكداً ضرورة إيجاد (خط وسط)، معتبراً أن بعض القوانين التي تم إيداعها بالبرلمان قد خلقت خلافاً بين الحزب الحاكم وأحزاب أخرى، مشيراً إلى أن قانون الانتخابات الذي تمت إجازته لا يعرف أحد من كتبه إلا فئة قليلة وهذا يخالف مخرجات الحوار الوطني التي أوصت أن يكون بالتوافق.

العالم أكد أنه على الرغم من أن الحوار الوطني كان إنجازاً كبيراً، إلا أنه اعتبر أن أمر تنفيذ توصياته للجنة التنسيقية العليا أمر معيب، مستدركاً: إلا أنها لا تحظى بـ(احترام) بعض المواطنين كما أنها لم تفعل شيئاً، داعياً وزارة التعليم العالي لتكوين لجنة عاجلة لتحديد أولويات التنفيذ أي قبل 2020م.

الخرطوم: وجدان طلحة

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى