آراء

في ظل حكم ترامب.. العالم على صفيح ساخن

فإنه ما إن انتهت فترة رئاسته الأولى للولايات المتحدة الأمريكية بخيرها وشرها إلا وراح يكيد المكائد للإطاحة بالرئيس الجديد المنتخب بايدن، إلا أن ألاعيبه لم تنطلِ على حملة بايدن التي دعمها اللوبي الصهيوني كالمعتاد، وقبل أن تنتهي ولايته العنصرية إلا وطل علينا دونالد ترامب مرة أخرى بلون بشرته الشُّعلاء ودعونا الله ألا يفوز في الانتخابات، لكن تدخل وكلاؤه مرة أخرى كالمعتاد ففاز بكرسي منصب رئيس أكبر دولة في العالم، ويبدو أن انهيارها وتفكك ولاياتها سيكون على يديه.

المحور الأول: يقول ترامب: (إذا لم تسلم حماس الرهائن في غضون ثلاثة أيام سأفتح عليهم الجحيم) وفي هذه الأثناء والحرب على أشدها في غزة والإبادة الجماعية والتطهير العرقي والأرض المحروقة وسياسة بسط الهيمنة العسكرية بالقوة على أشدها، والمفاوضات (رايحة جاية)، بين الجانبين والوسطاء في رحلات مكوكية لعلهم يجدون حلًا لهذه الأزمة وإنهاء الحرب وتسليم الرهائن والمعتقلين من الجانبين.

وقبل أن تطأ قدمه البيت الأبيض ألا ويطل علينا بتصريحات توسمنا بها وفيها خيرًا، فقال سأنهي الحرب على غزة وسيتوقف الصراع، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فما إن تهدأ الأوضاع قليلًا ويعود النازحون إلى ديارهم، وما إن ينعموا بالهدوء قليلًا، إلا وبمباركته تعود الحرب سيرتها الأولى بحجج مفتعلة ومن افتعلها الصهاينة من أجل تهجير أهل غزة وبسط الهيمنة الصهيوأمريكية عليها، ويزداد الضغط أكثر فأكثر، وتزداد رقعة الخراب والتدمير، وإلى الآن لم يتوقف العدوان بل ازداد ضراوة بتوغل بري بمباركة واشنطن.

نعم فتح الجحيم على أهل غزة من خلال نيرانه وآلياته الفتاكة، لكن لا أحد يحسب أن الله غافلًا عما يعمل هؤلاء الظالمون، فأتاهم الجحيم من حيث لم يحتسبوا، وأتاهم بأس الله ليلًا أو ضحى أو نهارًا وهم قائلون، (فأرسلنا عليهم الريح العقيم)، الأعاصير، الحمم البركانية، الفيضانات فكانوا (كأعجاز نخل منقعر)، وأصبح المشهد مشابهًا لما يحدث في أهل غزة، خيام في الشوارع، فيضانات، تشريد، نيران لا تبقي ولا تذر. صدق الله العظيم (وما يعلم جنود ربك إلا هو)، إلا أنهم لا يتعظون ولا يزالون مستمرون في عنادهم وفي تجبرهم وطغيانهم.

المحور الثاني: سياسات الاغتيالات التي تبنتها إسرائيل لقادة حماس وقادة المقاومة اللبنانية داخل وخارج بلادهم بمباركة أمريكية وتأييد بعض العملاء؛ فما إن ذهب التعيس نتنياهو وألقى كلمته المشئومة في الكونجرس الأمريكي، وقبل أن يعود إلى بلاده وضحت النوايا الخبيثة، فراحت فرق الاغتيالات تنفذ ما هو مطلوب، فبدأوا بقادة المقاومة حماس في لبنان، ولم يكتفوا فراحوا يغتالون قائدها بصاروخ موجه وسط ثكنات الحرس الثوري الإيراني، أي خسة هذه وأي نذالة، ولم يكتفوا بذلك أيضًا، فراحوا يرصدون تحركات قادة حماس في الداخل، وراحوا يصفونهم واحدًا تلو الآخر، ظانين أن أفاعيلهم هذه ستميت القضية، على الرغم من علمهم اليقيني أن الدفاع عن غزة وفلسطين والقدس والمسجد الأقصى عقيدة راسخة في القلوب، وليست فكرة تموت مع موت صاحبها.

المحور الثالث: فرض سياسة الأمر الواقع على دول البيترودولار عن طريق فرض إتاوات بالمليارات بحجة الحماية ومحاولته فرض هذه السياسة على مصر، حتى منذ فترة ولايته الأولى لا يدخر جهدًا في تطبيق سياسة الابتزاز، ابتزاز الدول الغنية كدول الخليج، بدأها بأول زيارة له للمملكة العربية السعودية مبتزًا إياها عن طريق ما أطلق عليه استثمارات دون حياء أو استحياء يطلب بالأمر المباشر إذا أرادوا حماية فليدفعوا لنا نظير حمايتهم، وحاولوا ابتزاز مصر الأبية العصية عليهم، حاولوا فرض سياسة الأمر الواقع عن طريق التلويح بإيقاف المساعدات إذا لم نستقبل أهل غزة مهجرين إلى سيناء، لكن الشعب والقائد قال كلمته لا للتهجير، نعم للإعمار.

ثم ينام ويخيل له خياله أنه الحاكم بأمره فيستيقظ ويوقظنا على قوله “يتوجب على مصر أن تسمح بمرور سفننا مجانًا”، أي سخف هذا، وأي حجة واهية تقدمها، قناة مصر ليست ملكًا لأحد، وإنما هي ملك الشعب المصري الذي حفرها، وقبل أن تملأها المياه ملأتها دماء الشهداء الذين حفروها بعرقهم، ولن يقبل الشعب هذه السخافات.

المحور الرابع: تصعيد الحرب بين روسيا وأوكرانيا من أجل إجبار أوكرانيا على التصالح، وتلك سياسة الخبث والمكر والدهاء، تركيع أوكرانيا وكسر شوكة الاتحاد الأوروبي وكسر شوكة حلف الناتو، وإجبارهم على الحل السلمي للقضية من أجل شراء رضاء روسيا، أو على الأقل ضمان بقاء روسيا صامتة على خروقاته الانتخابية، أو استمرار الحرب وإمداد أوكرانيا بالسلاح مقابل تنازلات يقدمها زيلينسكي رئيس أوكرانيا، بدا ذلك واضحًا من المشادات الكلامية المعلنة بينه وبين ترامب، وما خفي كان أعظم.

المحور الخامس: سياسة فرض العقوبات الاقتصادية على بعض دول أوروبا، وبعض دول جنوب وشرق آسيا، وردود أفعال غير متوقعة، حاولت سياسة ترامب الاقتصادية، من أجل إنعاش الاقتصاد الأمريكي، فرض عقوبات اقتصادية عن طريق العبث بالتعريفات الجمركية على الصادرات والواردات من وإلى أمريكا، مما أدى إلى خسارات فادحة بلغت التريليونات، ليس هذا فحسب، بل ومنعت بعض الدول شراء البضائع الأمريكية وخصوصًا السيارات والمعدات العسكرية؛ مما أدى إلى حالة من الكساد التجاري لهذه الشركات التي تصنع المنتجات، ليس هذا فحسب، بل وأوقفت الصين التعامل بالدولار الأمريكي، وجعلت معاملاتها البنكية بالين الصيني، فكان عاقبة ذلك الخسارة الفادحة لأمريكا.

المحور السادس: انتفاضة الشعب الأمريكي ضد قرارات إدارة ترامب؛ سواء قراراته الخاصة بمواصلة الحرب على غزة لإرغام أهلها على هجرتها، أو ما تحدث عنه من ضرورة قبول دول الجوار بتهجير أهل غزة إلى سيناء أو الأردن، ورفض مصر والأردن هذه الحماقة، فاندلعت المظاهرات تجوب الشوارع أمام البيت الأبيض ونيويورك وواشنطن ونيوجيرسي ولوس أنجلوس منددة بهذه السياسات الترامبية، ليس هذا فحسب، بل وانبرى بعض النواب للدفاع عن أهل غزة، ومطالبة أمريكا بسحب قواتها؛ سواء من غزة أو بوارجها وحاملات طائراتها من البحر الأحمر، ووقف القصف المستمر لمدن اليمن، بل والأمر ازداد خطورة عندما طالب أحد النواب بعزل ترامب من منصبه، وعرضه على لجان طبية للتأكد من سلامته العقلية وسلامة قواه العقلية.

إن مائة يوم مرت على العالم وكأنها مائة عام، من التخبط وانفلات التصريحات، وسيل من القرارات غير المدروسة، جعلت دول العالم في حالة استنفار خشية أي قرار جامح أو عمل أهوج غير مدروس، فقد يفاجئنا بقرار أحمق؛ كاندلاع الحرب العالمية الثالثة، ومن ثم ضرورة ملحة أن تتكاتف جميع دول العالم؛ لإيقاف هذا الترامب عند حده؛ لأن في ذلك تدميرًا لأمريكا أولًا وآخرًا وقبل كل شيء.

د. عادل القليعي – بوابة الأهرام

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
زر الذهاب إلى الأعلى