أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

غندور.. هل كان آخر العلاج (الخلع)؟!

 

يقول عنه مُقرّبون إنّه رجلٌ بليغٌ في الحديث، يستطيع أن يقنع العدو والصديق بآرائه، حيث يطلق عليه أصدقاؤه (أب رأي).. فهو ممسكٌ بشعرة معاوية.. يتمتّع بذكاءٍ خارقٍ.. يصفه الأصدقاء بأنه صاحب كاريزما قيادية سحرية جاذبة تجذب الكل إلى آرائه، واستطاع أن يخلق علاقات اجتماعية مُتميِّزة مع اتحادات العُمّال العرب بصورةٍ مُذهلةٍ.. ويجيد التعامل مع ألوان الطيف السياسي والنقابي كافة.. إلى جانب أنّه سديد الرأي ومسموع الكلمة.. كذلك اتّسمت شخصية الرجل بالتواضع.. وأنّه صاحب نكتة شهد له الإعلاميون بأنّه لا يمتنع عن التصريحات كبقية المسؤولين ويتعامل معهم بقدرٍ كبيرٍ من الاحترام.

 

  • طبيب الأسنان البارع

عُمُوماً، كثيرون من الساسة تركوا مجالاتهم التي تَخصّصوا فيها، وأبدعوا في مجالات أخرى مُختلفة تماماً، من بين هؤلاء وزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور الذي تَرَكَ مهنة طب الأسنان وبرع في العمل النقابي والدبلوماسي.

 

وحفلت حياة الرجل بالعديد من الإنجازات العلمية والعملية على الصعيدين المحلي والدولي.. عشق العمل النقابي والسياسي لدرجه تفضيله على المَجال الطِبي.. بالرغم من أنّه ماهر في مجال الطب، فكان طبيباً مُتميِّزاً في مجال طب الأسنان.. رفيق دربه د. مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية الأسبق أول من جنّده للحركة الإسلامية.

 

  • صرخة الميلاد

وأطلق بروفيسور إبراهيم أحمد عبد العزيز غندور صرخته الأولى في مدينة الدويم بالنيل الأبيض العام 1952 ونشأ وترعرع بها، وتلقّى جميع مراحله الدراسية بها، حيث درس الابتدائية بمدرسة بخت الرضا والدويم الريفية والوسطى والثانوية بالنيل الأبيض، ثم التحق بجامعة الخرطوم ونال بها درجة البكالوريوس في طب الأسنان، وحصل على ماجستير في أمراض اللثة في جامعة لندن، وعمل غندور طبيب أسنان بمستشفى الدويم ثم مستشفى الخرطوم، ثم مساعد تدريس بجامعة الخرطوم وعميداً بكلية طب الأسنان جامعة الخرطوم، ثُمّ وكيلاً لذات الجامعة، ثُمّ عميداً لكلية الرازي للعلوم الطبية والصحية، ثُمّ مديراً لجامعة الخرطوم، يجيد اللغة الإنجليزية بطلاقة، وقليلاً من الفرنسية، إلّا أنّه مُتمكِّن في اللغة العربية.

 

  • الحالة الاجتماعية

غندور متزوج من أربع زوجات، ثلاث عاملات، فهو مُتزوِّجٌ من نقابية وطبيبة وربة منزل وسكرتيرته بجامعة الخرطوم.. له ثمانية من البنين وأربع من البنات، اثنتان متزوجتان وولدان متزوجان، ولديه أحفاد من البنين والبنات.

 

  • شعبية جارفة

ظَلّ غندور وزير الخارجية حتى إقالته مساء الخميس الماضي من القياديين البارزين في الحزب الوطني الحاكم والمُقرّبين من رئيس الجمهورية المشير عمر البشير.. وقاد غندور الرجل الذي يتمتّع بشعبيةٍ كبيرةٍ وقُبُول حتى من المُعارضين لنظام الإنقاذ ومنذ تعيينه على رأسها منتصف العام 2015، على الرغم من خَلفيته العلميّة الطبيّة.. وجاء جل خبرته السياسية من عمله في صفوف الحزب الوطني الذي ترأس عدداً من أماناته، ومن بينها أمانة الإعلام وأمانة العلاقات الخارجية، وتدرّج في مناصبه القيادية حتى أصبح نائباً لرئيس الحزب للشؤون التنظيمية ومساعداً للرئيس البشير.

 

اخترق غندور العمل السياسي من خلال العمل النقابي، بدءاً من الروابط الطلابية أثناء فترة الدراسة ومروراً برئاسة الاتحاد العام لأطباء الأسنان السودانيين واتحاد أطباء الأسنان العرب.

كَمَا عمل أميناً عاماً، ثُمّ رئيساً لاتحاد نقابات عُمّال السودان لنحو عقدين ورئيساً لاتحاد نقابات عُمّال شرقي إفريقيا، فضلاً عن رئاسة اتحاد عُمّال إفريقيا.. كما اُنتخب غندور نائباً في المجلس الوطني السوداني (البرلمان) لدورتين.. وفي ديسمبر 2013 عُيِّن في منصب مساعد رئيس الجمهورية، قبل أن يتولى حقيبة الخارجية في التعديل الوزاري الذي أجراه البشير في يونيو 2015.

