الطاهر ساتي

تصدير الأوهام ..!!

:: (ح نصدر الأطباء والنبق)، أوهكذا وعد وزير المالية الأسبق الشعب ليصبر على ما يفعلون .. ورغم أنهم نجحوا في تصدير الأطباء لحد تجفيف المشافي من الكفاءات، فشلوا في تخفيف أعباء المعيشة على المواطن بعائد صادر الأطباء .. ثم توالت الأوهام المراد تصديرها بغرض تخدير العقول حتى تصبر البطون على الجوع .. وعلى سبيل المثال الأخبر، ما جاء بأخبار الأمس، حيث كشف المدير العام لشركة الكهرباء القابضة عن اتفاق إطاري مع شركة ألمانية لتنقية الرمال بالمتمة وبارا، ثم تصديرها..!!

:: ثم وضح بأن الرمال السودانية هي الأعلى جودة في إفريقيا، وهذه من الخزعبلات التي يطلقونها ثم يصدقونها (وحدهم).. وليست الرمال وحدها، بل أي شيء سوداني هو الأجود والأفضل والأزكى والأطيب في العالم .. وليس مدهشاً أن تكون رمالنا أيضاً هي الأجود في إفريقيا، ولقد ذكر زميلنا الإعلامي عوض إبراهيم عوض في ذات حوار بأن أمريكا أنشأت نظام اللوتري لجذب السودانيين خصيصاً، وذلك لتحسين سلوك الأمريكان بالسودانيين الوافدين – من المدينة الفاضلة – بأخلاق الأنبياء والملائكة..!!

:: ولهذا، ناهيكم عن (رمال حلتنا)، بل لو قُدًر لأحد المسؤولين بأن يتحدث عن نفايات منازلنا وفضلات شعبنا بغرض التصدير أو التصنيع، لتباهى – بكل بلاهة – بأن نفايات منازلنا هي الأفضل في العالم، وأن فضلات شعبنا هي أجود ما تم إفرازها – من السبيلين – في تاريخ البشرية و الكون .. تضخيم أنفسنا وكل ما نملك ثم تقزيم الآخر و ما يملكون، من الأمراض العربية المستوطنة في عقول نخب وساسة بلادنا، وسيظل هذا الداء اللعين يحول بيننا والالتحاق بركب الدول والشعوب الناهضة ..!!

:: إن كانت رمالنا هي الأجود في إفريقيا، فلماذا لم نصدر السيليكون و الزجاج و البورسلين وغيره من المنتجات، بدلا عن تصدير الخام ثم استيراد المنتجات ؟..ولكن ليس في أمر تصدير خام الرمال عجباً، فالبلاد – بعجز السادة وفشلهم – تصدر القطن ثم تستورد الملابس، وتصدر الثروة الحيوانية (كما هي)، أي بجلدها وصوفها وعظمها ولحمها.. وبالمناسبة، كما رمالنا، فإن لحوم مواشينا أيضاً هي الأجود في العالم.. وأرضنا هي الأخصب في الكرة الأرضية، ونيلنا كان ولايزال الأطول و الأعذب في الكون.. وبعد كل هذا، نقترض من الآخرين ــ أو نشحد ــ قوت العام .. !!

:: وبمناسبة خبر تصدير رمال المتمة وبارا (خاماُ)، يجب التذكير بأن رئيس مجلس الوزراء كان قد خاطب أحد مؤتمرات وزارة الثروة الحيوانية – قبل عام إلا قليلاً – بالنص : ( لن نصدر الماشية إلا للهدى فقط، وذلك لعدم إهدار الثروة الحيوانية عبر التصدير الخام)، وتحولت هذه الجملة في وسائل الاعلام إلى أخبار رئيسية، كما خبر تصدير الرمال، وفرح البعض لحد التباهي بأن لحوم مواشينا هي الأجود في العالم، وانها سوف تخرج لحوم الآخرين من الأسواق و..و.. الكثير من التباهي الكذوب .. !!

:: ثم أن ذاكرتنا أوهن من ذاكرة الأسماك..(عام إلا قليلاً)، ولم يسأل البرلمان مجلس الوزراء و وزارة الثروة الحيوانية عن الإجراءات التي نفذتها لتصدير اللحوم حسب الوعد..فالبرلمان يعلم بان تصدير اللحوم لا يتم بذات طريقة تصدير الرمال، بل يتم بإرادة تؤسس مسالخ بمواصفات الجودة الدولية لتحل محل ( الكيري)، أي العشوائيات المسماة – مجازاً – بالمسالخ.. هل تم تنفيذ المسالخ المطلوبة لتصدير اللحوم؟.. فالإجابة (لا).. وعليه، ناهيكم عن اللحوم الجيدة والرمال الأجود، فلو احتكرت بلادنا الماء والهواء، لعجز من نسميهم بالمسؤولين عن استغلالهما لصالح الوطن والمواطن..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى