محمد صلاح.. الجانب الخفي في شخصية لا تعرف الاستسلام

أثارت الأيام الأخيرة الحديث عن شخصية محمد صلاح بعد أزمته مع ليفربول والمدرب آرني سلوت بعد مباراة ليدز يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز مطلع الأسبوع الحالي.
وفي مقابلة نادرة مع وسائل الإعلام، شن صلاح هجوماً حاداً على ليفربول وسلوت، ووجه اتهامات للإدارة بمحاولة التضحية به، وتحميله مسؤولية تراجع نتائج الفريق.
وانتقد جيمي كاراغير لاعب ليفربول السابق صلاح، ووصفه بالأناني، حيث يتحدث فقط عندما يمس الأمر موقفه، بينما لم يتحدث عن الفريق، وكيفية التعامل مع النتائج السيئة.
وأفردت “بي.بي.سي” مساحة للحديث عن صلاح، لكن خارج الملعب، وهو الجانب الخفي عن الجماهير.
وربما يبرر حماس صلاح الدؤوب، ورفضه تقديم مستوى أقل من المعروف عنه، أو من زملائه صعوبة تقبله للانتقادات.
وقال يورغن كلوب مدرب صلاح السابق في ليفربول”: “كلنا نتأثر بشكل كبير بماضينا، وكيف تربينا، وأين نشأنا، وصلاح عرف منذ البداية أنه يجب عليه أن يبذل جهداً أكبر من غيره”.
وأضاف: “كان يتطور باستمرار، ولا يتوقف أبداً، فهذه هي عقليته. بعد كل عطلة صيفية، كان يعود بمهارة جديدة، وكان الأمر كما لو أنه أمضى وقته كله يتدرب على نوع معين من التمريرات”.
ملهم للآخرين
اتُهم صلاح بافتقاره للقيادة، لكنه لطالما حثّ الجماهير على بذل المزيد من الجهد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي الأوقات الصعبة، يصفه زملاؤه في الفريق بأنه رجل لا يستسلم وقادر على إلهام الآخرين.
وقال آدم لالانا زميل صلاح السابق في ليفربول: “سيظل يحاول دائماً إثبات خطأ من يشكك فيه. إنه ليس متغطرساً، لطالما كنتُ أروي لأبنائي كيف يتصرف، وكيف لا يبالغ في الفرح في لحظات النجاح، ولا يلوم نفسه كثيراً في لحظات الضعف”.
وأردف: “كنت أنظر إليه فأشعر بالسكينة لشدة هدوئه وسيطرته على الموقف طيلة الوقت، معرفتي بصلاح تجعلني أثق بأنه سيظل مقاتلاً، ويتمتع بالمرونة، ويسعى دائماً لتطوير نفسه”.
الأفضل في كل شيء
خلال المقابلة مع الصحفيين، دافع صلاح عن سجله الحافل، وقارن بين ما يحدث معه وما حدث مع هاري كين قائد إنجلترا، موجهاً ما اعتبره تذكيراً لمن نسوا قدراته.
ربما اعتبر البعض أن حديث صلاح ينم عن غرور، لكنه جيمس ميلنر زميله السابق في ليفربول، نفى ذلك عن قائد منتخب مصر.
وقال ميلنر: “إنه شخص لطيف جداً، بالنظر إلى النجاح الذي حققه، ويلعب وكأنه يحمل في قلبه تحدياً، فهو يريد أن يكون الأفضل في كل شيء، حتى إنه استعان بمدرب شطرنج لتحسين مستواه، وقد تفوق عليّ عدة مرات”.
وتابع: “دائماً ما تكون هناك حاجة إلى شخصيات مختلفة من القادة، وصلاح قائد بارز في هذه المجموعة، من حيث المعايير التي يضعها لنفسه يومياً”.
وتحولت تلك الرغبة الدائمة في أن يكون الأفضل إلى منافسة مع ساديو ماني زميله السابق، والذي لعب معه لخمسة مواسم.
وقال كلوب: “هل كانا صديقين حميمين؟ لا. هل كان بإمكان صلاح تمرير الكرة عدة مرات عندما حاول إنهاء الهجمة بنفسه؟ نعم. لكن على أرض الملعب، كانا يدعمان بعضهما البعض، ويقاتلان من أجل بعضهما البعض”.
إعادة إحياء مسيرته
بعد تألقه في صفوف بازل السويسري، ربما اعتقد صلاح أن أبواب المجد قد فُتحت له بعد انتقاله إلى تشيلسي، لكنه اصطدم بالواقع.
وعانى صلاح لفرض شخصيته وسط فريق مليء بالنجوم المخضرمين، ويقودهم جوزيه مورينيو بنفسه.
وقال مارك شفارتسر زميل صلاح السابق في تشيلسي: “عندما قابلته لأول مرة، كان يبلغ من العمر 21 عاماً، وبدا بريئاً وساذجاً، حيث انتقل إلى لندن، وهي مدينة كبيرة، بثقافة مختلفة، وأعتقد أنه كان خجولاً بعض الشيء”.
وأضاف: “صلاح وجد نفسه أمام خيارين النجاح أو الفشل خاصة في فريق يعج بالنجوم، ومدرب يعد أسطورة بالنسبة للنادي، وكلما فشل في التسجيل، ازداد إحباطه”.
وتابع: “في إحدى المرات، ركل جوزيه طاولة في غرفة الملابس، وصب غضبه على صلاح، فاستبدله، وكان صلاح منزعجاً، لكن يُحسب له عزيمته وإخلاصه”.
وأعاد صلاح إحياء مسيرته في الدوري الإيطالي، حيث انتقل على سبيل الإعارة إلى فيورنتينا، ثم انضم إلى روما، حيث نجح في تكوين سمعة كقائد داخل الملعب”.
وقال ميكا ريتشاردز أحد المدافعين عن صلاح في أزمته الأخيرة: “كان مختلفاً تماماً، فهناك شخصيات تلتزم بالقواعد بحذافيرها، وصلاح كان من هذا النوع، كان ينام مبكراً، ويتناول طعاماً صحياً، وكان يؤمن بقدرته على إثبات إمكاناته للجميع، وأن كل من شكك به سيندم، وهذا ما فعله بالفعل”.
الشرق