هل دخل الخلاف الجزائري الفرنسي مرحلة العقوبات الاقتصادية؟

دخلت التهديدات الاقتصادية على خط التوتر بين الجزائر وباريس، وذلك عقب أشهر من المد والجزر والفعل ورد الفعل في مسلسل الخلاف المحتدم منذ يوليو 2024 تاريخ إعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، دعم بلاده للسيادة المغربية على الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
ولا يعرف ما إذا كانت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، بشأن العقوبات الاقتصادية على “الجوية الجزائرية” مقدمة لمنحى آخر في هذه الخلافات.
وقال الوزير الفرنسي إنه “لا يستبعد فرض عقوبات جديدة” ضد شركة الخطوط الجوية الجزائرية، كاشفا بالمناسبة اعتزام بلاده “إعداد قائمة بأسماء مئات من الجزائريين “ذوي الملفات الخطيرة”، بغرض إعادتهم إلى هذا البلد المغاربي.
وتأتي هذه التطورات في سياق التصعيد الحاد الذي يميز العلاقات بين البلدين، الذي زادت وتيرته منذ اعتقال الكاتب بوعلام صنصال منتصف نوفمبر الماضي بالعاصمة الجزائرية بتهم ذات صلة بـ”الإرهاب والمس بالوحدة الوطنية”.
القوانين الأوربية والشراكة الجزائرية
وفي تعليقه على المسعى الفرنسي لفرض عقوبات اقتصادية، يرى خبير القانون الدستوري موسي بودهان، أن نصوص الاتفاقيات الثنائية والقوانين الأوروبية “تصب في صالح الجزائر، لاسيما على صعيد حماية المصالح الاقتصادية المشتركة”.
وأشار إلى أن فرض عقوبات دون أسباب وجيهة “سيعرض المؤسسات الفرنسية إلى تحمل أعباء وتكاليف مالية باهضة أمام المحاكم”.
ويشكل الملف الاقتصادي ثقلا هاما في العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا.
وأفاد تقرير لفرانس برس أن المبادلات التجارية بينهما ارتفاعا بنسبة 5,3 بالمئة على أساس سنوي في 2023، لتصل إلى 11,8 مليار يورو، مقارنة بـ11,2 مليار يورو عام 2022.
وقال بودهان، لموقع “الحرة”، إن “أي تصرف قد يفرض على الجزائر من شأنه أن يقابل بمبدأ المعاملة بالمثل، خصوصا في الشأن الاقتصادي، وفق القواعد الديبلوماسية المتعارف عليها.
واعتبر المتحدث أن الحكومة الفرنسية “ماضية الآن في اختراق العديد من المبادئ في علاقاتها مع الجزائر”، مؤكدا أن التهديد بعقوبات اقتصادية “سيكون له تداعيات مالية وقانونية وسياسية على فرنسا نفسها”.
وبلغت قيمة الصادرات الفرنسية إلى الجزائر 4,49 مليارات يورو عام 2023، بينما بلغ إجمالي صادرات السلع الجزائرية إلى فرنسا 7,3 مليارات يورو، وخلال نفس السنة احتفظت الجزائر بمكانتها، بصفتها ثاني أهم سوق للمبيعات الفرنسية في أفريقيا.
وفي مجال المحروقات، فإن لفرنسا استثمارات هامة في الجزائر، إذ توفر منشآتها زهاء 40 ألف وظيفة مباشرة، و100 ألف وظيفة غير مباشرة.
كما استوردت باريس كمية هامة من الغاز الجزائري المسال المصدر في 2024، بلغت 3.26 مليون طن، متجاوزة إسبانيا وإيطاليا.
أورق الضغط “لا تتجاوز” التأشيرات
وأكد المحلل الاقتصادي والمالي مراد كواشي، أن ما يلوح به الطرف الفرنسي من عقوبات اقتصادية هو في الحقيقة “تهديدات إعلامية مجردة من أي حقائق على أرض الواقع”.
ويرى مراد كواشي، في تصريحه لموقع “الحرة”، أن أوراق الضغط الفرنسي “لا تتجاوز قضية التأشيرات التي تثيرها في كل مرة ومراجعة اتفاقيات الهجرة” إذ لا يمكن لباريس وضع مصالحها وشراكاتها مع الجزائر في “مرمى النار”.
واوضح أن الجزائر التي “نوعت” شراكتها مع إيطاليا وإسبانيا والشركات الأميركية والتركية والقطرية في عدة مجالات خصوصا المحروقات، “جردت فرنسا من أي ورقة قوية يمكن أن تضغط بها على الجزائر اقتصاديا”، مضيفا أن أي عقوبات قد يكون لها “أثر عكسي” على المصالح الفرنسية في الجزائر.
عبد السلام بارودي – الحرة