Site icon كوش نيوز

تضليل الناس.. هل هو جريمة؟

مع أن التضليل ممارسة قديمة يقوم بها ضعاف النفوس في كل مجتمع بشري، إلا أن هذا الجانب اكتسب زخماً كبيراً في عصرنا الحاضر على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع ظهور التقنيات الحديثة، وتحديداً، الذكاء الاصطناعي.

بتنا نرى كثيراً من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث في كل شيء: العلوم، الطب، السياسة، الثقافة، الاقتصاد، التجارة، الهندسة، وبأرقام وتحليل يظهر للناس بأنه عميق وموثق.
وكما هو واضح، فإن من يقف خلف تلك الحسابات يريد اكتساب الجماهيرية، والمتابعين، لذا لا يمانع في تقديم وصفات طبية، أو يعطي رأياً بمشروع هندسي، أو يقدّم تحليلاً للسوق المالية، أو يتحدث في التنمية والاقتصاد والتجارة، أو يتناول قضية ما، بعيدة عنه وعن مجتمعه وبلاده.
نحن نعلم أن هناك حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تحقق جماهيرية، ويتابعها كثير من الناس، تحقق لأصحابها مردوداً مالياً، لذا تجد أن هناك حالة من التكلم الذي يكاد لا ينقطع، ولا يتوقف.
أسهم الذكاء الاصطناعي، تحديداً، في تنامي الجرأة، والتعدي على علوم تخصصية بحتة. في مجال الطب، هناك من ينكر وجود أمراض مزمنة، وهو لم يُنهِ دراسة ما قبل الجامعة، والبعض يصف أدوية لعلاج أمراض مستعصية. وهناك من يعطي ملحوظات وتقييماً لمشروع هندسي ضخم استنزف خمس أو عشر سنوات من التخطيط والرسم من مهندسين متخصصين، ثم يأتي ويقول بأن المشروع خطأ. ولا تنسَ من يحلل السوق المالية، ويدعي أنه متخصص، ويعطي توجيهات، ومَن يقدم نفسه وكأنه اختصاصي اجتماعي، ومرشد وموجه أسري، والكلمات التي يكتبها جميعها أخطاء إملائية. هؤلاء، مع الأسف، يُسهمون في نشر الشائعات، ويقللون من الجهود المعرفية والابتكارية والإبداعية لمن هو متخصص فعلاً، وأمضى سنوات في العلم والبحث، وهؤلاء لا يجدون العقاب، ولا المحاسبة، ولا القوانين التي تحدّ منهم ومن ضررهم.

حالات التضليل على مواقع التواصل الاجتماعي، تطورت واكتسبت زخماً مع دخول الذكاء الاصطناعي، حيث نرى دخول مؤثرات تحاول إقناع الجمهور وإذهال الناس بالصور والأشكال ومقاطع الفيديو، وجميعها مولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وصعب معرفة أنها ذكاء اصطناعي، وعمليات التضليل واسعة وفي مختلف المجالات: السياسة، الاقتصاد، المال والأسهم، الطب، والعلاجات، الهندسة، وبناء المدن والجسور والطرق… إلخ.

هذه الحالة تتطلب تدخلاً واسعاً لعدة جهات قانونية وأمنية وتشريعية وغيرها، للوقوف أمام حالات التضليل وسن القوانين التي تجرّم وتمنع وتحد من انتهاك المعرفة، والتأثير في الناس بالكذب والأحلام والآمال الزائفة.

شيماء المرزوقي – صحيفة الخليج

Exit mobile version