محمد وداعة

العلاج بالصدمة!

فى مقال الأمس عرضت هدنة في التعامل مع رئيس الوزراء الجديد معتز موسى، وقلت (إنه ليس وارداً الآن والى حين المقارنة بين أداء معتز موسى وزير الكهرباء ومعتز موسى رئيس الوزراء)، ولكن تصريحات رئيس مجلس الوزراء ومقترحاته لحل الأزمة الاقتصادية تحتاج وقفة.

كشف رئيس الوزراء الجديد معتز موسى عن اعتزامه اتخاذ (تدابير اقتصادية قاسية)، وفي دلالة ذات مغزى خرج هذا الحديث من مسجد مجلس الوزراء، ربما لإضفاء بعد ديني للخطاب، وبخلاف إلغاء اتفاق (نافع عقار) الذي خرج من مسجد كافوري بتصريح من رئيس الجمهورية، لا أذكر أن القيادات الحكومية اعتادت على إطلاق التصريحات من داخل المساجد، أو اعتبار مرتادي المسجد من العاملين بمجلس الوزراء هم المعنيين قبل غيرهم بالتصريحات، ولعل رئيس الوزراء كان يريد أن يتعرف على موظفيه، ورسمياً يتم ذلك في المكاتب أو القاعات أو من خلال الاجتماعات.

وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء وجهت العاملين بالمجلس لحضور صلاة الظهر في المسجد، للاستماع إلى خطاب رئيس الوزراء الجديد، والذي كشف خلاله، عن أن الحكومة ستتخذ تدابير اقتصادية قاسية في المرحلة المقبلة، للخروج باقتصاد البلاد إلى بر الأمان، على حد تعبيره، وقال معتز: «أولويات الحكومة الجديدة، تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل، يبدأ ببرنامج صدمة قصيرة الأجل، يهدف إلى معالجة اختلالات معاملات الطلب الكلي وعلى رأسها التضخم وسعر الصرف .»

هذه الإجراءات الصادمة تجعل كثير من الأسئلة تمد عنقها هل ستزيد الأعباء على المواطنين؟، فربما هناك زيادة في سعر الصرف، أو (رفع الدعم المزعوم) عن الدقيق والجازولين، أو زيادة تعريفة الكهرباء، ربما زيادة في الضرائب أو الجمارك، لا سيما وأن مداخلته في مجلس الشورى الأخير والتي قيل إنها أحد أسباب اختياره ركزت على تطبيق إجراءات اقتصادية قاسية، لمعالجة الأزمة الاقتصادية، مؤكداً مطالبته بتحرير اقتصادي كامل دون أي تدخل من الدولة في السوق أو دعم السلع.

اذاً على السيد رئيس الوزراء أن يبدأ أولاً بإخراج الشركات الحكومية من السوق، وهي تعمل بتسهيلات وامتيازات لا تتوفر للقطاع الخاص، ولم تترك الحكومة مجالاً، الا وكونت فيه الشركات، من شركات الوزارات والبنوك والولايات والمحليات، وامتلكت المصانع والمزارع وشركات الاتصالات والخدمات، وحازت على العقارات وشركات الطيران ووكالات السفر، ..الخ

ويبقى السؤال أيضاً هل شجعت تصريحات السيد رئيس الوزراء المضاربين فقفز الدولار جنيهين دفعة واحدة، ليعاود الدولار الأمريكي الارتفاع والصعود أمام الجنيه السوداني مجدداً، بعد أن كان في تراجع، فارتفع سعر الدولار اليوم 46 جنيهاً للبيع، بعد أن كان و 44 جنيهاً يوم أمس، وتوقعات أن يواصل الدولار الارتفاع، بعد أن فشلت سياسة تجفيف السيولة في كبح طموحه.
كان في إمكان رئيس الوزراء اختيار كلمة أقل عنفاً من الصدمة، فالكلمة ارتبطت بصدمات السكري أو الصدمات

الكهربائية التي ستخدم في علاج بعض الأمراض، عموماً بغض النظر عن كونها كلمة مخيفة نأمل أن ينعكس ترويعها على الأزمة الاقتصادية و(القطط السمان) ويخرج المواطن سالماً غانماً وال 400 يوم لناظرها قريبة.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى