صلاح الدين عووضة

سحابة صيف !!

*صديقي الشاعر عزمي مولعٌ بالغمام..

*فما من قصيدة له تخلو من مفردة غمام… أو غمامة… أو سحابة..

*وأجمل استخدام لكلمة غمام في قصيدته (حان الزفاف)..

*وذلك حين يصف حال محبوبته ليلة زواجها (والشوق غمام في عيونها طاف)..

*فقد كانت تلكم الأنثى ملهمته الأولى… ومصدر إبداعه..

*وكانت من حسن حظه – وحظنا – سحابة صيف في حياته… وعدَّت…

*فلو إنها أمطرت عليه لأنبتت بنين… وبنات….. ومنغصات..

*ولما لمع في سماوات الإبداع الشعري ببلادنا نجمٌ اسمه عزمي أحمد خليل..

*ولكن لماذا يذكر الغمام في شعره كثيراً… ويعشقه ؟!..

*للسبب ذاته الذي جعل كاتب هذه الأسطر يعشقه… ويذكره في كتاباته كثيرا..

*إنها سماء حلفا التي لا تخلو من الغمام… والسحاب… والركام..

*وقد أشرت مرةً إلى غمامة جميلة أظلتني فجأة… فسميتها (الغمامة ذات الحجاب)..

*فأنا أعشق السحب لذاتها… في سياق عشقي لجمال الطبيعة..

*لا كعشق عزمي الذي يقترن بعشق جمال المرأة..

*الطبيعة بشهبها… وغسقها… ونجمها… وسحرها… وشجرها… وسحبها..

*ومن أقوال الناس : فلان رأى النور بمنطقة كذا..

*أما أنا فلا أذكر أنني رأيت النور إلا يوم أن رأيت ظلال غمام على النيل بنوري..

*كنت طفلاً… وكانت تلك أول ذكرى تُسطَّر في صفحة ذاكرتي..

*فقد تفتح وعيي على جمال غمامةٍ… لا يدانيه جمال معشوقات عزمي..

*ولا أدري ماذا كان سيفعل عزمي هذا إن بقي بوادي حلفا..

*فشمالنا الأقصى يندر فيه الغمام الذي إن أزاح عنه (حجابه) انهمر دمعاً..

*وما زلت أذكر نهار صيف – ببلدتنا – حدثت فيه المعجزة..

*فقد أبصرنا وفد مقدمة (غمامي) يهرع نحونا – عابراً النيل – من جهة الشرق..

*فلم يعره الناس اهتماماً… سحابة صيف وتعدي ؛ قالوا..

*فالمطر – بمناطقنا تلك – شحيحٌ حتى في الخريف…دعك من الصيف..

*ولكن تبع وفد المقدمة – ذا السحابات الثلاث – عارضٌ ممطر…

*وانفتحت أبواب السماء بماءٍ منهمر…استمر من ضحى اليوم حتى أصيله..

*وخلَّف بحيرة ضخمة كانت مصدر سعادتنا…نحن الصغار..

*بل كان يوماً من أجمل أيام حياتي بالبلدة…التي رأيت فيها النور..

*أو بالأحرى ؛ التي لم أر فيها النور إلا بعد سقوط رأسي بأعوام

*وتمنيت لو أنْ لو أبرقت السماء…وأرعدت…وأمطرت….بـ(أجمل) مما فعلت..

*تماماً كما يتمنى عزمي ألا ترحل سحب غرامه سريعاً..

*وجمال الغمامة عندي أشد وقعاً من جمال التي (الشوق غمام في عيونها طاف)..

*ويسألني عزمي – هاتفياً – عن قصائده التي عندي…بصوته..

*فأجيب : ولَّت…(زي سحاب في سماي عدَّى)..

*ثم يسألني عن السودان؛ أحواله…وأوضاعه…وأحلامه…و(جماله)..

*فأقول (سحابة صيف وتعدِّي !!!).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى