محمد وداعة

متاهة الإيرادات البترولية

لا يقتصر الأمر على عائدات الإيرادات البترولية وغموض حجم هذه الإيرادات وكيفية التصرف فيها نحسب، بل أن أكبر عمليات إهدار المال العام والفساد الكبير حدثت في مخالفة المادة 3/288 من لائحة الإجراءات المحاسبية لسنة 2011م، وذلك شمل عدم تحصيل الإيرادات الفعلية لعبور نفط الشركاء والتي رصدت كرقم في ميزانية 2013م بلغ (5.511) مليون جنيه، وتم تقديرها بالجنيه بالرغم من أن الاتفاقية حددت رسوم العبور بالدولار، وكشف تقرير المراجع القومي لنتائج المراجعة للعام 2014م أن هذه المبالغ لم تورد للصندوق القومي للإيرادات، وتم فتح حساب (خاص) تم الصرف منه لسداد بعض القروض (وخطابات مستندية) و(خطابات ضمان) وقرض الكوميسا

ويخالف ذلك الموجهات الواردة بالسياسات المالية للعام 2014م، كما أنه يخالف قرارات البرلمان، وقرار إجازة الميزانية والقرارات الرئاسية، ولا أحد يعلم كيفية إدارة هذه الحساب (الخاص)، وعما إذا كان يتم سداد الروض بالجنيه، أو استرداد مبالغ الضمان الصادرة والمحجوزة في الحساب، وكيفية سداد قرض الكوميسا، وقد ورد هذا دون تفصيل للمبالغ المصروفة والمقابل وتاريخ الصرف والمستندات المؤيدة لذلك،

وفي هذا الوقت الذي تم فيه تحصيل رسوم العبور بالجنيه قامت وزارة النفط بشراء خام من لغير الشركاء بالدولار في عام 2015م بالسعر العالمي، بالرغم من أن نتيجة المراجعة للعام 2014م أثبتت مستحقات للحكومة بلغت (439) مليون دولار لم يتم تحصيلها.. وبعد أن اعتمدت الإدارة العامة للإيرادات والاستكشاف والتقصى مبلغ (332) مليون دولار، عادت مرة أخرى لتصنيف وبعد عام كامل مبلغ (193) مليون دولار استحقاقات للشركاء لنفس الفترة.

الا أن الفوضى تبلغ قيمتها في احتساب عائدات الخام المحلي بواسطة لجنة وصلت الى تقديرات ولم تحدد المبلغ بالضبط وأفصحت عن بلوغ الإيرادات (8.2) مليار جنيه، تم (2.7) مليار لسداد مديونية الكهرباء لحساب شركة النيل للبترول ومبلغ (986) مليون جنيه للوحدات (الاستراتيجية)، دون تعريف هذه الوحدات الاستراتيجية وأين ذهبت موازناتها، وتم استخدام مبلغ (793) مليون جنيه لم يظهر بالحسابات الختامية، وبينما بلغت رسوم عبور نفط الجنوب (1.8) مليار جنيه بنسبة تحصيل (23%) فقط، لم يظهر الحساب الختامي مبلغ (200) مليون دولار رسوم عبور نفط الجنوب للعام 2015م، (208) مليون دولار قيمة خام سلم لمصفاة الخرطوم لا أثر له ولم يدخل الحساب الختامي،

في عام 2016م بلغت رسوم العبور (433) مليون جنيه بنسبة أداء (6%) فقط من الربط البالغ (7.2) مليار جنيه وذلك لعدم المتابعة، ويلاحظ أن الحساب الختامي لم يعكس مبلغ (156) مليون دولار عبارة عن ديون للشركاء، وسداد عيني نفط بمبلغ (331) مليون دولار ولم تظهر (175) مليون دولار عبارة عن استحقاق شركة سودابت وبنك التنمية الصيني، وشراء خام الفولة وهو أمر غير معلوم وغامض..،

وعلى الأقل فإن نصيب سودابت (شركة حكومية)، كان يجب أن يورد لصندوق الإيرادات، إلا أن الحساب الختامي لم يظهر أي مبلغ وردته سودابت، وبعد خمسة عشر سنة لا تزال اتفاقية نفط الفولة سارية، لتشتري الحكومة النفط السودانى بالدولار وبالسعر العالمي، ولدي قناعة أن هذه الاتفاقية منسية عمداً، إذ لا يوجد شبيه لها بين كل الاتفاقيات النفطية ليس في بلادنا فحسب، بل في أي مكان آخر.
بعملية حسابية بسيطة في متاهة الإيرادات البترولية يتضح حجم الأموال الضائعة وبمليارات الدولارات،

فتارة الحساب بالدولار، وتارة أخرى بالجنيه، وفي الحالتين تختفي الإيرادات، ويصرف بعضها على بنود غير واضحة ولا تؤيدها أي مستندات، أما أغرب تصريح عن الإيرادات البترولية فجاء بتاريخ 26 يوليو 2016 (قالت رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان، حياة الماحي للصحفيين عقب اجتماعها مع محمد عوض زايد وزير النفط، إن الوزير قدم تقريراً شاملاً حول ما أورده المراجع العام عن ضياع 960 مليون دولار، وقالت الوزير أوضح أن المراجع لم يراعِ نواحٍ فنية فيما قاله، وإن المبلغ الذي ذكره كبير، بجانب أن وزارة النفط غير معنية بتسلم النقود وإنما براميل، وتذهب الأموال إلى وزارة المالية،

وأشارت إلى أن الوزير ذكر أن المراجع العام تحدث عن دولار في حين يتم البيع بالجنيه). كثيرون اتصلوا بي مشفقين كيف أتحمل عبء هذه المعلومات بزعم إنني أنشر فقط (10%) من المعلومات المتوفرة لدي، ومع معتز نواصل تقليب دفتر الإيرادات البترولية.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى