تحقيقات وتقارير

الحريات الصحفية في السودان.. تحذيرات من تفاقم أشكال العنف ضد الصحفيين

بينما كنت أقوم بتغطية موكب 7 نوفمبر في مدينة بحري وجدت مجموعة من عناصر الأجهزة الأمنية تحيط بي وينهالون ضرباً علىّ بعد سقوطي أرضاً، أبرزت لهم هويتي الصحفية، ظناً مني أن هذا يمكن أن يجعلهم يتراجعون عن الضرب والركل، ولكن تفاجأت بعنف أكثر وبشراسة يحسدهم عليها عتاة المجرمين، لم يكتفوا بذلك بل سحلوني، وبعده لم أشعر بشئ والا أنا في معتقل في منطقة المقرن بالخرطوم، هذه واحدة من عشرات الانتهاكات التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية ضد الصحفيين بعد قرارات الخامس والعشرين الموصوفة بالانقلابية، والأدهى أن السلطات النيابية أو القضائية لم تحرك ساكناً في الوقت الذي تزداد فيه وتيرة العنف بكل أشكاله ضد الصحفيين آخرها اعتقال فريق الـ(BBC) العربية في تظاهرات أمس الأول.

تفاقم وضع الحريات
وتتفاقم في السودان وضع الحريات الصحفية والتعبير السلمي والاعتداء الجسدي على الصحافيين والاعتقالات التعسفية، أثناء تغطيتهم للاحتجاجات ضد القرارات التي اصدرها البرهان في صبيحة الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي والتي وصلت إلى حد منعهم من العمل أو مداهمة مقارهم واعتقالهم.

اعتقال فريق الــ (بي بي سي)
كان آخر عملية قمع للحريات أمس الأول باعتقال فريق قناة الـ “BBC” العربية، وقالت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في تقرير أمس إن السلطات السودانية اعتقلت (3) من الصحفيين العاملين بمكتب الخرطوم، خلال خروج مظاهرات مناهضة لاستيلاء الجيش على السلطة، وأضافت الهيئة في تقريرها أن صحفيي الخدمة العربية تم اقتيادهم إلى مكان غير معلوم بالخرطوم، بيد أن السلطات أفرجت عنهم مساءً .

أشكال الانتهاكات
وقبل اعتداء مجموعة من المتظاهرين على الصحفي بقناة الجزيرة عبد الرؤوف طه ، ونهب أمواله حسب ما نشره في صفحته الخاصة بـ “الفيس بوك ” سحبت السلطات الأمنية الترخيص الخاص بعمل قناة “الجزيرة مباشر” بخطاب رسمي صادر من وكيل وزارة الثقافة والإعلام، زعم فيه أن القناة تتناول الشأن السوداني الراهن بطريقة “غير مهنية، تضرب النسيج الاجتماعي بالبلاد وتبث محتوى إعلامياً مخالفاً لسلوكيات وأعراف واخلاقيات المهنة وأدبيات الشعب السوداني”، عدا الزعم بأن بث “الجزيرة مباشر” رافقه بث ألفاظ بذيئة ومقاطع فيديو غير لائقة ومشاهد قديمة، ما يعني مخالفة من القناة لشروط الترخيص، واضرارا بالمصالح العليا للبلاد.

شجب وتحذير
واستنكرت اللجنة التمهيدية لاستعادة نقابة الصحفيين السودانيين اعتقال فريق قناة (بي بي سي BBC) المكون من المنتج محمد إبراهيم والمراسل فراس كيلاني والمصور مارك بونسكي الذين تم اعتقالهم وهم يؤدون عملهم الصحفي في تغطية المواكب السلمية الرافضة للانقلاب بالخرطوم ومنعهم من أداء عملهم ، وحذرت اللجنة من تزايد اعتقالات الصحفيين والمراسلين والمصورين وقالت في بيان لها بأن ما يحدث من انتهاكات ضد الصحفيين يعد مؤشراً خطيراً واستهدافاً واضحاً لحرية الصحافة والإعلام، وأن الاستهداف المُستمر للصحفيين العاملين في وسائل الصحافة والإعلام المُختلفة تزايد منذ انقلاب 25 أكتوبر والتعدي على عددٍ منهم من قبل منسوبي القوات النظامية.
وأعربت اللجنة عن أسفها وتضامنها مع الزملاء الصحفي (عبدالرؤوف طه) والمصور (حسن الطيب) بقناة الجزيرة اللذين تعرضا للضرب والتهديد ونهب ممتلكاتيهما الشخصية والتعدي على معدات عملهما أثناء تغطيتهما لمسيرة مؤيدة ومناصرة للقوات المسلحة وسلطةِ الانقلاب في شارع الستين وسط العاصمة الخرطوم مطلع الأسبوع الجاري ، وطالبت السلطات بوقف هذه الانتهاكات تجاه الصحفيين ومؤسساتهم وكف منسوبيها في القوات النظامية من التعرض للصحفيين ، ودعت الصحفيين إلى إتباع بروتوكولات وآليات الحماية الشخصية التي يتوجب على الصحفي الالتزام بها أثناء التغطيات الصحفية الميدانية.

ممارسة مرفوضة
ورفض عضو شبكة الصحفيين السودانيين أحد ضحايا هذه الانتهاكات الصحفي علي فارساب ما تمارسه السلطات من قمع ممنهج ضد حرية الكلمة والتعبير ، وقال علي: إن ما تفعله الحكومة الانقلابية حسب وصفه خطر يهدد حرية الصحافة والتعبير السلمي ، وأضاف أن شبكة الصحفيين السودانيين تعد تقريراً مفصلاً عن حجم الانتهاكات التي يتعرض لها الاعلاميون وستقدمه للجهات ذات الصلة بحرية الصحافة وحقوق الانسان قبل نشره في كل الاجهزة الاعلامية ، وأعرب فارساب عن قلقه على حياة الصحفيين بعد أن اطلقت السلطات يد الأجهزة الأمنية لتعيث ضرباً وتنكيلاً على الصحفيين ، واستشهد بتجربته المؤلمة في حراك 17 نوفمبر العام الماضي في مدينة بحري وقال : هؤلاء لا رحمة لهم ، وتابع ” إنهم يستهدفون الصحفيين على وجه الخصوص ” وقال: ” كنت اقف مع مجموعة من الثوار تهجمت على شخصي دون الآخرين عناصر من الأمن وانهالوا ضرباً وركلاً وانا ملقى على الأرض وسحبوني مسافة طويلة على الأرض وبعدها تم نقلي الى معتقل في المقرن ورغم الرجاءات بأسعافي وخصوصاً انا مصاب بكسر في يدي لم يستجب أحد من رؤساء القسم أو الافراد ومكثت في المعتقل (4) أيام قبل اطلاق سراحي ، ووصف علي فارساب العنف الذي تمارسه الاجهزة الأمنية على الصحفيين بأنه الأشرس على الاطلاق لم يشاهد مثله حتى في البلدان التي تحكمها انظمة دكتاتورية !!

تقرير – نبيل صالح
الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى