صلاح الدين عووضة

الأقصى !!

*في البداية نرجع قليلاً لأيام (الدستور)..

*ليس دستور السودان الذي يُوضع – في كل مرة – (تحفةً) جميلة على رف تاريخنا..

*ثم لا يُنفض عنه الغبار إلا حين توشك (الولاية) على الانقضاء..

*وذلك من أجل (مصلحة البلاد العليا)… ثم يُعاد إلى الرف… (زينة وعاجباني)..

*وإنما أعني دورية (الدستور) التي كنت رئيس تحريرها حيناً..

*كانت مجلةً أسبوعية… فجعلناها (الجريدة المجلة)… لتصدر يومياً في (16) صفحة..

*وسعرها كان ضعف سعر الصحيفة آنذاك..

*ورغم ذلك كان متوسط توزيعها اليومي نحو (2500) في العاصمة… دون الولايات..

*وكالعادة ؛ حُورب ناشرها محجوب عروة… فاحتجبت..

*وكان من بين أفراد طاقمها (الفنان) الرائع محمد الحلو… ويقيم بفرنسا الآن..

*كنا نعقد جلسة تفاكر يومية ؛ هو بريشته… وأنا بفكرتي..

*فيتمخض عن ذلك كاريكاتور ساخر… يحتل موقعه أعلى يسار الصفحة الأولى..

*ونهار يوم رأينا أن نجسد ظاهرة العرب الصوتية… رسماً..

*كان ضجيج الصوت – يومها – من القوة بحيث لفت انتباهنا إلى (البراميل الفارغة)..

*إلى الجعجعة التي لا نرى لها طحناً أبداً… على أرض فلسطين..

*إلى الصراخ الذي ينطلق بحده (الأقصى) – منذ سبعين – عاماً صوب (الأقصى)..

*ثم يتلاشى في الهواء حتى قبل أن يتجاوز حدود إسرائيل..

*فكانت الفكرة : عربي خلف منصة… عليها ميكرفونات… أمامه (سلك) الحدود..

*ومن وراء السلك الشائك يهودي… وعلى مقربة منه حمام..

*وتندلق من المنصة ورقة طويلة تتمدد… وتتلوى… وتتكور ؛ تحت قدمي اليهودي..

*واليهودي ينتظر بفارغ الصبر ؛ وبيده مقص..

*ثم يقطع جانباً من هذا (الأدب) الغزير ؛ ويتوجه به إلى (بيت الأدب)..

*وهذا (أقصى) ما يفعله العرب… تجاه القدس و(الأقصى)..

*والبارحة رأيت رسماً كاريكاتورياً ساخراً ذكَّرني برسمنا هذا… وأيام (الدستور)..

*فالعربي يقف أمام اليهودي فاغراً فاه للحد (الأقصى)..

*ويصيح بقضية (الأقصى) ؛ واليهودي يضع مسطرة على فمه يقيس بها اتساعه..

*ثم يقول له ساخراً : أهذا (أقصى) ما عندك ؟!..

*بل هو أقصى ما لدى العرب عموماً… سواءً حيال (الأقصى)… أو أي قضية أخرى..

*فقد اشتهروا بأدب الخطابة… الذي مصيره بيت أدب اليهود..

*يبددون وقتهم في الكلام ؛ بينما تبدده إسرائيل في العمل… والعلم..

*فهذه الدويلة تخصص للتعليم ما يعادل كل الذي تصرفه دول العرب على الأمن..

*فتأمين كراسي السلطة هو كل ما يهم الحكام العرب..

*أما التعليم فلا تصرف عليه إلا ما يساوي بضعاً في المئة من ميزانياتها..

*ولذلك تقول إسرائيل : العرب لا يقرؤون… فإن قرأوا لا يفهمون..

*ولكنهم يفهمون جيداً في (الأدب) الذي يجيدونه..

*أدب الصراخ بالصوت (الأقصى !!!).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى