حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: رحيل النوارس..القدال والحلو

للديبلوماسي المعتق ووزير الخارجية الأسبق والأديب المفلق محمد أحمد محجوب رحمه الله، قصيدة بعنوان (مأتم الفن)، أجد أنها توافق تماماً مناسبة فقدنا لعزيزين كبيرين شهيرين بعطائهما الثقافي والأدبي بل والوطني، ذينك هما الشاعر الفذ والمناضل الجسور محمد طه القدال، والقاص والكاتب الصحفي شاعري العبارة عيسى الحلو، طيب الله ثراهما..وبعض أبيات قصيدة المحجوب التي نظمها في رثاء قيثارة الفن السوداني خليل فرح تقول..
غاب في الرمس خليل واستتر شاعر فذ وفنان أغر ملك الحب عليه قلبه ليس في الحب هوان أو ضرر من ينافي طبعه الحب فلا يعرف الشمس ولا يدري القمر علم الناس حجاهم قبلنا إن في الحب حياة للبشر لست هنا في مقام كتابة مرثية لهؤلاء المبدعين الكبيرين، ولا لكي أعدد مناقبهما ومآثرهما واسهاماتهما الابداعية وفي المشهد الوطني، لا لست من أجل هذا أنا هنا، فذلك مما يجيده من هو أقدر وأعرف مني، وانما أنا هنا فقط لأقول ان فقدنا فيهما كبير وكبير جدا، فأن تفقد البلاد شاعر مجيد ووطني غيور مثل القدال لابد أن نحزن ونعلن حزننا للجميع، وأن تفقد البلاد قاص مجود وكاتب مثقف مثل عيسى الحلو لا يجب علينا ان نبكي في صمت، لماذا لأنهما لم يصمتا ازاء قضايانا وهمومنا ومشاكلنا ولم ينزويا داخل ذواتهما، بل جهرا علنا عبر القصيدة والقصة والرواية والكتابة المعبرة والملتحمة بالشارع والجماهير، ولهذا وطالما أنني أجد مساحة أطل منها على الشارع والجماهير، يبقى لزاما علي أن ابكيهما كما تبكيهما الشوارع والجماهير، ولهذا أنا هنا لأقول بضعة كليمات لا تساوي شيئا مقابل ما أبدعاه وانتجاه بما جمل وجداننا واستنطق الجمال بدواخلنا، وبما رسموه من قيم وطنية نبيلة، فقد كتبوا للوطن وغنوا للحبيبة وللتراب والترابلة وللناس، ووثقوا لحياتنا شعرا وقصة ومقال، وجمعوا أنفسنا بين الحلم والحزن وعالجوا جراحاتنا، فكيف بالله لا نحزن ونفجع ونصوت بالصوت العالي عندما يغادرنا حارس من حراس ثقافتنا وشعرنا وغنائنا، ولا ريب أن القدال والحلو من هؤلاء الحراس الأشداء، ولهذا أحبهم الناس كل الناس شيب وشباب أمهات وعمات وأعمام وخالات وخيلان في كل قرى ومدن السودان وبمختلف مستوياتهم وتوجهاتهم وبنوا لهم مساكن دائمة في دواخلهم، نعم أيها المحجوب إن مأتم الفن ظل فينا متواصلا منذ مغادرة خليل فرح، واصبحت المراثي كتابا ضخما والاحزان تتمدد في دواخلنا بلا توقف، وهكذا هو حال الموت الذي يقال أنه نقاد يختار الجياد، فالعزاء فيكم والصبر على فراقكم للشعب السوداني كافة الذي احبكم وودعكم بوفاء وعرفان، لأنكم أهل لذلك والمغفرة والرحمة لكما والعزاء لجملة مبدعي بلادي اتحادات وافراد، شعراء وفنانين وصاحب كل اسهام في تكوين الشخصية السودانية، والصحة والعافية لمن مازالت قلوبهم تخفق بالابداع والجمال..وهكذا دائما ما ترحل النوارس وها أنتما يا قدال ويا حلو ترحلان كما رحل الكثيرون من مبدعي وأعلام البلاد..فسلام عليكما في الخالدين ولا نقول الا ما يرضي الله (إنا لله وإنا اليه راجعون)..

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى