محمد وداعة

تدهور التعليم..وتطفيش الطلاب!

شهدت الأيام الماضية ما يمكن وصفه بانهيار أسس العملية التعليمية في البلاد، بصورة تدعو للاسى باعتبار أن التعليم هو استثمار طويل الأجل ويعود بالفائدة على الجميع، مع استثناءات، هذه العملية التي كانت تعاني أصلاً من تردي تام في البيئة التعليمية وتخلف في المناهج وضعف الناتج المعرفي والتربوي للطلاب في مرحلة الأساس والثانوي.. أما التعليم الجامعي فسنخصص له مقالة أخرى..
من دون سابق إنذار وعلى غير ما متبع منذ سنوات تم تغيير القيود الزمنية لمنتصف العام الدراسي بتبرير واهٍ يتعلق بالدورة المدرسية وهي نشاط يقام في كل عام ولا توجد مستجدات تتعلق به،

وليس معروفاً بعد السبب في تقديم وقت الامتحانات الفصلية ولأول مرة في تاريخ التعليم يمتحن الطلاب في المرحلة الثانوية (4) مواد في اليوم الواحد.. مما ادخل الطلاب وأسرهم فى حالة طوارئ، أربكت إدارة التعليم طلاب الشهادة الثانوية بإعلان مفاجئ يحول القصائد المقررة(حفظ) إلى (شرح)، ويحول الشرح إلى حفظ بعد انتصاف العام الدراسي، والأمر لايتعلق بالجهد الذي بذله الطلاب في الحفظ حسب المقرر، المشكلة في الوضع النفسي الذي استمر لنحو أسبوع قبل أن تقرر الوزارة تراجعها عن القرار.. وحتى الآن الطلاب لم يبلغوا لا بالقرار الأول، ولا التراجع عنه بصورة رسمية.

المواد المقررة لطلاب الصف الأول ثانوي تبلغ(16) مادة، (16) للصف الثاني و(7) مواد للصف الثالث، لا علاقة لها بمواد الصفين الأول والثانى إلا في ثلاث مواد( اللغة العربية، الرياضيات، الإنجليزي) .. ولا علاقة لها بالعلم والتطور..

طلاب أولى وثانية ثانوي انحنت ظهورهم وهم يحملون حقائب يومياً ذهاباً وإياباً للمدرسة يبلغ وزنها مع الكراسات والأدوات الدراسية حوالي (10) كيلوجرام، وذلك لافتقار المدارس للأدراج التي كانت تحفظ فيها حمولة الحقيبة التي يضطر الطالب لحملها يومياً، ولعدم انتظام جدول الحصص وتغيراته المفاجئة.

بعض المدارس الخاصة والحكومية تقوم بتوزيع الطلاب في فصول متميزة حسب التحصيل الأكاديمي في الامتحانات الشهرية، وتحشد لهم أميز الأساتذة في سبيل تحقيق أهداف تجارية لا علاقة لها بالعملية التعليمية أكاديمياً وتربوياً.. ويلهث الطلاب لإدراك تلك الفصول المميزة ويتسبب ذلك في أزمات وانكسارات نفسية، تلحق الأذى بهم وبأسرهم.

آخر مهازل قرارات وزارة التعليم كانت الأسبوع الماضي، فبعد أن انتهت الامتحانات(4 مواد في اليوم) أعلنت تمديد الفصل الدراسي أسبوعاً آخر، أما كان القرار الصحيح أن تجدول الإمتحانات بطريقة أفضل وهناك أسبوع إضافي كما اتضح ذلك؟ و كيف لها إعادة الطلاب إلى مقاعد الدراسة بعد أن دخلوا في أجواء العطلة..

كان المتوقع بعد انعقاد مؤتمر التعليم في ديسمبر 2013م أن تتحسن البيئة التعليمية على نحو ما قرر المؤتمر، وأن تدار العملية التعليمية بعد تشخيص مشكلاتها، الشاهد أن التدهور والارتجال والقرارات الخاطئة هو سمة السياسات التعليمية،

المؤتمر كان فرصة لإعادة العملية التعليمية إلى مسارها الصحيح على الأقل فيما يتعلق بإصلاح المناهج وإعادة صياغة الأهداف التربوية بعيداً عن إدخال العملية التعليمية في الاضطراب السياسي وهيمنة الحزب الحاكم على التعليم وتحويله الناتج التعليمي إلى أداة للصراع السياسي وخلق بيئة تخيف الطلاب عبر مخاطبات اتحادات المؤتمر الوطني الوهمية والتي لا تظهر إلا في نهاية السنة في محاولة لاحتواء الطلاب الناجحين للجامعات وإقامة حفلات تكريم للمتفوقين منهم، أقل ما يقال عنها أنها إبتزاز رخيص.

لذلك وبغض النظر عن نوايا أية جهة فإنني أرى أن أمر التعليم وهو يهم كل الأسر السودانية لايجب أن يترك لأهواء بعض ذوي المصالح في الإدارات التعليمية، وتواطؤهم مع الحزب الحاكم الذي أفرغ العملية التعليمية من مضمونها الوطني والتربوي على نحو خطير، وحان الوقت لإشراك أصحاب المصلحة وأولياء أمور الطلاب في مراجعة نظم وقوانين التعليم، وتكوين مجلس من أولياء أمور الطلاب في كل مدرسة مع إعطاء صلاحيات المشاركة في الوقوف على البيئة المدرسية والنشاطات المصاحبة،

وتكوين مجلس أهلي للتعليم في كل محلية حتى مستوى الولاية، والحكومة الاتحادية، وبالطبع إعادة النظر في ميزانية التعليم والبدء في عملية إصلاح وإعادة هيكلة للعملية التعليمية برمتها، مع الأسف هذه السياسات الطاردة أوصلت الطلاب لأن يحتفلوا بالإجازة، بعد أن كانوا يحتفلون بالعام الدراسى الجديد، وتجد أحدهم يجر رجليه جراً في الطريق للمدرسة، أيها الناس انتبهوا قليلاً، وأدركوا فلذات أكبادكم قبل فوات الأوان.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى