الدومة !!
*كانت تقف وحيدة هناك بأطراف البلدة..
*ويسمونها دومة ود صالح نسبة لإعرابي كان يسكن تحتها في قديم الزمان..
*وقيل إنه كان اسماً على مسمى…أي صالحاً..
*والاسم يشابه – لحد ما – دومة أديبنا الطيب صالح الشهيرة..
*ونُسجت حولها الحكايات… والروايات….. و(الرايات)..
*والأخيرة هذه – بين القوسين – كان نسجها حقيقياً بقطع أقمشة مختلفة الألوان..
*بعضها دمور… وبعضها دبلان… وبعضها بوبلين..
*فما من شبر في جسد الدومة إلا وفيه طعنة منجل… أو ضربة سكين..
*والطاعنون والضاربون هؤلاء جميعهم عاشقون..
*وكانوا يفعلون ذلك بوحي من تأثير خرافة قديمة عن (ربط المحبوب)..
*فببركة ود صالح يُربط قلب المعشوق بقلب العاشق..
*تماماً مثل ربط القماش ببعض الشجرة التي ليس وراءها سوى الخلاء..
*وكانت سيرة العرسان تلف حول الدومة أيضاً..
*ثم تُلف قطعتا قماش من ثوبي العروسين حول أي جزء منها..
*وذلك حتى (يرتبط) الزوجان ببعضهما… حتى الممات..
*وظلوا يفعلون ذلك حتى بعد أن حل بكري رباطه بعروسه بعد شهر من (الرباط)..
*وفي يوم فُوجئ أحد زوار الدومة برباط جلدي..
*كان حزاماً جلدياً من شاكلة الذي يربط به الأساتذة – والأفندية – بنطلوناتهم..
*ولاحظ وجود اسمين عليه بخط دقيق؛ علي…. وعلية..
*وسرى الخبر في أنحاء البلدة سريعاً… بما أنه كان (رباطاً) غير مألوف..
*خاصةً وأن الاسم الثاني كان معروفاً جداً… بعكس الأول..
*فما من فتاة في البلدة كلها تحمل هذا الاسم سوى ابنة (الكبير) الصغرى..
*وفوق ذلك كانت أشهر فتاة في البلدة بجمالها الغض..
*أما اسم علي فلم يكن يحمله سوى أستاذان…… وأفندي..
*أستاذ في المرحلة الابتدائية… والثاني في الوسطى… والثالث أفندي في المجلس..
*ودارت حولهما الشبهات مثل دوران (السيرة) حول الدومة..
*ثم انتبه البعض إلى أن هنالك رابعاً يحمل الاسم ذاته حل في البلدة حديثاً..
*كان صديقاً لشقيق وكيل البوستة… وقدم لحضور زواجه..
*ولم تأخذ تحريات رجال (الكبير) معه طويل زمن حتى أقر بفعلته..
*وقال إنه شاهد علية… وأحبها… وأراد (ربطها)..
*أراد ربطها على عادة أهل البلدة….. ولم يجد سوى حزام بنطلونه..
*وجيء به إلى (الكبير)… واستمع إليه… وأطلق سراحه..
*وفي المساء سمع عبدون (العربجي) أنيناً من جهة الدومة… فتملكه الرعب..
*ثم قاوم مخاوفه وأتى نحوها… وفانوسه يرتجف في يده..
*فشاهد شخصاً (مربوطاً) إلى جذعها… ودماء سياط تسيل على وجهه..
*ولم يكن سوى علي؛ بدون بنطلون… ولا حزام..
*وضحى اليوم التالي سرى خبر آخر في البلدة….. لا يقل غرابة..
*فقد عُثر على رباط (أنثوي) في الدومة… لأول مرة..
*وقيل إنه يخص واحدة من (علية القوم !!).