محمد وداعة

إسلاميون .. سحرة !

بالرغم من الواقع المزري الذي تعيشه البلاد والتدهور المريع الذي ضرب كل القطاعات وأبرزها الوضع الاقتصادي وتزايد تكلفة المعيشة، وانعدام الخبز والوقود والدواء، وانتشار الفساد لدرجة أجبرت غلاة الإسلاميين على الاعتراف به وتقديم بعض كباش الفداء لإيهام الرأي العام بجدية منقوصة لمحاربة الفساد.. الا أن الشعب المغلوب على أمره ظل في حالة صمت وسكون وتوقفت حركة الاحتجاجات المحدودة التي عادة ما ترافق الزيادات في الأسعار وتردي الخدمات مما دفع أحد الزملاء الى محاولة إقناعي بأن الإسلاميين (عاملين عمل ) ويستخدمون السحر في تدجين الشعب السوداني،

وهم يستخدمون السحر الأسود فيما بينهم بالإضافة الى الاستعانة بالفكي، مدللاً على قوله بأن أحد الوزراء الولائيين من منطقة معروفة بصناعة السحر بقى في منصبه لمدة طويلة رغم الانتقادات العنيفة التي يواجهها يومياً، مضيفاً أن إشاعة صاحبت مبارة هلال مريخ في الإمارات شهدت حضور (أنطون) الهلال، بينما عجز فريق المريخ عن إحضار (أنطونه).

لفت نظري حديث منشور للاختصاصي النفسي الدكتور علي بلدو، قال فيه: (إن التكوين النفسي لمعظم القادة السودانيين تكوين هش، وبه قدر عالٍ من عدم الثقة في النفس، والنقص الشديد في مهارات التواصل والإقناع والكاريزما، والتشبث بالكراسي أصاب الجميع دون فرز، وجعلهم يهرعون للمشعوذين، وهذا بدوره أدى إلى شعور بالخوف من فقدان المنصب، بجانب محاولة التعامل مع الأعداء الحقيقيين والمتوهمين في ظل ما وصفها بلدو بحالة (البارانويا السياسية) التي ضربت بأطنابها كل زوايا العمل العام، وأوضح بلدو أن الأعمال والكادوك والسحر وغيرها،

أصبحت من الوسائل المتعارف عليها في معظم الأحزاب والكيانات السياسية في السر أو الجهر، بل وتصرف عليها أموال طائلة، وتؤدي أيضاً إلى الإعفاءات والاستقالات المختلفة والمفاجئة والتي قد تكون بإملاء السحرة والمشعوذين، الذين أصبحوا يشكلون حكومة ظل موازية، بل أكثر حضوراً وتأثيراً في الراهن السياسي)،.

مع احترامي لاجتهادات الزميل في البحث عن أسباب السكون السكوتي للمواطنين وعزوفهم عن الاحتجاج على الأوضاع السيئة التي يعيشونها، وأكيد احترامي لتحليل دكتور بلدو… الا أنني لست من المصدقين لهذه الخزعبلات والأراجيف .. وعلى الأقل نصحت زميلي بعمل بحث علمي يستند على آراء واجتهادات وفرضيات العلوم السياسية والاجتماعية والتغييرات السكانية والجغرافية، ربما توصل الى نتيجة مغايرة.. في رأيي أن عزوف الأكثرية عن الاشتغال بمفهوم العمل العام ربما يعود لتراجع الوعي بالوطن وحدوده،

وانحسار القيم التي يستحثها الوطن في وجدان السودانيين، وتخلف العملية التعليمية التي دفعت بأنصاف المتعلمين الى قيادة المجتمع، ربما يعود ذلك لتراجع دور المثقفين والمستنيرين بسبب الهجرة والاغتراب القسريين .. ولعل البعض كان صادقاً عندما قال إن الإنقاذ استمرت في الحرب واستثمرت في نتاجها لدرجة أصبح التفكير في وضع الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية ترفاً ونزقاً سياسياً لا مبرر له ولا يثير أي اهتمام به .

مع ذلك وبالرغم من توالي الهجرة والاغتراب بمعدل شهري (3,000) سوداني أغلبهم من الخريجين الا أن المراقب يستطيع أن يلمس ازدياد نوعي في وعي شريحة الشباب تجاه القضايا العامة ولو بطريقة مختلفة.. و لعل وسائل التواصل الاجتماعي قربت البعيد فانتشرت المجموعات على الواتساب، و يدور حوار يعتبر جاداً في هذه المجموعات.

آلاف الشباب ينشطون في الأعمال الطوعية والخيرية دون الالتفات الى ضرورة الالتزام السياسي ربما لزهدهم في معترك سياسي لم ينجح ولم يكن له مردود في تعديل كفة التوازن المجتمعي لصالح القيم الكونية فيما يختص بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.. لاحظت أن الأرقام الفلكية للتسويات في قضايا الفساد لفتت انتباه أعداد كبيرة من المواطنين وولدت نقاشاً وقياسات حول تأثير هذه التسويات في ردم فجوة النقد الأجنبي، و تحسين الأوضاع الاقتصادية..

حقيقة هناك مشكلة تستوجب البحث والاستقصاء للوصول الى الأسباب التي تصنف أكثرية المواطنين باللامبالاة، وقلة تبدد طاقتها ووقتها في الاختلاف على الأولويات حتى مرت ثلاثون عاماً حسوماً، فالى متى؟

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى