آراء

بني إسرائيل في القرآن “2”

كلمة دين في اللغة العربية تأتي بمعنى القانون، وكلمة الديان بمعنى القاضي الذي يحكم بالقانون، ولذلك جاءت في سورة يوسف عبارة (دِينِ الْمَلِكِ) لتعبر عن القانون الدستوري الذي شرعه الملك للحكم به.

قال تعالى: (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) يوسف 76.

والدين عقيدة وشريعة وقوانين وأخلاق: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لأن أَكُونَ أول الْمُسْلِمِينَ) الزمر 11، ولله الدين الخالص: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) الزمر 3، ويعني وضوح الفهم الصحيح لدين الله.

والدين عند الله الإسلام: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإسلام) آل عمران 19، وهو الإيمان بما أنزله تعالى على رسله بلا إضافة على شرعه: (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) الشورى 21.

الإسلام هو الإيمان تسليمًا بوجود الله وباليوم الآخر والعمل صالحًا: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ أمن بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة 62.

فالإيمان بالله هو التسليم بوحدانيته والتصديق بالأنبياء والرسل، وهو بداية الدخول إلى الإسلام، مع العمل الصالح بعد الإيمان تسليمًا بوجود الله واليوم الآخر.

قال تعالى:(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) آل عمران 85، والابتغاء هو البحث عن علم ودراية، كما تأتي مسلم بمعنى مسالم: (أَلاَّ تَعْلُوا على وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) النمل 31.

والنبي إبراهيم هو الذي بدأ تسمية أتباعه بالمسلمين:(وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) الحج 78.

وأسلوب النبي إبراهيم الفكري هو الحنيفية، من خلال المنطق العقلي والاستقراء للواقع والتطور الذي يعتمد على التراكم المعرفي، والحنيفية تعني الوصول إلى حقيقة الدين بالمنطق الاستقرائي، فهي رحلة من الشك والظن إلى اليقين في خطوات فكرية منطقية، المنطق الاستقرائي عند النبي إبراهيم هو تحديد الاحتمالات، وإظهار نقاط الضعف والقوة فيها، واستبعاد ما لا يتوافق مع الواقع.

والحنيفية هي أعلى مراحل التطور الفكري الديني: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ. فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ) الأنعام 76-78.

بدأ النبي إبراهيم بالأجرام السماوية، فرأى في الكواكب أن ليس فيها القدرة على أن تكون رب الكون، وكذلك القمر، ثم الشمس، واستنتج أنها مجرد أجسام تتميز بالضخامة، وأن الله ليس كمثله شيء.

ونتيجة للاستنتاج في هذا المنهج الاستقرائي فقد اعاد النظر في البديهيات، ثم عرض النتائج على العقل والمنطق واستبعد ما لا يطابق المنهج، فالمنهج ضد الشرك بالله، والشرك يقتضي وجود شركاء لهم سلطة التشريع: (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) الشورى 21.

ولذلك أوحى تعالى إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام أن يتبع ملة النبي إبراهيم حنيفًا: (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) النحل 123، والحنيفية هي المنهج العقلي القائم على المنطق للوصول إلى الحقيقة بالفكر وبالدليل.

بني إسرائيل في القرآن “2”

محمد نوار – بوابة روز اليوسف

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
زر الذهاب إلى الأعلى