تحقيقات وتقارير

الدولار .. ماوراء الارتفاع في السودان

عاود سعر الدولار في السوق الموازي ارتفاعه هذه الايام حتى وصل أمس الى حدود (38) جنيهاً، رغم إجراءات الحكومة التي طبقت في الفترة الماضية والاجتماعات المتواصلة والتوجيهات التي صدرت من لجنة ضبط سعر الصرف برئاسة الرئيس عمر البشير، والتي عقدت أكثر من ثمانية اجتماعات بالقصر الجمهوري لبحث اشكالية ارتفاع الدولار وأدت لإستقرار لأسعاره على مدى الأشهر الماضية ، ويرى خبراء أن الاقتصاد يعاني منذ سنوات من شح وندرة النقد الاجنبي لضعف صادرات البلاد مقارنة بالواردات، دون وضع حلول من جانب الجهات المختصة لمشكلة شح النقد الاجنبي التي القت بظلالها على مجمل الاوضاع الاقتصادية في البلاد، واسهمت في ارتفاع كافة أسعار السلع والخدمات.

 

  • خطوات وسياسات

بدأ سعر الدولار في الارتفاع مجدداً هذه الايام مقابل العملة المحلية (الجنيه)، بعد استقراره في الاشهر الماضية، وطبقت الحكومة في الايام الماضية عدداً من السياسات والضوابط الامنية لخفض سعر الدولار في السوق الموازي، لكن خبراء اقتصاديين قللوا من جدوى سياسات الحكومة في خفض سعر الدولار امام الجنيه، مؤكدين عدم جدوى الضوابط الأمنية والادارية والسياسات لخفض الدولار، وطبق بنك السودان المركزي في الفترة الماضية سياسات لتجفيف السوق الموازي لتقليل السيولة المتداولة في الاقتصاد وضبط وتحجيم الاستيراد، لكن دون حدوث تأثير كبير على سعر الدولار، وبعد عدم تحقيق نتائج للسياسات الاقتصادية لكبح جماع الدولار، توسعت الحكومة في الاجراءات الأمنية في محاولة لضبط السوق الموازي، وشملت الضوابط الأمنية تجريم التعامل مع تداول العملات الاجنبية في البلاد، وتشديد العقوبات على المتعاملين، ولاحقت تجار العملة داخل وخارج الحدود بتهم الاضرار بالأمن القومي والارهاب وغسل  الاموال، وكشفت المتابعات عن اختفاء عدد كلبر من تجار بيع وشراء العملات في الفترة الماضية، لكن أيضاً دون حدوث انخفاض كبير في سعر الدولار بالسوق الموازي.

 

  • تأثيرات الإجراءات

وفي السياق،  أكد تاجر عملة في السوق الموازي بالخرطوم، أن السوق يشهد هذه الايام  زيادة ملحوظة في اسعار العملات الاجنبية مقابل العملة المحلية، وأوضح أن سعر الدولار يبلغ هذه الايام (38,3) جنيهاً، بينما بلغ سعر الريال السعودي (10,3) جنيهات، فيما بلغ سعر الدرهم الامارتي (10,3) جنيهات، ونوه لوجود طلب على حركتي البيع والشراء للريال السعودي تحديداً، لكنه أشار إلى عدم وجود عرض وطلب كافيين في السوق للعملات المختلفة. وأكد التاجر تأثر نشاط السوق بالإجراءات التي طبقت في الفترة الماضية، وقال معظم تجار العملة اتجهوا إلى خارج السودان.

 

  • غياب العرض

ومن جانبه، أكد تاجر آخر في السوق الموازي، تحرك طلب لشراء وبيع الدولار هذه الايام بالسوق، وأشار إلى تقليل الإلتزمات لشراء الدولار في الفترة الماضية لتوقف حركة الاستيراد واستمرار شح السيولة في البنوك، وقال إن استيراد المواد البترولية من الخارج يسهم في زيادة الطلب على الدولار، وكشف عن توقف مضاربات التجار في السوق الموازي، ونوه إلى وجود طلبات قليلة لشراء الدولار من جانب بعض المتعاملين للسفر والاغراض المختلفة، ونبه لتخوف التجار من شراء الدولار لتوقعات بانخفاضه بعد الإجراءات التي طبقتها الحكومة في الفترة الماضية، وتوقع مواصلة الدولار ارتفاعه في حالة فك السيولة،  وعزا ذلك لعودة التجار والمتعاملين مع الدولار إلى الشراء من جديد بتحريك الطلب.

 

  • عدم جدوى

وعلى الصعيد، اعتبر سمير أحمد قاسم – أمين السياسات الاستراتيجية باتحاد اصحاب العمل السوداني – أن سياسة تحجيم السيولة والاستيراد لم تسهم في خفض سعر الدولار، ووصف أن استقرار الدولار في الايام الماضية بأنه مؤقت، وقال إنه سيزول مع مرور الوقت لعدم جدوى سياسة تحجيم السيولة والاستيراد، واشار الى ارتفاع سعر الدولار هذه الأيام حيث تراوح امس في السوق الموازي بالخرطوم في حدود(38-37) جنيهاً وأضاف سمير بأن سياسات بنك السودان بتحجيم السيولة بهدف خفض سعر الدولار اثبتت عدم جدواها، وأوضح أن سياسات بنك السودان ادت الى حدوث عدم ثقة بين المواطن والمصارف واصبح  التوريد النقدي لا يتم عبر المصارف، مما اسهم في بيع بعض السلع بالنقد بسعر اقل من الشيك، واعتبر أن سياسات بنك السودان  أسهمت في اضعاف القطاع الخاص والمصارف.

 

  • رفع الانتاج للصادر

وقطع سمير بعدم خفض سعر الدولار مقابل الجنيه بالسياسات وقال أن خفض الدولار يأتي بزيادة الانتاج والانتاجية من أجل الصادر،  وأضاف بأن صادرات البلاد في حدود (3) مليار دولار، بينما تبلغ قيمة الواردات (7) مليار دولار، وأكد اهمية العمل لتغطية العجز في الميزان التجاري لحدوث استقرار في سعر الصرف لعمل احتياطي في البنك المركزي، وأكد أن زيادة صادرات البلاد تمكن الحكومة من السيطرة على ارتفاع الدولار بالسوق الموازي في اي وقت، ورأى ان الحل الوحيد لخفض سعر الدولار يمكن في زيادة الانتاج والانتاجية والصارات. ولفت سمير الى أننا في السودان اغنياء بمواردنا فقراء في ادارتنا، وقال ان تقوية الجنيه السوداني امام العملات الاجنبية لن يتأتى إلا بزيادة الانتاج وايجاد ثقة بين القطاع الخاص والمصارف وسياسات الحكومة، واضاف : نأمل في حلول جذرية لقضية الانتاج.

 

  • زيادة الطلب

ومن جهته ، وصف الخبير الاقتصادي المعروف د. بابكر محمد توم – عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان- ارتفاع الدولار هذه الايام بالشئ الطبيعي لزيادة الطلب دون وجود عرض، وعزا الارتفاع الى السماح للقطاع الخاص باستيراد المواد البترولية والسماح للمستثمرين باستيراد الاحتياجات المختلفة. واوضح أن اي ارتفاع في سعر الدولار مربوط بسياسة العرض والطلب، وشدد د. بابكر على ضرورة حدوث استقرار وتوازن بين العرض والطلب، ولفت الى أن الطلب في الزيادة مستمرة والعرض في تدن ملحوظ،  واشار الى وجود سفر إلى خارج البلاد لتلقي العلاج وقضاء الاجازات، ودعا الى الاهتمام الكافي بموارد المغتربين بتقديم حوافز جديدة مشجعة، وقال ان المغتربين افضل وسيلة لزيادة عرض العملات الاجنبية في البلاد، ولفت الى فقد البلاد لموارد المغتربين بحسب الرأي العام، ونبه لفقدهم الثقه في النظام المصرفي، وقال إنهم افضل إيراد للسوق الموازي.

 

الخرطوم  (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى