الغرب غرب والشرق شرق.. هل يلتقيان؟

الموقع الجغرافي للشرق الأوسط جعله أحد مراكز التنافس المحموم الرئيسي بين القوى الكبرى، كما زادت الثروات من أهميته بالنسبة للطامعين، كانت أوروبا بدولها المتعددة هي الطامع الأكبر والمهيمن الأول، إلى أن حلَّت الولايات المتحدة الأمريكية محلها، بعد حربين عالميتين كان الأوروبيون هم مَن تسبَّب فيها وضحيتها في نفس الوقت. وأتاحت الحرب العالمية الثانية فرصة للولايات المتحدة الأمريكية لترث الأوروبيين في مستعمراتهم ومحمياتهم في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط بطبيعة الحال. وتقاسمت مع الاتحاد السوفييتي (روسيا حالياً) أجزاء من أوروبا. مع صعود الصين اقتصادياً وعسكرياً، وانكسار الاتحاد السوفييتي وتمزّقه، واستعادة أمريكا هيمنتها على ما تخلَّى عنه السوفييت في أوروبا، أصبحت الصين القوة العالمية المنافسة لأمريكا، وسعت إلى فرض هيمنتها على أي جزء آسيوي يتاح لها الهيمنة عليه.
ووجد الشرق الأوسط نفسه وسط تجاذبات ما بين أمريكا والصين، بشكل رئيسي.
وأخذت الصين تتحدث عن (الغرب الأوسط)، بينما واصل الأمريكيون والأوروبيون الحديث عن (الشرق الأوسط)، وذلك عندما يتحدث أحدهما عن المنطقة التي نعيش فيها، وتعكس التسمية المختلفة للمنطقة أن الغرب (أوروبا وأمريكا) يعتبرون هذه المنطقة جزءا من الشرق، بينما تشير الصين عبر تسميتها للمنطقة نفسها (الغرب الأوسط) أن الصينيين لا يقبلون أن تكون منطقتنا جزءاً من الشرق، ويعتبرونها (الغرب الأوسط).ودفعني هذا الأمر للتساؤل عن مستقبل المنطقة وسط التنافس الحاد بين أمريكا (الغرب) والصين (الشرق). وتذكرت بهذه المناسبة قصيدة قديمة كتبها «روديان كبلنغ»، وهو بريطاني، وتدور قصة القصيدة على حدود الهند البريطانية عندما كانت مستعمرة (نشرت القصيدة عام 1889، بعنوان الشرق شرق، والغرب غرب ولن يلتقيا)، واستخدم البعض العنوان للقول: إن الشرق والغرب لن يتفقا، بينما تدور القصيدة حول إمكانية الالتقاء. وتحكي القصيدة قصة زعيم محلي شجاع اسمه «كامل»، يسطو على حصان لأحد الضباط الإنجليز، وهو ابن قائد بريطاني رفيع المستوى، الذي يقوم بمطاردة مَن أخذ حصانه حتى يلتقيا وجهاً لوجه. فكان أن أعجب «كامل» بالضابط البريطاني، وأعجب البريطاني بالهندي الشجاع، ويذوب عندها الاختلاف. ويعيد «كامل» الحصان للإنجليزي، الذي يرد على ذلك بتقديم مسدسه كهدية شرف إلى خصمه الهندي، وكعربون احترام. هل ينعكس نبل التعامل في هذه القصيدة القديمة على العلاقات بين الدولتين الكبيرتين، ويؤدي إلى تسمية متفق عليها لمنطقتنا، لا تجعل الاختلاف فيما إذا كان هذا (الوسط) شرقياً أم غربياً متواصلاً؟.الزعيم الصيني، شي جينبينج، يستخدم جملة: «الشرق يصعد والغرب يهبط» عندما يتحدث عن العلاقة مع أمريكا وأوروبا، وإن كان يؤكد للغرب أن «الصين ليست لديها نوايا لتغيير الولايات المتحدة، ولا الحلول محلها».
هل يلتقي الشرق الصيني مع الغرب الأمريكي، ويبتعد صراعهما (القادم) عن منطقة (الوسط)، أكانت (الغرب) أو (الشرق)؟.
عدنان كامل صلاح – جريدة المدينة