 

  • رجل المهام الصعبة

ترأس غندور وفد السودان للتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن رفع العُقُوبات التي كانت تفرضها على الخرطوم منذ أواخر التسعينيات.. ورفعت الولايات المتحدة أكتوبر 2017، العُقُوبات الاقتصاديّة والتِّجاريّة المَفروضة على الخرطوم منذ أكثر من 20 عاماً، إلا أنّ واشنطن لم ترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، على الرغم من إشارة مسؤولين أمريكيين إلى أنّ السودان أحرز تَقدُّمَاً في جُهُود مُكافحة الإرهاب وقضايا حُقُوق الإنسان ولم تذكر وكالة السودان للأنباء الرسمية التي نقلت في خبرٍ مُقتضبٍ القرار الجمهوري، أسباب إقالة وزير الخارجية، بيد أنّ الكثير من التقارير أعاد أسبابها إلى تصريحات أدلى بها غندور وُصفت بأنّها اعترافٌ نادرٌ من مسؤولٍ حكومي رفيعٍ بالأزمة المالية التي تُعاني منها الحكومة السودانية.

 

  • الضربة القاضية

وَكَانَ غندور طَلَبَ من البرلمان الأربعاء الماضي مُساعدته الإيفاء باستحقاقات البعثات الدبلوماسية ورواتب الدبلوماسيين السُّودانيين في الخارج، المُتأخِّرة منذ أكثر من سبعة أشهر والتي قدّرها بثلاثين مليون دولار.

 

  • قَرارٌ مُتسرِّعٌ

السفير المُتقاعد الرشيد أبو شامة، يرى أنّ قرار إقالة غندور كان مُتسرِّعاً، خَاصّةً وأنه يحمل رصيداً كبيراً من النجاحات في العمل الدبلوماسي، سَيما إنجازاته في إنهاء  العُقُوبات الاقتصادية المفروضة على السودان التي تجاوزت الـ(20) عاماً، كما أنه كَان يَستعد لقيادة وفد السُّودان في مُفاوضات شطبه من القائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب التي ستنطلق خلال الأيام المُقبلة، ويتابع: “في تقديري أن قيادة الدولة تعجّلت في اصدار القرار، وكان الأجدى بها الجلوس مع وزير الخارجية والسماع لمطالبه التي تخص العاملين معه وليس شخصه”، ويقول: في تقديري أنّ غندور “ما غلطان” وَنَقَلَ الوضع المُزري   للخارجية علانيةً أمام النُّوّاب بعد أن فشلت كل مُحاولاته مع الرئاسة ومجلس الوزراء ووزراة المالية ووصل إلى طريقٍ مسدودٍ مع البنك المركزي، ويضيف أبو شامة أنّ الأزمة الاقتصادية الطاحنة بالبلاد، كل العالم يعرفها، وحتى مسؤولين كبار في الدولة اعترفوا بشُح السيولة والعملات الأجنبية والموارد، ولم يستبعد السفير وجود مُؤامرة داخل الحزب الحاكم تسبّبت في الإطاحة بقائد ربان الدبلوماسية الذي يتمتّع بقبولٍ وشخصيةٍ قويةٍ ونفوذٍ في الداخل والخارج.

 

  • رضاء واسع

الخبير الدبلوماسي والناطق الرسمي للخارجية الأسبق  السفير جمال محمد إبراهيم يباهي بشخصية غندور التي تتمتّع برضاء واسع في الحزب الحاكم والمعارضة ويصفه بالرجل الشفيف والواضح والمقبول من كل الأطراف، كما أنه يُحظى باحترامٍ وتقديرٍ كبيرٍ من الدبلوماسيين في وزارة الخارجية، لكنه لامه على الملفات الكبيرة التي كانت ضمن مهام الخارجية وتحويلها لجهات تابعة للقصر الرئاسي في إشارة للدكتور عوض أحمد الجاز.

واشار إبراهيم الى استقالة غندور التي دفع بها إلى الرئيس البشير في يناير الماضي والتي ظلّت مُعلّقة دون النظر فيها.. وربما الرجل في خطابه أمام البرلمان حاول نقل مُلاحظاته التي تسبّبت قي تلك الاستقالة التي لم ينفها قط.

 

  • إجتماع حاسم

وتقول مصادر أخرى لذات الصحيفة إن اجتماعاً عاصفاً انعقد في مجلس الوزراء صباح الخميس مع غندور بسبب بيانه الملتهب الذي قدّمه أمام البرلمان الأربعاء الماضي، على إثره تمت مشاورات في مجلس الوزراء والحزب الحاكم عجّلت بصدور قرار إقالته مساء الخميس.

غندور هو من أبرز القيادات النقابية منذ التسعينات، وعُرف عنه بأنّه غير مصادم، بحيث يستطيع أن يتفق حتى مع أعدائه، فالرجل يجيد فن المُمكن في التعامل، فهو ماهرٌ في إدارة الحوار.

 

  • تساؤلات

لكن هناك تساؤلات برزت: مَن يجلس على كرسي وزارة الخارجية؟ ويقول مُقرّبون من مراكز اتخاذ القرار إنّ وزير الموارد المائية والكهرباء معتز موسى خبير الاقتصاد والدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية هو الأقرب لهذا المنصب لما يتمتّع به من رصانةٍ وخبرةٍ كبيرةٍ في العمل بالداخل والخارج، لكن فرص السفير محمد الأمين الكارب المرشح أيضاً تكاد تكون ضعيفة، سيما وأنّه عُنصرٌ غير مؤثر في أروقة الحزب الحاكم.

 

بقلم: بهاء الدين عيسى

الخرطوم (التيار)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى