صلاح الدين عووضة

عقيم !!

*قريبنا مزمل صديق مر بتجربة فريدة..

*ولما حكاها ضحكت لها طويلاً ؛ فقد مررت بمثلها عدة مرات في حياتي..

*قال إنه أُرسل إلى أهل بيته ليخبرهم بموت عجب..

*وعجب هذا كان أحد (أتباع) جدنا العمدة محمود… وسائق عربته..

*فجرى الطفل سريعاً – مزمل – ليجد النساء يلتهمن أكلة كان يحبها كثيرا..

*وهي بالنوبية (جكَّمسا)… وتنطق أيضاً (جكَّسوريد)..

*فوقع معهن على الصحن يأكل بنهم شديد… ثم ادكَّر بعد أُمَّة..

*وصاح (قالوا العجب مات)… فإذا بالنسوة ينتفضن من الطعام مع صراخ مدوٍّ..

*وانتفض هو لانتفاضتهن… وصرخ لصراخهن..

*وقال إنه إلى الآن (ما فاهم حاجة)… ولا سبب كل تلكم (الأهمية) لوفاة عجب..

*وحين كنت أنا في عمره سمعت الكبار يهمسون بشيء ذات يوم..

*وكان عن مرض (فلان)… ولم أدر لم الهمس..

*وخلال جلسة ضمت كبارنا هؤلاء مع فلان هذا جهرت بالذي كانوا به يهمسون..

*وسألته بصوت عالٍ (قالوا عندك كذا… صحي الكلام ده؟)..

*فانتفض الكبار مثل انتفاضة نسوة دار مزمل تلك… وانتفضت أنا كانتفاضته..

*ثم سمعت من ضروبب العتاب ألواناً… وأشكالا..

*وما زلت إلى يومنا هذا (ما فاهم حاجة)..

*وأيام الثانوي (نجرت) قصيدة أعجبتني… وأعجبت جاري في الفصل..

*فأصر زميلي هذا على (إبهار) أستاذ الأدب العربي بها..

*فذهبنا إليه بها لنبهره… ومن ثم يعم الإبهار كل المدرسة ؛ بمدرسيها وطلابها..

*ولكنه ما أن قرأ منها بيتين حتى أعادها إلينا (مكرفسةً)..

*ثم انتفض صائحاً (إيه الكلام الفارغ ده؟!… انجرّوا على فصلكم… ده شعر عقيم)..

*وانتفضنا لانتفاضته رعباً… (وانجرينا) من أمامه..

*وبعد كل هذه السنين ما زلت (ما فاهم حاجة)… ولا معنى مفردة عقيم..

*فالريح قد يكون عقيما – كما البشر – حسبما ورد في القرآن..

*وهي التي يصفها الحق بأنها (ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم)..

*أي التي لا (تخلِّف) من ورائها شيئا… ولا تُنبت… ولا تُلقِّح..

*ولكن كيف يكون الشعر – أو شعري أنا – عقيماً ؟!..

*وربما قصد الأستاذ أنه شعر لا (يُخلِّف) بنين… وبنات… وحفدةً ؛ من الشعر..

*وقبل فترة سألني صديق إن كنت صاحب قصيدة (حائمة) إسفيرياً..

*ووصفها بأنها قصيدة في غاية الروعة… والجمال… والإبداع..

*فوسوست لي نفسي بأنها قد تكون تلك القصيدة ذاتها التي أغضبت أستاذ الأدب..

*فربما عثر عليها أحدهم (مكرفَّسة) وسط ركام أوراق مدرستنا..

*ورأى فيها ما لم يره أستاذنا ذاك… فبثها في الأسافير..

*ولكني انتفضت حين قال إنها قصيدة سياسية فيها هجاء لاذع لأحد (الكبار جداً)..

*وصرخت : يستحيل أن تكون لي..

*فأنا…..(عقيم !!!).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى